وصول دونالد ترامب إلي البيت الأبيض يعكس ظاهرة أوسع: عهد جديد للقومية ينضم فيه ترامب إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نارندرا مودي من الهند، وشي جين بينغ من الصين ورجب طيب أردوغان في تركيا وعدد من القادة الوطنيين الآخرين في جميع أنحاء العالم. وفي حين أنه قد يكون من غير المنصف وصف رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بالقومية، إلا أن إعلانها دعم البريكست ( تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) يعكس ضغط القومية الإنجليزية. أما الآن، انتصار ترامب يشعل حماس القوميين عبر الحدود. يقول بول نوتال، زعيم حزب الاستقلال البريطاني، انه "متحمس جدا" بمجيء الرئيس ترامب، كذلك استجاب نائب رئيس الجبهة الوطنية الفرنسية على البريكست بإعلان أن "الاستقلال الفرنسي قريبا". نسيج الاعتماد المتبادل والنظام الدولي الليبرالي هو أكثر تماسكا الآن مما كان عليه، بالرجوع إلي الثلاثينيات. لكن هذا العالم من القوميات المتبادلة المعززة هو عالم مختلف تتآكل فيه كل من القوة النسبية والتماسك الداخلي للغرب. فالتأثير الرادع لحلف شمال الأطلسي لضمان أمن أوروبا يجري تقويضه الآن من واشنطن نفسها. هناك خطر فوري لهذا الاتجاه المغالي. بحكم طبيعتها، القوميات من المرجح أن تصطدم عاجلا أو آجلا. وبالتالي إصرار تيريزا ماي أن بريطانيا ستترك السوق الأوروبية يضعها على مسار تصادمي مع القوميين الاسكتلنديين، الذين لديهم استفتاء رسمي تفيد نتائجه أن اسكتلندا تريد البقاء في الاتحاد الأوروبي – وبالتأكيد في السوق الأوروبية المشتركة. وعلاوة على ذلك، قوميات القرن ال21 توجد في نظام بيئي يتميز بالمتابعة المستمرة لوسائل الإعلام والرقابة الشعبية العامة التي من شأنها أن تزعج الحكام الاستبداديين. حتى الآن أخطر هذه الصدامات المحتملة هو بين الصين والولايات المتحدة. في جلسة تأكيد ترشيحه، قارن وزير خارجية ترامب الجديد، ريكس تيلرسون، برنامج الصين لبناء جزر في بحر الصينالجنوبي بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وقال أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستقول لبكين: "وصولك إلى تلك الجزر لن يتم السماح به". في الوقت نفسه، حذر قائد القيادة الأميركية في المحيط الهادي، الأدميرال هاري هاريس، أن "الهند يجب أن تكون قلقة بشأن النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة". هذا جزئيا هو فقط الرقص المألوف للقوى العظمى المتنافسة على النفوذ مع بعضها البعض ومع أطراف ثالثة. ولكن خطر وقوع مواجهة بحرية أو جوية عرضية في مكان ما في بحار جنوب أو شرق الصين لا يمكن إغفاله. ومن ثم فإن السؤال يصبح: هل ترامب وشي لديهم الحكمة والقدرة السياسية على التراجع عن حافة الهاوية؟ في منتدى دافوس الاقتصادي، تحدث مساعد الرئيس ترامب، انتوني سكارموشي، محاولا إقناع العالم بأن كل شيء يسير على ما يرام وأن "التغيير المدمر لترامب سيكون أمرا إيجابيا في حياتنا". هل توجد احتمالية اندلاع حرب عالمية ثالثة… ربما. لكن المؤكد أننا في طريق خطير ووعر خلال السنوات القليلة المقبلة، وسيكون من الأفضل الاستعداد لذلك. الجارديان