أعاد الجدل حول قانون الانتخابات النيابية اللبنانية، الحديث مجددًا عن التحديات التي تواجه الدولة لإجراء الانتخابات في 21 مايو المقبل، لاسيما أن المهلة المحددة لإجرائها في موعدها سقطت، فكان مقرر دعوة الهيئات الانتخابية قبل 90 يوما وهو ما لم يحدث، الأمر الذي طالب على إثره الكثير من النواب والأحزاب السياسية بإنجاز القانون الجديد لتجنب الفراغ النيابي في المرحلة المقبلة. وبعد الانفراجة السياسية التي جاءت بالرئيس ميشال عون إلى قصر بعبدا بعد توافق القوى السياسية والإقليمية، عادت السجالات مرة أخرى بين الأطراف السياسية اللبنانية لتهدد الاستقرار السياسي الذي ساد في الفترة الأخيرة، وسط حديث عن إمكانية تأجيل الانتخابات بعد فشل التوصل إلى إقرار قانون جديد. ومع اقتراب موعد الاستحقاق، لم يتوصل أفراد الطبقة السياسية بعد، إلى صيغة تلائم الأحزاب كافة، ما يطرح علامة استفهام كثيرة حول التحديات التي تواجهها لبنان اقتصاديًا وسياسيًا في المستقبل، إذا لم يتم التفاهم حول صيغة القانون الجديد، وعرض وزير الخارجية والمغتربين اللبناني رئيس "التيار الوطني الحر"، جبران باسيل، صيغة جديدة لقانون الانتخاب، موضحا أن القانون الذي طرحه على الأطراف اللبنانية سيمهد لإقرار مجلس للشيوخ ورئيسه يكون مسيحيا غير ماروني. وأجريت الانتخابات النيابية في لبنان في العقود الماضية بثلاثة قوانين "النسبي، والستين، والأرثوذوكسي"، لكن أقيمت الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2009، على أساس قانون الستين نسبة إلى إقراره في العام 1960، ورغم دعوة بعض الأحزاب إلى الاعتماد عليه مرة أخرى في هذه الانتخابات، على رأسهم حزب المستقبل، إلا أن التيار الوطني الحر وبعض الأحزاب اللبنانية في 8 آذار ترفض القانون لأنه يفقد التمثيل العادل للمكونات اللبنانية. وأكد باسيل بعد إعلانه عن القانون الجديد "تمثيل المكونات اللبنانية كلها هو بقاء للوطن، والإصلاح لا يكون إلا بقانون انتخاب ولا استقرار سياسي وأمني من دونه، لذا نحن أمام إلزامية إقرار قانون جديد وما يجب احترامه هو المناصفة وصحة التمثيل"، مضيفا أن الصيغة القانونية التي طرحها من مجموع خلاصات الأفكار المطروحة كلها، حيث يتم اقتسام المقاعد بالتساوي بين النظامين الانتخابيين الأكثري والنسبى، وهناك قاعدة احتساب بسيطة لكيفية تقسيمها، مشددا على أن هذا النظام لن يربك الرأي العام وكل طائفة ستنتخب نوابها. ويقوم القانون الذي أعده جبران باسيل على أساس المناصفة 64 أكثري و64 نسبي، وينتخب الأكثري على أساس 14 دائرة وتنتخب كل طائفة نوابها، والنسبي على أساس الدوائر الخمس أي المحافظات التاريخية. وفي حال عدم التوافق بين جميع الأفرقاء حول القانون الجديد، فهذا يعني أن الانتخابات النيابية ستؤجل لأجل غير مسمي، وبالتالي هذا الأمر سيسجل ارتفاعاً في البطالة نتيجة عزوف المستثمرين عن المجيء إلى لبنان، لعدم الاستقرار الذي سيحل على البلد نتيجة تأجيل الانتخابات. ويؤكد المراقبون أنه بعيدًا عن التجاذبات السياسية التي تفرض على الواقع اللبناني تأجيل الانتخابات، هناك ملفات إقليمية تؤثر على هذا الموضوع، لاسيما الملف السوري الذي يعد من أبرز المؤثرات الخارجية التي تنعكس بشكل كبير على مستقبل الوضع السياسي في لبنان، وهو ما يؤخر الانتخابات النيابية، فرغم تغاضي جميع الأطراف السياسية عن الضغوط الإقليمية بانتخاب الرئيس ميشال عون، يبدو أن هناك صعوبة لإجراء الانتخابات النيابية قبل الحسم في الملف السوري، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري، مع اقترب الجيش السوري من السيطرة على منطقة دير الزور والرقة.