لم يدخل مدرسة، فكان أميا لا يعرف القراءة والكتابة، لكنه استطاع إسعاد الملايين بطلته و"إفيهاته"، حتى حفر اسمه في ذاكرة الجميع، فكانت فرقته علامة مميزة في تاريخ المسرح الحديث. إنه علي الكسار المميز بأدائه الفطري وأسلوبه المرح البسيط الذي مكنه أن يصبح فنانا كوميديا من الدرجة الأولى، ونعيش هذه الأيام ذكرى رحليه، حيث فاضت روحه في الخامس عشر من يناير عام 1957، عن عمر ناهز ال69 عاما، على سرير متواضع "درجة الثالثة" بقصر العيني، بعد صراع طويل مع مرض السرطان والبروستاتا. نشأة متواضعة داخل أحد أحياء مدينة القاهرة وتحديدا بمنطقة السيدة زينب، ولد الكوميديان الراحل علي الكسار، واسمه الحقيقي علي خليل سالم، وقبل أن يدخل عالم الفن والمسرح وينال شهرة كبيرة كان يعمل في مهنة السروجي مع والده، لكنه لم يُجدها، فعمل بعدها في الطهي برفقة خاله. اختلط بالنوبيين وأتقن لهجتهم وطريقة كلامهم، ما ساعده في نجاح دور عثمان عبد الباسط، الشخص الأسمر اللون الذي يعمل في قصور الأغنياء، سواء في الطهي أو سفرجي أو بواب، وكان وقتها لا يتعدى عمره التاسعة عشر عاما، فأحب التمثيل وكان مغرما به لدرجة كبيرة. من طباخ إلى مسرحي ناجح ترك مهنة الطهي واتجه إلى المسرح؛ حيث كونه أول فرقة مسرحية عام 1907، وأطلق عليها اسم "دار التمثيل الزينبي"، ولم تستمر طويلا، لكنه لم ييأس، واتجه إلى فرقة "دار السلام" بحي الحسين، وبعدها انضم إلى فرقة جورج أبيض التي كانت نقلة في حياته الفنية، حيث عرف هناك أمين صدقي. وكون الكسار برفقة صدقي فرقة جديدة تحمل اسمهما "علي الكسار ومصطفى أمين" عام 1916، واشتهر الكسار، ودخل في منافسة نارية مع المسرحي الكبير نجيب الريحاني، الذي كان يؤدي شخصية "كشكش بيه"، ليبتدع الكسار الشخصية النوبية "عثمان عبد الباسط" التي لا مازالت خالدة في ذاكرة السينما. شخصية عثمان البواب أسقطت على النوبيين، وظل الكسار يقدمها في أكثر من 160 مسرحية، في عام 1919، انتقل برفقة الكاتب المسرحي أمين صدقي مع فرقته إلى مسرح "الماجستيك"، وظل يقدمان الأعمال والعروض المسرحية التي نالت شهرة واسعة؛ فكانت من أشهر وأقوى الفرق المسرحية في تاريخ المسرح، فكان يقدم مسرحية جديدة كل ثلاث أسابيع، وكان يتجول بفرقته جميع المحافظات فى الوجه البحرى والقبلي. وانضم بعدها إليهما الموسيقار الشيخ زكريا أحمد، الذي كان بمثابة نقلة كبيرة في فرقة علي الكسار، حيث قدم العديد من الألحان الناجحة والمميزة للفرقة، ولم تقتصر شهرة الفرقة محليا، لكنها حققت نجاحا على المستوى الدولي عندما سافرت إلى الشام، وقدمت عرضا مسرحيا لاقى نجاحا كبيرا وسط ترحيب الجميع، لكن توقف العمل المسرحي بسبب إغلاق "الماجستيك" لخلاف مع صاحبه الخواجة كوستا وقلة المسارح آنذاك. أعماله المسرحية كان يكتب للكسار كبار المؤلفين المسرحيين، أمثال أمين صدقي، وبديع خيري، وحامد السيد، ومن أعماله "ألف ليلة وليلة، محطة الأنس، غفير الدرك، عثمان وعلي، علي بابا والأربعين حرامي، نور الدين والبحارة الثلاثة، سلفني تلاتة جنيه، الساعة 7، يوم في العالي". إغلاق المسرح يفتح أبواب السينما كانت أزمة إغلاق مسرح "الكسار" بالقاهرة سببا في اتجاهه إلى السينما، فكانت أول أدواره السينمائية بفيلم "بواب العمارة"، وكانت هذه المحطة الأكثر ربحا بعد المسرح، حيث انتشر اسمه واحتل مكانة كبيرة ومتميزة، واستغل المنتجون نجاح شخصية "عثمان" واستنسخوها في السينما. وبلغ رصيد الكسار فى السينما ما يقرب من 40 فيلما، تدور حول الخادم البربري، منها "بواب العمارة، علي بابا والأربعين حرامي، سلفني 3 جنيه، ألف ليلة وليلة، نور الدين والبحارة الثلاثة، رصاصة في القلب، عثمان وعلي، محطة الأنس، التلغراف، الطنبورة، أمير الانتقام".