مفاجأة مدوية فجرتها اللجنة المركزية التابعة لحركة فتح، في اجتماعها الأخير الذي عقدته الأربعاء الماضي، ووزعت فيه اللجنة المهام على أعضائها دون النظر بأي قدر من الاهتمام إلى دور الأسير الفتحاوي في السجون الإسرائيلية، مروان البرغوثي، وعدم تكليفه بأي مهام داخل الحركة، الأمر الذي دفع بعض أعضاء "فتح" المؤيدين للبرغوثي إلى وصف الخطوة ب"مؤامرة" من رئيس الحركة ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لتهميش دور القيادي الفتحاوي، العدو اللدود للكيان الصهيوني. وعُين عضو اللجنة المركزية، محمود العالول، نائبًا لرئيس الحركة، فيما شغل جبريل الرجوب، منصب أمين السر للجنة المركزية، فيما عُين جمال محيسن، مفوضًا للمفوضية التعبئة والتنظيم، كما اختير روحي فتوح، لرئاسة مفوضية العلاقات الدولية، وأحمد حلس، لمفوضية قطاع غزة، وتسلم عزام الأحمد، مفوضية العلاقات الوطنية، وصائب عريقات، لمفوضية المفاوضات، وتولى سمير الرفاعي، رئاسة الأقاليم الخارجية، وعباس زكي، لمفوضية الصين والعلاقات العربية، ومحمد اشتية، لرئاسة المفوضية المالية، بينما اختيرت دلال سلامة، لرئاسة مفوضية المنظمات الأهلية، وترأس توفيق الطيراوي، مفوضية المنظمات الشعبية، وترأس محمد المدني، مفوضية العلاقات مع المجتمع الإسرائيلي، كما تولى إسماعيل جبر، منصب مساعد الرئيس لشؤون المحافظات والشؤون العسكرية، فيما بقي عضوا المركزية حسين الشيخ وصبري صيدم، في منصبيهما؛ الأول وزير الشؤون المدنية الفلسطينية والثاني وزير التربية والتعليم، إلى جانب بقاء مروان البرغوثي، عضوًا في اللجنة دون مهمات. وحاول عضو اللجنة المركزية للحركة، ناصر القدوة، تبرير تهميش الحركة لدور البرغوثي، قائلا إن الأخير لم يحظَ بإجماع أعضاء اللجنة لينال منصب نائب رئيس الحركة، وذكر أن المباحثات أقرت أن تحصل الشخصية التي تتقلد منصب نائب الرئيس على الإجماع؛ لأن التصويت انتقاص من الفكرة الأساسية وهي الدعم الكامل، مضيفًا: حدث توافق آخر لغياب أي داعٍ أن يكون مروان جزءًا من العملية الانتخابية. شعبية البرغوثي تقلق إسرائيل مروان البرغوثي قيادي فتحاوي له تاريخ عريق في خدمة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني، حيث اعتقل من قبل الجيش الإسرائيلي في 15 أبريل عام 2002، من أحد المنازل بمدينة رام الله، وحكم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات و40 عامًا، بعد أن اتهمته إسرائيل بقيادة تنظيم حركة فتح في الضفة الغربية، والمسؤولية عن عمليات مسلحة نفذها الجناح العسكري لحركة فتح "كتائب شهداء الأقصى" خلال انتفاضة الأقصى الثانية، وأدت إلى مقتل وإصابة عشرات الإسرائيليين. ورغم تغيب البرغوثي عن الساحة السياسية جسديًا، إلا أن اسمه بات رمزا وعلامة مميزة في تاريخ النضال الفلسطيني، حيث امتلك الأسير الفلسطيني قاعدة شعبية كبيرة مكنته من نيل أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الداخلية لحركة فتح لاختيار أعضاء اللجنة المركزية، التي جرت في 29 نوفمبر من العام الماضي، بحصوله على 936 صوتًا، ما يؤهله لمنصب نائب الرئيس، في حين حل جبريل الرجوب حينها في المرتبة الثانية ب838 صوتًا. ردود فعل غاضبة تاريخ البرغوثي القتالي والنضالي في صفوف حركة فتح ضد الكيان الصهيوني، دفعت الكثير من الفلسطينيين إلى تأييد وصوله إلى مناصب كبري، حتى إن كثيرين رشحوه لتولي منصب الرئاسة الفلسطينية بعد الرئيس الحالي، محمود عباس، كما توقع آخرون أن يحصل البرغوثي على نصيب الأسد خلال التغييرات التي تحدث داخل حركة فتح، لكن جاء الإعلان عن تهميش دور البرغوثي وعدم إعطائه أي منصب في الحركة ليشكل صدمة ومفاجأة مدوية أشعلت غضب الكثير من المؤيدين له. وقالت فدوى البرغوثي، زوجة الأسير، إن هجومها على اللجنة المركزية لاستبعاد زوجها من منصب نائب رئيس الحركة ليس شخصيًا، بل لأن اللجنة تُصر على اعتماد مروان غائبا رغم كونه الأكثر حضورًا في مواجهة الاحتلال، مضيفة الشعب سيسجل أعضاء اللجنة كأشخاص انصاعوا لتهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في إشارة إلى الغضب الإسرائيلي المحتمل من اختيار البرغوثي لهذا المنصب. وعابت البرغوثي على حركة فتح تهميشها دور الأسرى، مقارنة بتجربتي حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تكريم الأسرى والمحررين، فالأولى اختارت الأسير المحرر يحيى السنوار، لرئاسة مكتب غزة، والثانية اختارت الأسير أحمد سعدات لقيادتها. وفي السياق، وصفت "كتائب الأقصى لواء نضال العامودي" في غزة، ما حدث بأنه إقصاء، مضيفة أنه لا خير في قيادة تُقصي مناضليها، وتستبعد من حافظوا على عزة وكرامة شعبهم الفلسطيني، كذلك، قال اللواء المتقاعد ومحافظ أريحا سابقًا، منذر ارشيد، إن المركزية تجاهلت بشكل فاضح للأسير البرغوثي، فيما كان الأجدر تأكيد مكانته ودوره كقائد حتى بعدما قررت استبعاده، مضيفًا أن التنكر له كأنه توجيه رسالة إلى الاحتلال لإبقائه في غياهب السجن. في إطار الغضب الشعبي الفلسطيني، أعلن مصدر وثيق الصلة بالقيادي البرغوثي، أنه يدرس في سجنه تقديم الاستقالة من اللجنة المركزية للحركة، وقال المصدر ل"المركز الفلسطيني للإعلام" إن البرغوثي أجرى مشاورات مع قيادات فتح في السجون وبالخارج، وتوصل إلى قناعة بأهمية دراسة قرار الاستقالة والبت فيها، مع تأكيده أنه سيواصل خدمة الشعب الفلسطيني في الخارج وداخل السجون، بصرف النظر عن موقعه القيادي، وأشار إلى أنه يتابع الوضع القائم حاليًا. مؤشرات مسبقة المتابع للمؤشرات الأولية الخاصة بالتغييرات داخل اللجنة المركزية ل"فتح"، يعلم مسبقًا أن الأسير الفلسطيني، مروان البرغوثي، لن يحصل على أي منصب أو دور في الحركة، فقبل أيام قليلة من اجتماع اللجنة المركزية الأخير، بدأت تظهر المؤشرات بالأسماء القريبة من تولي المناصب العليا في الحركة، وكان أبرزها اللواء جبريل الرجوب، ومحمود العالول، فيما خفت بريق البرغوثي تمامًا، وهو ما أكدته زوجة القيادي الأسير، حيث أعربت عن استغرابها قبل خمسة أيام من غياب اسم زوجها عن إطار المشاورات. تمهيدا لإقالة الحمد الله على جانب آخر، رأى بعض المراقبين أن التغييرات التي اتخذتها حركة فتح، تنبئ بقرب إزاحة رئيس الحكومة الفلسطينية، رامي الحمد الله، خاصة بعد تعيين عضو اللجنة المركزية محمود العالول نائبًا لرئيس الحركة، واللواء جبريل الرجوب أمينًا لسر اللجنة المركزية، مع الأخذ في الاعتبار أن الرجلين على خلاف مع رئيس الحكومة الفلسطينية منذ سنوات، وكانا من بين القيادات الفتحاوية التي تحفظت على تعيين الحمد الله من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رئيسًا للحكومة عام 2013، حيث يصفه القياديان بأنه "ضعيف بالحكم والسياسة وليس له أي ولاء تنظيمي لفتح". وفي الإطار ذاته، كشفت تقارير سياسية عن تنامي الأصوات داخل قيادة حركة فتح المطالبة بإقالة الحمد الله، وأضافت أن العالول والرجوب اتفقا منذ أسابيع على طرح مسألة إقالته في أول اجتماع للجنة المركزية بعد توزيع المهام، وترجح المؤشرات الحالية إقالة رئيس الحكومة الحالي في سقف زمني لا يتجاوز الشهر من أجل إجراء الانتخابات المحلية المقرر عقدها بداية مايو المقبل في ظل حكومة جديدة لا يرأسها الحمد الله.