تعاني مئذنة المتولي الأثرية الموجودة بمنطقة القيسارية في مدينة جرجا جنوب محافظة سوهاج، والمتبقية من جامع المتولي الذي تهدم بسبب فيضان نهر النيل قبل بناء السد العالي، إهمالا شديدا من وزارة الآثار، رغم مناشدات وخطابات فرع هيئة الآثار الإسلامية والقبطية في سوهاج بضرورة ترميمها. وتظهر الشروخ والتصدعات في أجزاء من المئذنة، فضلاً عن تأثر الجزء العلوي منها بعوامل الجو الطبيعية، خاصة أمطار فصول الشتاء التي تعاقبت عليها منذ سنوات، في ظل تقاعس وزارة الآثار وعدم الاهتمام بها على الإطلاق، رغم أنها من المآذن التي يرجع طرازها المعماري للعصر العثماني. واقتصر اهتمام مسؤولي الآثار بالمحافظة فقط على التأكد من استمرار غلق باب المكان الذي يحيط بالمئذنة، دون النظر في ضرورة ترميمها أو فتح بابها للزوار على وضعها الحالي حتى ولو أمام السياحة الداخلية بدلاً من هجرها، وبسبب إهمال "الآثار" للمئذنة والمكان المتواجدة به، تحولت لخرابه ومكان مهجور يخاف منه المارة خاصة في أوقات الليل. وقال مصدر بهيئة الآثار الإسلامية والقبطية في سوهاج – طلب عدم ذكر اسمه- إن وزارة الآثار لا يوجد بها أموال للترميم، خاصة بعد تراجع السياحة في السنوات الأخيرة، مضيفا أن وزارة الآثار لا تولي أي اهتمام بالآثار الإسلامية المنتشرة بالمحافظات، سواء سوهاج أو غيرها، متابعا: «يجب علي مسؤولي الهيئة بسوهاج تنظيف المئذنة من الأتربة التي علقت بها علي مر السنوات الطويلة الماضية، سواء من الداخل علي السلالم أو من الخارج والمكان المتواجدة به، وفتحها أمام السياحة الداخلية من طلاب الجامعات والمدارس». والمئذنة بنيت بالطوب الآجر، بالإضافة إلي الحجر والخشب في بعض أجزائها، وتتكون من ثلاثة طوابق، فضلا عن الجوسق الذي يحمل قمتها، والطابق الأول منها مسقطه مربع مبني بالآجر، ويلاحظ استخدام الروابط الخشبية لإحكام بناء الطابق ثلاث مرات على هيئة إطار يدور بدوران جوانبها الأربعة وعلي ارتفاعات مختلفة، بحيث تتوزع هذه الأربطة على ارتفاع هذا الطابق منقسمة إلى أربع مناطق. وترتكز المئذنة على قاعدة مربعة الشكل، مشيدة بالآجر، ويوجد في نهايتها بالجانب الجنوبي فتحة معقودة تؤدي إلى سلم المئذنة الذي يصعد منه إلى طوابقها العليا، حيث يتوسطها من الداخل عمود مركزي مبني بالآجر، يدور حول سلم المئذنة الذي ينتهي إلى شرفتها في الطوابق العليا، ويلاحظ أن الجزء العلوي من هذا الطابق تميل جوانبه إلى الداخل، بحيث تقل المساحة المربعة لهذا الطابق من أجزائه العليا عن القاعدة. وجامع المتولي الذي لم يتبق منه سوى المئذنة، انشأه الأمير محمد أبو السنون، أحد أجلّ حكام جرجا في حدود المائة الثامنة، والجامع جدد عام 1180 هجرية / 1766 ميلادية، حيث تخلف من التجديد بعض كتابات كانت على يمين المحراب بخط الجلي نصها "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وتحتها كتابة أخرى بخط ذي قطع أصغر نصها "اللهم اغفر لكاتبه عبد الباقي سنة 1180 هجرية"، وطغى البحر علي بعض الوحدات المعمارية التي كانت ملحقة بالجامع من الجهة الشرقية كالميضأة وبيوت الخلا والساقية والمكتب وكذلك الجدار الجامع الشرقي للجامع نفسه، ما أدى إلى تداعي البناء وتعطل الشعائر بالجامع، فظل مهجوراً حتى سنة 1319هجرية حتى تهدم، وتمت إزالته سنة 1947 هجرية، وأنشئ في موضعه معهد جرجا الديني.