حملات مقاطعة السمك غير مفيدة ويجب إيقاف التصدير السمك يصدر لإسرائيل بالدولارات والمواطن المصري يدفع ارتفاع سعره محليًّا "مافيا الزريعة" تهدد الثروة السمكية.. والدولة غائبة فى المراقبة يجب أن تكون نسبة التصدير 20% مقابل 80% للسوق المحلي الاستزراع السمكي يحتاج لدعم الدولة واستغلال 75% من إنتاجه وزير الزراعة يتحدث عن الفلاحين وينسى الصيادين تظل أزمة ارتفاع الأسماك من أكثر القضايا المطروحة على الساحة، خاصة أنها تمس المواطن البسيط الذي كان يعتمد عليها بديلًا عن اللحوم التي لم يعد يعرفها سوى في الأعياد؛ لارتفاعها الجنوني، ولكن شهدت الفترة الأخيرة أرقامًا خيالية لم يعهدها المواطن للأسماك الشعبية، التي وصلت إلى أرقام تتراوح بين 50 و100 جنيه. بكرى أبو الحسن، نقيب الصيادين، يكشف في حواره ل "البديل" أسباب هذا الارتفاع وأزمة الصيادين في ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التي تمر بها البلاد. في البداية ما أسباب استمرار الارتفاع الجنوني لأسعار الأسماك؟ عدة أسباب، أولها صيد الزريعة، فمثلًا هيئة الثروة السمكية في خليج السويس أعطت التصريح ل 13 فرقة صيد زريعة (أي 13 مجموعة من الصيادين) بينما وصل الذين يعملون بالفعل إلى 30 فرقة بشكل غير قانوني، مما أثر هذا الصيد للزريعة على الإنتاج المستقبلي، لأنه يقضى على نموها، وبالتالي على أن كون السمك غذاء اقتصاديًّا يسد العجز في الأسواق. أما السبب الثاني فهو التصدير، حيث شهدت الآونة الأخيرة ظاهرة قيام بعض الشركات والأفراد بجمع الأسماك، في السويس والإسكندرية ومحافظات إنتاج الأسماك، سواء كانت أسماكًا ممتازة أو شعبية أو اقتصادية، وتصديرها. وأين تصدر كل هذه الأسماك؟ ومدى قانونية ذلك؟ يتم تصديرها عن طريق نويبع إلى الأردن في صناديق مجهزة للنقل، ولكن رغم أنه يبدو هذا التصدير رسميًّا؛ حيث يدفع أصحاب هذه الشركات الرسوم المطلوبة، ويحظى بأرباح باهظة؛ لأن الأردن ليست المحطة الأخيرة لبيع السمك، بل يتم توزيعه من خلالها إلى الأسواق المجاورة، على رأسها إسرائيل، ولكن في هذه المرة يحصل المصدرون على الدولارات، إلا أنه يؤدي إلى تقليل نسبة الأسماك المعروضة بالسوق المصري وفقًا لنظرية العرض والطلب. وما هو الحل من وجهة نظرك؟ بكل تأكيد في ظل أزمة الدولار والظروف الاقتصادية لن تتمكن الدولة من استيراد الأسماك لسد عجز السوق المحلى، لذا يجب منع هذا التصدير الذي ترتب عليه غياب الأسماك من أسواقنا المحلية لفترة معينة، أو تحقيق التوازن، وأن تكون نسبة التصدير 20% مقابل 80% للسوق المحلي، ومن ثم تنخفض الأسعار مباشرة. ما هي التحديات التي تواجه نجاح مشروعات الاستزراع السمكي؟ الاستزراع السمكي هو أمل مصر في إنتاج الأسماك، حيث يقدر ب 75% من الإنتاج، ولكن يجب أن يحظى بضوابط ودعم من جانب هيئة الثروة السمكية، بأن تمد أصحاب المزارع القانونية بالزريعة، لأن صاحب المزرعة لن يستطيع أن يجلب أسماكًا في مزرعته بشكل غير قانوني، ولكن أصحاب المزارع القانونية مضارون من عمل المزارع غير المرخصة، الذين أصبحوا يشكلون "مافيا الزريعة"، الذين يهددون الثروة السمكية بصفة عامة. يوجد في السويس 1162 فدان مزارع سمكية قانونية، وهناك مزارع أخرى غير قانونية تحتاج إلى الرقابة. إذن أين دور هيئة الثروة السمكية في حماية الزريعة؟ لن يتم مواجهة "مافيا الزريعة" إلا من خلال تدشين هيئة الثروة السمكية مفرخات سمكية في كل منطقة صيد، من خلال أمهات الأسماك في هذه "المفرخات" التي تعد بمثابة حضانات تضاعف من الإنتاج السمكي، وسوف نستغني تمامًا وقتها عن صيد الذريعة غير القانوني. ولكن ألا يبدو أن الهيئة تعاني من قصور وبطء في حماية الثروة السمكية؟ في الحقيقة ليست مسؤولية الهيئة وحدها، لأن دورها بموجب قانون إنشائها هو التنمية، وتمتلك الهيئة أقسامًا للأبحاث السمكية، بل تستعين بالبحث العلمي والمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد ،ولكن كيف تتأتى التنمية دون مراقبة بيئية للمسطح المائي، في ظل حوادث البترول المتكررة والملوثات التي تلقى من السفن التي تسير بالبحار، فضلًا عن الاستخدام الجائر للمصانع والقرى السياحية، بإلقائها المخلفات الصلبة والعضوية في المسطحات المائية؟ وهو ما يعكس غياب دور وزارة البيئة التي يجب أن تنشر وحدات بحرية وبيئية في البحر؛ لمراقبة هذا التلوث على المسطحات المائية. وما رأيك في حملات مقاطعة الأسماك التي انطلقت في بعض المحافظات؟ لن تصلح مقاطعة الأسماك في المحافظات الساحلية التي يفضل أهلها الأسماك عن الإنتاج الداجني واللحوم، كما أن الصيادين متأزمون ولديهم مشكلاتهم، فالأسماك ليست السلعة الوحيدة التي ارتفع سعرها مؤخرًا، والصياد أيضًا يعانس من ارتفاع أسعار جميع مستلزمات الإنتاج من شباك وحديد وتصنيع مراكب وصنانير وخيوط، وبالتالي أثر على سعر الأسماك. ما هي مشكلات الصيادين التي رفض وزير الزراعة الاستماع إليها ومقابلتهم أكثر من مرة؟ هناك 3 ملايين صياد في مصر، وقطاع الصيد يحتاج إلى رعاية واهتمام وزارة الزراعة وتفعيل دور جهات الثروة السمكية وحل مشكلات الصيادين حتى نحقق زيادة الإنتاج، على سبيل المثال غياب التأمين الصحي والاجتماعي عن الصيادين، وهم في أمس الحاجة إليه؛ بسبب إصابات المهنة الكثيرة من أمراض صدرية وغضروف وغرق، دائمًا ما يتحدث وزير الزراعة عن الفلاحين، وينسى الصيادين، رغم أنهم مسؤوليته أيضًا، ويجب على الدولة تقديم دعم للصيادين لتطوير معداتهم، بل منحهم تعويضات خلال شهور المنع التي تتراوح بين شهرين وثلاثة، والتي تفرضها عليهم، لتغطية التزاماتهم المادية والمعيشية لأسرهم. فالصيادون يعانون من ظروف اقتصادية صعبة، تجبرهم في كثير من الأحيان على مخالفة القانون والصيد في شهور المنع. ولكن الدولة لو منحتهم التعويض، فسوف يعود عليها بالنفع من حيث حماية الثروة السمكية وزيادتها، حيث الصيد في المواعيد الصحيحة. أسباب القبض المتكرر على الصيادين المصريين من دول الجوار السودان وتونس وغيرهما؟ ندرة الإنتاج في مسطحاتنا المائية وارتفاع تكاليف الصيد للمراكب، مقارنة بقيمة الإنتاج الضعيف، مما يجبر الصيادين على الصيد في المياه الدولية، فتجرفهم المياه لحدود دول الجوار، ومن ثم يتم القبض عليهم. ما الرسالة التي توجهها لوزير الزراعة من أجل الصيادين وحقوقهم؟ لا بد من تخفيف القيود على الصيادين، فهناك أربع جهات يتعامل معها الصيادون من هيئة الثروة السمكية وهيئة السلامة البحرية وحرس الحدود والمسطحات المائية، وجميعها تصدر قائمة بالممنوعات والتعليمات للصيادين، منها مثلًا ممنوع الاقتراب والصيد من شواطئ العين السخنة، رغم أنها غنية بأسماك كثيرة، فالدولة تريد الحفاظ على منصات البترول هناك؛ باعتبارها أحد مصادر الدخل القومي، ولكن الثروة السمكية مهمة أيضًا، فلماذا لا يكون هناك سمك بجوار البترول أو السياحة أو خطوط الألياف الضوئية للإنترنت التي تمر بخليج السويس، ويمنع الصيادون من الاقتراب منها أيضًا؟ وأين يذهب الصيادون في ظل قائمة هذه الممنوعات؟ فكل جهة تبحث عن مصلحتها، والصياد هو من يدفع الثمن في النهاية من قوت أسرته.