فكرة هذه الجولة في معالم القاهرة.. انطلقت من الساحة الضخمة المطلة علي برج بيزا المائل..عندما سألني شاب ايطالي بانجليزية ركيكة: الا تشعر بالفخر لوجودك هنا أمام هذا الأثر العظيم؟.. فأجبته علي الفور: بل أشعر بالعار.. انتم حولتم خطأ مهندس فاشل.. إلي أعجوبة يقصدها ملايين السياح كل عام.. قصة فشل بدأت عندما استعانت كاتدرائية بيزا بأحد اعظم المهندسين لبناء برج لجرس الكاتدرائية.. وعندما وصل البناء الي الطابق الثالث بدأ المبني يميل نتيجة خطأ في اختبار التربة.. وفشلت محاولات اصلاح الميل بتغيير مركز ثقل الطوابق الخمسة الاخري.. فأين الابداع في ذلك؟. قلت لمحدثي: أشعر بالعار لأن لدينا من الاثار ما يتضاءل امامها هذا البناء المجسد للفشل.. ليتك تزور القاهرة لتشاهد العاصمة الوحيدة في العالم التي تستحق وصف المتحف المفتوح. القاهرة الزاهرة العامرة.. حاضرة المكان واعجوبة كل الازمان.. الجولة في معالمها الرائعة الشامخة تحتاج الي شهور وربما اعوام.. نستهل رحلة جديدة في ربوعها بزيارة جامع الحاكم بأمر الله الذي بدأ بنائه في عهد العزيز بالله الفاطمي سنة 989م وأكمله ابنه فنسب إليه. توالت صروف الزمان علي المسجد وأصابه زلزال1303م بتلف شديد فتهدم كثير من العقود والأكتاف الحاملة لها وسقط السقف.. واستمر اهماله الي ان تم ترميمه واعادته الي حالته الاولي في عهد الرئيس الراحل أنور السادات. يبلغ طوله 120,5 متر وعرضه 113 مترا وفي نهايتي واجهته البحرية "الشمالية الغربية" توجد المئذنتان ويحيط بهما قاعدتان عظيمتان هرميتا الشكل.. وتتركب كل قاعدة من مكعبين يعلو أحدهما الآخر والمكعب العلوي موضوع إلي الخلف قليلا فوق السفلي ويبلغ ارتفاع الأخير ارتفاع أسوار الجامع وتبرز من كل من المكعبين العلويين مئذنة مثمنة الشكل.. وفي منتصف هذه الواجهة البحرية وبين المئذنتين يوجد مدخل الجامع الأثري.. يغطيه قبو اسطواني عرضه حوالي 4 أمتار وطوله 6 أمتار وفي نهايته باب معقود بعقد أفقي من الحجر ويوجد في المدخل عن اليمين وعن اليسار بقايا نقوش بديعة. ومن جامع الحاكم إلي قصر الأمير بشتاك الذي يعد نموذجاً فريداً للعمارة المدنية في العصر المملوكي.. يقع بشارع المعزبالقاهرة الفاطمية.. وأنشأه الأمير سيف الدين بشتاك الناصري أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون.. وقد أوشك علي الانهيار بعد زلزال 1992.. وتم إصلاحه بالاشتراك مع معهد الآثار الألمانيو يعود تاريخ إنشائه إلي عام 1339م. للقصر 3 واجهات: الرئيسية بالجهة الشمالية الغربية مطلة علي شارع المعزوتتكون من 3 طوابق بها مشربيات مزينة برسومات هندسية آية في الجمال.. والثانية تقع شمالية شرقية وتطل علي درب ترمز.. وبها عدد من النوافذ المغطاة بأجنحة معدنية وبوابة تؤدي للقصر.. والثالثة جنوبية غربية تطل علي حارة بيت القاضي. يتكون القصر من طابقين.. الأرضي به قاعة واسطبلات ومخازن وغرف الخدم.. والعلوي يضم قاعة الاحتفالات وغرف النوم.. وكان يحتوي طابقا ثالثا للحريم لكنه تهدم. القاعة الرئيسية يتقدمها سطح مكشوف وكلها مغطاة بالرخام في أشكال هندسية جميلة.. والأسقف خشبية تتدلي منها وحدات إضاءة فريدة.. ومن مكوناته أيضا..الإيوان الشرقي الذي يمتاز بمشربياته الخشبية.. والغربي الذي يحوي نوافذ جصية معشقة بالزجاج الملون.. والشمالي والجنوبي ويحوي كل منهما أعمدة رخامية ذات قواعد وتيجان علي الطراز الإسلامي. ونصل إلي باب زويلة الذي يعود إلي سنة 1092م ويعرف باسم بوابة المتولي ويتكون من كتلة بنائية ضخمة عرضها25.72 متر وعمقها 25 مترا وارتفاعها24 مترا عن مستوي الشارع.. يتكون من برجين مستديرين يتوسطهما ممر مكشوف يؤدي الي باب المدخل.. والثلث العلوي من البرجين عبارة عن حجرة دفاع يغطيها قبو طولي يتقاطع مع قبو عرضي غير أن مهندس جامع المؤيد شيخ فكر في استغلال كل من البرجين كأساس المئذنتين للجامع فلجأ الي ثقب الجزء الاوسط من اقبية كل من الحجرتين وشيد قاعدتي المئذنتين فوق الكتلة المسطحة مباشرة ثم ارتفع بالمئذنتين..وقد تم ترميم الباب بالتعاون مع خبراء امريكيين واعيد افتتاحه في سبتمبر 2003. وقد قام المؤيد شيخ في القرن الخامس عشر ميلادية ببناء مسجد أدي إلي إغلاق أحد المدخلين.. وأقام المؤيد أيضاً المأذنتين اللتين تشكلان الان أبرز معالم البوابة فوق البرجين اللذين كانا يشرفان علي البوابتين.. وقد سمي الباب باسم زويلة نسبة الي قبيلة زويلة المغربية التي سكنت بالقرب من المكان اثر الفتح الفاطمي لمصر. وهناك اعتقاد سائد بين العامة في المنطقة بأن روح المتولي التي تحمل البوابة ايضا اسمه تسكن المصراع الشرقي للباب حيث عرف عنه انه يظهر في عدة صور مختلفة وهو من الاولياء الذين كان الناس يطلبون مساعدته.. ويقولون أيضاً أن باب المتولي نسب إلي شيخ تناولت كراماته حكايات مثل الأساطير منها أنه كان يطير من القاهرة إلي مكة ويعود دون أن يراه أحد.وكان الناس يقصدونه للتبرك وتلبية الحاجات.. ومن أهم القطع الاثرية التي مازالت موجودة في البوابة القارب الخشبي الملون المعلق فوق باب زويلة . وكان يعتقد بأنه قارب الخير والبركة الذي ينطلق منه المتولي بلا انقطاع ويفيض بخيره علي كل من يعبر البوابة.