بعد إعلان استعادة النظام السوري مدينة حلب من أيدي مسلحي التنظيمات الإرهابية، جاءت ردود الأفعال في تقارير ومقالات الإعلام الغربي مزيج من الإنكار والتشكيك والغضب، في حالة يمكن تلخيصها بأنها اعتراف بالهزيمة يغلفه الذهول والمرارة. في هذا الصدد، قالت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها أن انتصار بشار الأسد في مدينة حلب يمثل نقطة تحول في الحرب السورية، وهي اللحظة التي تمكن فيها بشار الأسد ورعاته الروس والإيرانيين من تأكيد تفوقهم بشكل حاسم. وألقت الصحيفة البريطانية باللوم في انتصار الجيش السوري على واشنطن، جنبا إلى جنب مع العواصم الأوروبية، قائلة أنها تجني ما زرعته في المراحل الأولى من الصراع السوري عندما أكتفت بالوعود الفارغة وعجزت عن التدخل بشكل فعال وفشلت في دعم القوات المتحالفة ضده بالقوة الكافية في الوقت الذي دعمت فيه موسكو حليفها بشار الأسد بكل ما يلزم لينتصر. تشير الصحيفة أنه على الرغم أن قوات النظام السوري أطفأت الجمرة الأخيرة للمقاومة في حلب، وبذلك سيطرة الأسد تعززت على أربع من أكبر المدن السورية ولكن كان الثمن كبيرا في الضحايا، متجاهلة في الوقت ذاته المتسبب الرئيس في سقوط هذا العدد من الضحايا المتمثل في الطموحات الاستعمارية للولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها، التي جاءت بعنوان "حلب مقبرة الأوهام الغربية في الشرق الأوسط" قائلة أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سيجد صعوبة في فرض سلطته على هذا الوضع المضطرب والتوفيق بين المواقف المتناقضة التي حددها. يريد ترامب صفحة جديدة في العلاقات مع موسكو، التي أصبحت مرة أخرى مركز قوة في الشرق الأوسط من خلال النجاح في سوريا. ولكن الحليفة الرئيسة لروسيا في تلك المعركة هي البلد التي على قائمة استهدافات ترامب – وهي إيران. لذلك قبل أن تشرع واشنطن في بناء سياسة متماسكة بشأن سوريا، يجب عليها حل هذا اللغز. ومن جانبها، نشرت صحيفة "يو إس أيه توداي" الأمريكية مقالا للكاتب راي تكاي، زميل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية يعترف فيه بهزيمة الولاياتالمتحدة في حلب، معتبراانتزاع حلب حلقة حزينة أخرى في أكبر مأساة تصيب الشرق الأوسط في العصر الحديث. ويقول المقال الذي جاء بعنوان "انتصار الأسد لن يجلب استقرار الشرق الأوسط" أنه على الرغم أن المسؤولين والمستشارين في الغرب يميلون للاعتراف بانتصار الرئيس السوري، إلا أنه من السابق لأوانه قبول الهزيمة. وأضاف أنه يوجد من ينكر أن استعادة معظم المناطق الحضرية في سوريا هو انتصار مهم للأسد ونقطة تحول حاسمة في تاريخ الحرب الأهلية. لكن الصراع سيستمر في المناطق الغير محكومة الواسعة في سوريا. يتم شغر هذه المناطق من قبل تنظيم داعش، ومن قبل الإرهابيين الآخرين، لكن أيضا من قبل "الثوار – على حد وصفه" الذين يكافحون من أجل مستقبل أفضل لسوريا وراغبين في إقامة علاقات بناءة مع الولاياتالمتحدة. ويستنكر الكاتب إعلان إدارة أوباما بأنه من الصعب التمييز بين المسلحين الإرهابيين والمعارضة المعتدلة، واصفا إياه بأنه ادعاء زائف لتبرير التقاعس عن العمل الذي أدي اليوم إلى سيطرة الجيش السوري على حلب. وفي تحريض على النظام الشرعي في سوريا وتوسل للإرهاب المدعوم من الغرب دعا الكاتب الولاياتالمتحدة على تعزيز دور التحالف السعودي للاستمرار في دعم الجماعات المسلحة لإنهاء ووقف انتصارات الجيش العربي السوري. وعلى الجانب الإسرائيلي، اعترف تسفي برئيل، محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس، أن انتصار حلب يعد مكسبا مهما بالنسبة للأسد، لافتا أنه في حال استئناف المفاوضات فإن ممثلي النظام السوري سيكونون في وضع أقوى بكثير مما كانوا عليه في جولات المفاوضات السابقة التي أجريت في جنيف. وعلى خطى الإعلام الغربي، قال برئيل أن استعادة حلب ليس الكلمة الأخيرة، مشيرا أن هناك عدة مناطق لا تزال خارج سيطرة النظام واستعادة داعش السيطرة على مدنية تدمر كان ضربة للنظام وحليفته روسيا. وانتقد برئيل موقف الدول الغربية والعربية من الحرب في حلب التي سمحت بهذا الانتصار،مستنكرا رفض الغرب والولاياتالمتحدة فرض عقوبات على روسيا بسبب الوضع السوري مثلما سبق أن فرضت عليها عقوبات بعد حرب القرم.