تناولت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، قضية الخدمة العامة بنوع من المبالغة والسخرية والتهكم، حتى وصفها البعض بأولى بشائر عام المرأة الذي وعد به الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطاب سابق له عن التجنيد الإجباري للفتيات؛ نتيجة عدم الفهم الكامل لجذور الموضوع القديم، والذي يشهد العام الحالي الدفعة رقم 88 منه، حيث بدأ منذ أكثر من 44 عامًا. يصدر قرار الخدمة العامة سنويًّا عبر قراري تكليف صادرين من وزير التضامن الاجتماعي بخصوص خريجي الجامعات والمعاهد العليا المصرية، للدور الأول والثاني؛ لأداء دورهم الخدمي تجاه المجتمع من الشباب الذين يزيدون عن حاجة القوات المسلحة، أو يتقرر إعفاؤهم من الخدمة العسكرية. وبحسب موقع وزارة التضامن الاجتماعي، فإن الخدمة العامة واجب وطني، يؤديه الشباب لمدة عام؛ ليكتسب الخريجون من الجنسين مهارات إضافية وخبرات علمية تؤهلهم لسوق العمل، وتساعد الآخرين كذلك على التدريب والتعلم ودعم روح الولاء والانتماء بداخلهم وتأهيلهم لتحمل الدور الاجتماعي نحو تنمية الوطن. ويشمل قرار الخدمة العامة خريجي الجامعات والمعاهد العليا من أعفي من الخدمة العسكرية من الذكور وكل الإناث من خريجي العام ذاته. ولمن تخلف عن الخدمة العامة من الدفعة السابقة أن يدرج اسمه في شهر سبتمبر، على أن تبدأ الخدمة العامة لمن تنطبق عليهم الشروط من الجنسين منذ شهر أكتوبر ولمدة سنة كاملة. الدفعة 88 خدمة عامة ويكون التكليف لهذه الدفعة في مجالات النيابة العامة والتأمينات الاجتماعية وأطفال بلا مأوى ورعاية المسنين والأسر المنتجة وخدمات الطفولة والتكافل والكرامة ورعاية الأيتام والتنمية والخدمات التعليمية والتعداد والإحصاء وتنظيم الأسرة والطفولة والشباب والرياضة وبنك ناصر، وغيرها من الأعمال الخيرية؛ لخدمة المجتمع المدني، بالإضافة إلى المجالات الأخرى طبقًا لاحتياجات كل محافظة. ونشر القرار الوزاري الجديد، والذي يحمل رقم 535 لسنة 2016 في جريدة الوقائع المصرية، لتكليف الشباب من الجنسين لأداء الخدمة العامة لمدة عام اعتبارًا من الأول من فبراير القادم، عن الدفعة رقم 88. كيفية التقديم بعد الانتهاء من المرحلة الجامعية وحصولك على شهادة التخرج، إذا كنت من خريجي الدور الأول عليك التقدم لتسجيل اسمك في مديرية التضامن الاجتماعي التابعة لمحل إقامتك المدون ببطاقة الرقم القومي، وذلك خلال شهر سبتمبر من العام ذاته؛ لتبدأ في أداء الخدمة العامة مع مطلع أكتوبر من نفس العام. أما إذا كنت من خريجي الدور الثاني، فعليك التقدم بأوراقك لتسجيل اسمك خلال شهر فبراير؛ لتبدأ الخدمة في أول مارس، وفي حالة إذا لم تُتَحْ لك فرصة التسجيل في المواعيد السابقة، فإن باب التسجيل مفتوح طوال العام. الإعفاء في حالة واحدة وعن إجراءات الحصول على الإعفاء من الخدمة العامة، يقول الدكتور أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي السابق، إن الإعفاء من الخدمة يحدث في حالة واحدة فقط حال حصول الخريج على فرصة عمل حقيقية أو لمن لديهم عمل، بشرط التقدم بخطاب رسمي يفيد الحصول على عمل، أو عبر تقديم عقد عمل لمدة سنة على الأقل أو خطاب ترشيح للعمل. ويضيف البرعي أنه ينبغي على الخريج أن يتقدم بطلب وخطاب رسمي إلى مديرية التضامن الاجتماعي التابع لها؛ للحصول على شهادة الإعفاء من أداء الخدمة العامة، ويتقدم بالمستندات التالية: خطاب رسمي يفيد التعيين، صورة المؤهل الدراسي والموقف من التجنيد للذكور فقط، وتعتبر شهادة الإعفاء ضمن مسوغات التعيين. وتكون مدة الخدمة العامة 6 ساعات يوميًّا، على مدار 6 أيام أسبوعيًّا، يمنح المكلف خلالها حوافز مادية أو معنوية على أدائه الجيد، ويمنح المكلف إجازات عارضة واعتيادية ومرضية. وبالنسبة للمكلفة المتزوجة تمنح إجازة وضع لمدة شهر خلال عام التكليف. مضيعة للوقت أثار هذا القرار جدلًا واسعًا بين أساتذة الجامعات والخريجين، وتسبب في صدمة للعديد من الفتيات اللائي وصفن القرار بأنه مضيعة للوقت، وأن المقابل المادي ضعيف للغاية، ولا يقضي على البطالة، ومن ثم فإن استمراره سوف يؤدي لضياع سنة كاملة من عمر الشباب دون أدنى فائدة. كما أعلن عدد من خريجي الجامعات رفضهم التام لهذا القرار، الذي وصفوه بأنه لا يسمن أو يغني من جوع، في ظل تدني الرواتب الشهرية المخصصة للقائمين بالخدمة العامة في المصالح الحكومية ودور المجتمع المدني. نواب يطالبون بمدة لأكثر من عام في المقابل أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب ترحيبهم بمثل هذه القرارات، التي وصفوها ب "البناءة"، التي تساهم في خدمة المجتمع وتنميته، مطالبين بتفعيله وفرض العقوبات على الهاربين. وذكر النائب مصطفى بكري أن الخدمة العامة تعد أسلوبًا جيدًا لفرض الانضباط العام داخل المجتمع، ولكن في المقابل لا يوجد قرار حقيقي يعاقب من لم يؤدِّ الخدمة العامة، أو يتهرب منها كل عام، ويتخلى عن المسئولية الخدمية تجاه المجتمع، مطالبًا بوضع لوائح لضبط هذا المشروع الخدمي، الذي يجب أن يستمر لأكثر من عام؛ للمساهمة في محو الأمية، وتدريب الشباب على التعامل مع آليات سوق العمل. فيما أوضح القيادي اليساري كمال أحمد، عضو مجلس النواب، أن الهدف الرئيسي من القرار هو إرجاء التعيينات بدلًا من التكدس في طابور البطالة الذي يتراكم عامًا بعد عام، بعد غلق باب التعيينات الحكومية، مطالبًا بتقدير الشباب والفتيات المشاركين في ذلك، ومنحهم الأولوية في التعيينات لاحقًا. ويرى أحمد أن تفعيل هذا القرار يعمق من الشعور الوطني لدى الشباب، وينمي قيم المشاركة المجتمعية والخدمية فيما بينهم.