كتبت:بسمات السعيد- سيد عبداللاه أثارت حملات مقاطعة الأسماك في مختلف المحافظات بعد الارتفاع الجنوني في أسعاره تساؤلات عديدة حول أسباب زيادة الأسعار رغم امتلاك مصر نصيبا وافرا من الشواطئ والمسطحات المائية، حيث وجود البحرين المتوسط والأحمر و11 بحيرة طبيعية وآلاف من مزارع الأسماك. أرجع البعض ارتفاع أسعار الأسماك إلى إقبال المواطنين الكثيف على شرائه بعد العزوف عن شراء اللحوم والدواجن التي ارتفع ثمنها بشكل أصبح فوق قدرة قطاعات كبيرة من المواطنين، مما دفعهم للجوء للأسماك كبديل، وهو ما تسبب بدوره في ارتفاع أسعارها، ومن ثم انتشار الدعوة لمقاطعتها في الإسكندريةودمياط وبورسعيد والسويسوالدقهلية. وفي رأي البعض، يعد تصدير الأسماك إلى الأردن ولبنان وعدة دول أخرى من أهم أسباب الأزمة وارتفاع الأسعار، إذ يقوم بعض التجار المعروفين بتجميع الأسماك من خليج السويس والبحر الأحمر وتخزينها وتمريرها من ميناء نويبع، إلى جانب انتشار البلطجية بميناء "الأتكة" بالسويس حيث يحصلون على الأسماك من المراكب الصغيرة بأسعار رخيصة ثم يسلمونها للتجار لتصديرها، وتقدم طلعت خليل، عضو البرلمان، بطلب إحاطة عاجل لوزير الزراعة للمطالبة بإصدار قرار بوقف تصدير الأسماك نظرا لحاجة السوق المحلي. من ناحية أخرى، تواجه البحيرات الطبيعية أخطارا عديدة منها التلوث وضعف الإنتاج، فضلا عن تقلص مساحاتها، فقد تقلصت بحيرة مريوط بالإسكندرية من 200 كيلو متر مربع عند بداية القرن العشرين، إلى 50 كيلومترا بداية القرن الحادي والعشرين، بسبب التعديات واستصلاح بعض الأراضى بها لاستغلالها في التوسع العمراني، وكانت من ضمن أسباب نقص الثروة السمكية. وتواجه مناطق الصيد في الانفوشي وميامي وأبوقير بالإسكندرية أزمة منذ عدة سنوات بسبب التلوث وإلقاء مياه الصرف الصناعي على مياه البحر وتفريغ بقايا زيوت ومخلفات السفن الكبيرة ببحري والأنفوشي، وإيقاف منح تصاريح تشغيل مراكب جديدة مما جعل معظم الصيادين يهجرون المهنة ويتجهون لتهريب البضائع من الدول المحيطة، وباقي الصيادين اتجهوا إلى الصيد بالكهرباء والصيد بمادة السنيور السامة التي تقتل الأسماك لتطفو على سطح البحر، وبعض المراكب كبيرة الحجم تستخدم الديناميت لتحصل على أكبر كمية من الأسماك مما يؤدي إلى موت الزريعة. وانتشرت في مياه بحيرة قارون مادة الأمونيا السامة بسبب قيام 88 قرية بإلقاء الصرف الصحي المباشر على البحيرة، بالإضافة إلى مصرف "البطس" القادم من محافظتي بني سويف والمنيا الذى يبلغ طوله 168 كم يصب مباشرة في البحيرة. ولم تكن هذه المشكلة الوحيدة التى أدت إلى نقص الثروة السمكية ببحيرة قارون، حيث تقلصت أسماك البلطي والبوري والقاروص وموسى والدنيس بسبب الدودة السوداء "الايزو بودا"، التي يقترب حجمها من الخنفساء وتقوم بالتسلل إلى جسم الأسماك عن طريق الخياشيم وتمتص الدم وتدمر الجهاز التناسلي للسمكة وأصبحت مساحة 55 فدانا من بحيرة قارون بلا أسماك مما حرم مصر من 50 ألف طن سنويا من الثروة السمكية. وقال أحمد الزفتاوي، أحد أعضاء الفريق البحثي المكلف بدراسة بحيرة المنزلة ل"البديل" إن من بين أسباب الأزمة ظهور ما يسمي "بأملة السمك" منذ فترة صغيرة وهى تضر بخمس محافظات التي تطل على بحيرة المنزلة وهي الدقهلية، دمياط، بورسعيد، الإسماعلية، الشرقية، وهي حشرة تصيب رأس السمكة وتسبب لها السرطان، مضيفا أن هذا المرض يرجع للتلوث المتراكم من كثرة الصرف الصحي والصناعي والزراعي ببحيرة المنزلة، خاصة مصرف بحر البقر وهو من أكبر المصارف تلوثا. وكانت سرقة زريعة السمك من أهم أسباب الأزمة، وقال بكري أبو الحسن، شيخ الصيادين بالسويس، إنه برغم الإجراءات التي تتخذها هيئة الثروة السمكية للمحافظة على الزريعة فإنها لم تردع "لصوص الزريعة" الذين يستخدمون "فلايك" صغيرة وشباكا محرمة لنقلها بعد ذلك في سيارات مجهزة ومعدة لذلك ويتم توريدها إلى المزارع بالمخالفة للقانون، وأغلبها يموت أثناء النقل والصيد وهذا يتسبب في غلاء أسعار الأسماك، مشيرا إلى أن أبرز أماكن سرقة الزريعة هى منطقة كورنيش السويس القديم والخور ومنطقة الكبانون وممشى بورتوفيق. وتابع أن هناك لقاء جمعهم بمحافظ السويس وأكد على التواصل مع الجهات المسؤولة لتفعيل وتطبيق القانون للحفاظ على الثروة السمكية ووضع عدة قواعد لتقنين مراسي مراكب الصيد، والتأكيد على الجهات الرقابية وحرس الحدود وهيئة الثروة السمكية ونقابة الصيادين لتنفيذ هذه القرارات بالتنسيق مع أصحاب المراكب واللنشات محذرا صائدي الزريعة من تحويلهم للنيابة العامة. ومع وجود تلك المشكلات بالبحار والبحيرات الطبيعية كان اللجوء إلى المزارع السمكية هو الحلفأصبحت تنتج حاليا ما يقرب من 80% من الإنتاج المحلى للأسماك وخاصة البلطي والبوري، فيما أرجع أصحاب المزارع ارتفاع أسعار الأسماك الأيام الماضية إلى غلاء ثمن العلف ووصول الطن إلى 5 آلاف جنيه، بالإضافة إلى غلاء أسعار الزريعة التى يحصلون عليها من التجار.