خلال الأيام القليلة الماضية، انخفض سعر صرف الدولار أمام الجنيه في البنوك المصرية الرسمية والخاصة، إذ فقد نحو جنيهين من قيمته، وسط ارتباك يسود السوق السوداء، نتيجة توقعات بمواصلة الانخفاض خلال الفترة المقبلة، إلا أن عددا من خبراء الاقتصاد كان لهم رأي آخر، معتبرين أن هذا الانخفاض مصطنع. الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، أكد أن تراجع سعر الدولار أمام الجنيه حدث نتيجة التدفقات الاستثمارية وضعف الطلب على العملة الأمريكية من قبل المستوردين والشركات، وكذلك ارتفاع الاحتياطي الأجنبي ليسجل 26.4 مليار دولار. وقال الشافعي ل"البديل"، إن حائزي الدولار من المواطنين، ومن يجمعونه بغرض الإتجار فيه بدأوا في التخلص منه بعد تراجع سعره منذ نهاية الأسبوع الماضي، خوفا من تكبد خسائر كبيرة، خاصة أن العدد الأكبر منهم اشترى الدولار بعد أن تجاوز سعره 17 جنيهًا، على حد قوله. وأوضح أن كل المؤشرات تؤكد زيادة التدفقات الدولارية خلال الفترة المقبلة ومنها عودة السياحة الروسية والألمانية والدنماركية، وكذلك زيادة حصيلة الصادرات مع قرب انتهاء فصل الشتاء، خاصة من الموالح التى تشهد رواجا كبيرا في الفترة من يناير وحتى يونيو، ومن ثم يرجح استمرار تراجع سعر الدولار. الدكتورة عالية المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقًا، كان لها رأي آخر، إذ قالت في تدوينة عبر حسابها على الفيسبوك: "زي ما سعر الدولار انخفض حيرجع يرتفع تاني، فالانخفاض يرجع لثلاثة أسباب". وأضافت: "حصيلة بيع 4 مليارات سندات دولارية في السوق العالمي عند أعلى سعر عائد، وهو التزام مالي دولي على مصر، القيود على الاستيراد، وهو أمر له مزاياه وعيوبه، ولكنه في نهاية الأمر تدخل في حرية التجارة، لا يمكن أن يستمر إلى الأبد". وتابعت: "تزايد الصادرات زيادة طفيفة وهو أمر جيد ونرجو أن يستمر، إذن الانخفاض في مجمله راجع لسياسات تدخلية مصطنعة فيما عدا السبب الثالث، ومن ثم فإن سعر الدولار سيرتفع مرة أخرى قريبًا ما لم تزد حصيلة الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة بشدة". الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، قال إن غالبية الواردات المصرية تأتي من الصين، وحاليا فالاستيراد من الصين متوقف مؤقتا، إذ إن الصين تحتفل حاليا برأس السنة الصينية، وهو الاحتفال الذي يستمر لمدة شهر كامل يتوقف خلاله الاستيراد من الصين، ويستأنف ابتداء من يوم 15 فبراير. وأوضح الدسوقي، في تصريحات تليفزيزنية، أن فترة توقف النشاط التجاري في الصين تعني أن هناك مليارا ونصف مليار دولار مجمدة تقريبا حتى 15 فبراير موعد انتهاء إجازة الصين، وبعد تلك الفترة سيشهد السوق إقبالا كبيرا على الدولار من أجل استئناف نشاط الاستيراد، مشيرا إلى أنه منذ نهاية فبراير وحتى نهاية مارس سيزيد إقبال التجار على الدولار من أجل استيراد السلع الخاصة بشهر رمضان، ما يتوقع معه زيادة سعر صرف الدولا من جديد. فيما هاجم الخبير الاقتصادي هاني توفيق، البنك المركزي، قائلًا: "إحنا مابنتعلمش، إذا كان المركزي قد استخدم حصيلة السندات الدولارية لخفض قيمة الدولار، فهذا يعتبر خطأ جسيما وتكرارا لأخطاء الماضي". وأضاف، عبر حسابه على الفيسبوك، "مش شايف السياحة رجعت، ولا إيرادات القناة في الطالع، ولا المصريين في الخارج ارتفع عددهم وزادت مرتباتهم وتحويلاتهم، ودولارات البورصة وسندات الخزانة أموال ساخنة ترجع لأصحابها بمجرد طلبها وفي لمح البصر، والاستثمارات المباشرة منتظرة قانون الاستثمار الجديد ليها سنتين دلوقت، فمن أين جاءت الحصيلة الدولارية إذن إلا من إيرادات السندات والقروض". وتابع: "هذا الخفض اصطناعي ونتج عن تحكم البنوك في سعر الدولار، وليس ناتجًا من زيادة الإنتاج والتصدير والاستثمار، ومن ثم زيادة المعروض من الدولار، وأقول مرة أخرى، كنت انتظر استخدام الحصيلة، وبحرص شديد، لكبح جماح الدولار، وليس لتخفيضه جزئيا، ودون أسباب اقتصادية حقيقية".