"يحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها فى زَمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون". ما سبق هو نص المادة 71 من دستور 2014 الذي وافق عليه نحو 98% من المصريين، ورقصوا له على نغمات "تسلم الأيادي" أمام لجان الاستفتاء على مواده. وفي نفس الدستور، نظمت المادة 154 إعلان حالة الطوارئ ونصت على: "يعلن رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء حالة الطوارئ، على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورا للعرض عليه، وفي جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس، وإذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ". وتنص المادة 3 من قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، الذي أصدره الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وظل معمولا به طوال 12 عاما من حكمه، وطوال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك على أن لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي مراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها. وكما يتضح من النصوص السابقة، فإن المادة 3 من قانون الطوارئ تصطدم بشكل مباشر مع المادة 71 من الدستور التي حظرت الرقابة والمصادرة على الصحف والمطبوعات إلا في حالة الحرب. ما حدث مع جريدة البوابة من مصادرة عددي الإثنين والثلاثاء لنشرها ملفا صحفيا تطالب فيه بمحاسبة وزير الداخلية على تقصيره في حماية الكنائس تحت عنوان "حاسبوه قبل أن تحاسبوا"، هو إجراء خارج إطار الدستور وحتى قانون الطوارئ، حيث لم يوافق مجلس النواب على إعلان حالة الطوارئ حتى كتابة هذه السطور. وحتى بعد تمرير "الطوارئ"، فإن المادة 3 من قانونها غير دستورية، ولو رفع المتضرر دعوى أمام القضاء الإداري بالطعن على قرار المصادرة وطلب من المحكمة الطعن بعدم دستوريته فستحال إلى المحكمة الدستورية التي ستقضي بعدم دستورية المادة. إن قرارات مصادرة الصحف هي قرارات مخالفة للدستور وعودة مرفوضة للقمع والحصار والتفتيش في الضمائر، وحرية الصحافة ليست ترفا ولا مكافأة للصحفيين، بل هي حق أصيل للمجتمع، والدفاع عنها هو في الأصل دفاع عن حق المواطنين في المعرفة وحق المجتمع في ترسيخ قيم الشفافية ومواجهة كل صور الانحراف والفساد. لذا، فإن تقاعس الجهات والمنظمات المعنية في الدفاع عن حرية الصحافة ومواجهة فرض الرقابة ومصادرة وسائل التعبير هو تخلٍّ عن الشعب والوطن.