انتهت وزارة الصحة والسكان والشركات، قبل أيام، من إعداد القوائم النهائية لما يقرب من 4 آلاف و216 صنفًا دوائيًا (شريحة أولى)، تمثل 15% من الأصناف المحلية التي تشملها الزيادة الجديدة على الأسعار، والتي يتم تطبيقها قبل نهاية الأسبوع الجاري. في غضون ساعات قليلة، سوف يتم تحريك أسعار الدواء للمرة الثانية في أقل من عام، بعد موافقة وزارة الصحة على الزيادة، ما يزيد من أعباء المواطنين، خاصة في ظل غياب قانون التأمين الصحي الشامل الذي تعرضت مسودته الأولية إلى 14 تعديلا، وفي انتظار عرض الصيغة النهائية خلال الأسابيع المقبلة على مجلس النواب. "البديل" طرحت على عدد من الصيادلة والمهتمين بمجال الدواء سؤالا حول زيادة الأسعار، ومدى إمكانية حل أزمة النواقص، وحول الأدوية منتهية الصلاحية التي تتراكم في المخازن يومًا بعد يوم حتى تجاوزت أسعارها ال500 مليون جنيه.. قال محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن النواقص تجاوزت ألفي صنف دوائي من بينها 165 دواء دون بدائل، وهي سابقة لم تتكرر منذ التسعينيات نتيجة سلسلة القرارات العشوائية التي تم اتخاذها خلال الشهور الماضية، وعدم إلزام شركات الأدوية التي حددت أصنافها الجديدة قيد الزيادة بسحب المرتجعات"Expire" من الصيدليات. وأضاف فؤاد ل«البديل» أنه لن يتم التسعير لأي شركة لها أدوية منتهية الصلاحية في السوق المصري حرصا على سمعة الدواء وتطهير السوق المحلي وشركاته من ناحية، وتخفيض الكميات المخزنة من الأدوية والمرتجعات داخل الصيدليات من ناحية أخرى. أزمة البيع بسعرين وتابع مدير المركز المصري للحق في الدواء: سوف تظهر خلال الأسابيع المقبلة أزمة أكبر، تتمثل في تزايد قوائم الأدوية المُسعرة بالسعر القديم، مستطردا: "في مايو الماضي، بعد زيادة أسعار الدواء مازال هناك بضاعة مُخزنة مُسعرة بالأسعار القديمة لم يتم الانتهاء منها، وكذلك سوف تتكرر الأزمة في فبراير ويوليو المقبلين، وهذه سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ أي دولة بالعالم، وعددها يزيد على 50% من الأصناف الدوائية، سوف تزيد من الأزمات بين المواطنين والصيادلة. كما أن البيع بسعرين، القديم والجديد المُتفق عليه بين الوزارة والشركات وغرفة صناعة الدواء سوف يقع الضرر المادي الأكبر على السلاسل الكبرى وشركات التوزيع، بحسب الدكتور ياسر خاطر، عضو مجلس نقابة الصيادلة، الذي أكد أن ضرره سيطول أيضا الصيدليات المتوسطة والصغيرة؛ لأنهم لن يستطيعوا أن الصمود أمام تلك الزيادات الكبيرة في حالة إذا باعوا ما عندهم بالسعر القديم، ومن ثم، سيحتاجون إلى زيادة رأس المال. أصحاب الصيدليات الصغيرة يصرخون عدد كبير من الصيادلة قرروا تنفيذ إضرابهم الجزئي منتصف الشهر الجاري بسبب التسعيرة الجديدة وعدم تنفيذ بنود القرار الوزاري القديم رقم 499 لسنة 2012، في الوقت الذي تخزن فيه بعض السلاسل الكبرى أدوية بالملايين خلال الأسابيع الماضية حتى تطرأ عليها زيادة فبراير المقبل. أصحاب الصيدليات الصغيرة يتضررون من القرار الوزاري كذلك نتيجة غياب المخزون الدوائي لديهم، موضحين أن المخازن هي المتسبب الأكبر في تصاعد واستمرار أزمة الدواء حتى الآن. يقول الصيدلي يسري الشطيري، إن الدواء تحول إلى تجارة وبيزنس في أيدي أصحاب الشركات والسلاسل الكبرى الذين يخزنون بضاعة بالملايين وعلى أتم استعداد لبيعها بالسعر القديم دون أن تطرأ عليها أي زيادة لأنها من إنتاج مصانعهم ويحصلون على "بوانص" وخصومات عالية عليها، وبالتالي سوف يغزون بها السوق المحلي، ما يؤثر على الصيدليات الصغيرة التي ليس لديها مخزون كافٍ من الأدوية. المواطن ضحية ويبقى المواطن البسيط المتضرر الأكبر بسبب زيادة أسعار الأدوية، بالإضافة إلى تراكم قوائم "نواقص الأدوية" التي لم يتم توفيرها له، ومن ثم سيضطر الآلاف من المرضى المتواجدين بالقرى والمحافظات البعيدة عن العاصمة، التي لا يوجد بها سلاسل صيدليات كبرى يتوفر بها الدواء، للسفر إلى القاهرة للحصول على الدواء المُخفض حتى لا يموتون ويعاني أبنائهم في رحلة البحث على "علبة دواء".