أصبح الحبس الاحتياطي أشبه باعتقال إداري، يمارس للتنكيل بأصحاب الآراء المعارضة؛ حيث جددت الدائرة 2 جنايات القاهرة اليوم الأحد، حبس الصحفي إسماعيل الإسكندراني، 45 يوما على ذمة القضية، المتهم فيها بالانضمام إلى جماعة إرهابية شكلت على خلاف أحكام القانون والدستور، والترويج لأفكار هذه الجماعة وبث ونشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير السلم العام، بعد أن ألقت قوات الأمن القبض عليه في مطار الغردقة، 29 نوفمبر 2015، أثناء عودته من ألمانيا. وأكمل إسماعيل الإسكندراني 14 شهر في الحبس الاحتياطي، في حين يؤكد فريق الدفاع عنه عدم جدوى الحبس الاحتياطي في قضايا النشر؛ لأنه يتعارض مع مبدأ الأصل في المتهم البراءة حتى ثبوت العكس، فالحبس الاحتياطي مقرر للحفاظ على أدلة الدعوى، وفي هذه الحالة وغيرها لمئات المحبوسين احتياطيا، لا تأثير له في الأدلة، كما أن خروجه لا يؤثر في سير التحقيقات. ويواجه الإسكندراني مصير المصور الصحفي محمود أبو زيد شوكان، فيما يخص الحبس الاحتياطي، خاصة أن الأخير، تم القبض عليه في أحداث فض اعتصام رابعة العدوية، ولم يطلق سراحه حتى الآن، منذ القبض عليه في أغسطس 2013، وبعد تجاوز مدة الحبس الاحتياطي المحددة في القانون "سنتان" مازال شوكان يجدد له الحبس الاحتياطي. استمرار الحبس الاحتياطي للصحفيين عقوبة انتشرت في الآونة الأخيرة، ويعد استخداما من السلطة الحالية للقانون بشكل قمعي وتعسفي ضد الصحفيين، ما يؤكد أن حرية الرأي والتعبير في خطر علي عكس ما يقوله الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن "مصر بها حرية إعلام غير مسبوقة، ولا يوجد أحد في الإعلام والصحافة والتليفزيون ممكن يحجر على رأي حد أو يمنعه، ولم يحدث في المدة التي توليت فيها الحكم أن أحدًا أتحاسب على رأي من الصحفيين والإعلاميين ولا من غيرهم"، بحسب تعبيره. وقال المحامي الحقوقي كريم عبد الراضي، إنه منذ إيقاف العمل بقانون الطوارئ والسلطات المصرية تلجأ لاستخدام الحبس الاحتياطي بديلا للاعتقال الإداري الذي كان سائدا في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وحالتا المصور الصحفي محمود شوكان والأكاديمي إسماعيل الإسكندراني مثالا يوضح كيف تستخدم السلطات الحبس الاحتياطي كوسيلة للعقاب، دون انتظار صدور حكم قضائي. وأضاف عبد الراضي ل«البديل» أن شوكان قبض عليه بسبب عمله الصحفي، وإسماعيل الإسكندراني قبض عليه بسبب آرائه، والاثنان كان مصيرهما واحدا لعدم وجود أدلة على إدانتهما في أي جريمة، لكنهما عوقبا بقضاء فترات طويلة في الحبس مهما كانت قرارات المحاكم التي ستصدر في حقهما. وتابع أن السلطات المصرية تتعمد التضييق على حرية التعبير بشكل كبير، وأغلقت المناخ العام تماماً، وكل من يعبر عن آراء معارضة، أصبح مستهدفا بوسائل عديدة، منها الحبس الاحتياطي، الذي يجب أن يعود لطبيعته. ويرى أحمد بهاء الدين شعبان، أمين عام الحزب الاشتراكي المصري، أن تحويل الحبس الاحتياطي إلى نوع من العقوبة غير المباشرة، تطور سلبي للحريات في مصر، حيث يبدو أنه نوع من الحكم المستتر دون محاكمة عادلة. واختتم شعبان ل«البديل»: «أتذكر في السبعينيات، كان الحبس الاحتياطي يجدد 3 مرات 45 يوما فقط، وبعدها يتم الحكم أو خروج المتهم، ولذلك يجب أن يتم محاكمة المتهم إذا كانت الاتهامات محددة وقاطعة، لكن استمرار الحبس الاحتياطي يعد إخلالا بالقانون».