على الرغم من تاريخه الممتد لأكثر من ألف عام منذ بنائه في العصر الفاطمي، مرورا بتجديده وإعادة بنائه في العصر المملوكي، ووقوفه شاهدا على تاريخ المدينة العريقة، لا يزال مسجد المرادني بدمنهور خارج حسابات وزارة الآثار، رغم مطالبات المهتمين بالتراث من أبناء محافظة البحيرة بضمه إلى الوزارة باعتباره أحد الآثار النادرة. ويمثل مسجد المرادني طرازا معماريا مميزا بين مساجد دمنهور، ولا يماثله في الفخامة والقيمة المعمارية سوى مساجد القاهرة الفاطمية.ويقع المسجد في أطراف المدينة بحي صلاح الدين المزدحم بورش الحرفيين، والذي يضم أيضا سوق السمك الرئيسي، وهو ما يمثل مصدرا للخطر على سلامة بنيان المسجد العتيق ورونقه. علي الخراشي، الباحث في التراث، وأحد رواد المسجد، قال ل"البديل" إن المرادني هو ثاني أقدم مساجد دمنهور بعد مسجد التوبة، الذي بني في عهد عمرو بن العاص، لكن الفارق الرئيسي بينهما أن التوبة، تم هدمه وإعادة بنائه منذ سنوات، بينما مازال مسجد المرادني محتفظا بطرازه المعماري، خاصة مئذنته المميزة، والتي تعد أحد أهم معالم الفن الفاطمي. وأوضح الخراشي، أن الحي الذي يقع فيه المسجد من أكثر أحياء دمنهور زحاما وإشغالا، بما يمثل خطرا على جدران المسجد الذي تصدع بعضها بالفعل، مطالبا بإنشاء سور حديدي حوله لتقليل مخاطر مرور السيارات بجواره، خاصة سيارات النقل الثقيل التي تمر من الشارع. وقال أحمد معروف، الباحث المتخصص في تاريخ دمنهور، وصاحب كتاب "صور نادرة من دمنهور القديمة"، إن المسجد عمره يزيد على 1080 عاما، ويرجع تاريخ إنشائه إلى العصر المملوكي، ومبناه القائم حاليا هو البناء المملوكي القديم الذي جدده العثمانيون أثناء حكمهم لمصر، مشيرا إلى أن المسجد يضم مقام الأمير "الطنبغا المرداني"، وهو أحد كبار أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون. وأوضح معروف أن المسجد به مدخل عبارة عن عقد مدائني مزخرف بالطوب المنجور، وعلى يساره مئذنة تتكون من كرسي مربع يرتفع بارتفاع المسجد، يليه طابق مثمن بكل حافة من حوافه حزمة من الأعمدة، يلي ذلك الشرفة المحمولة على حطات، يليها طابق آخر مثمن يماثل سابقه، ويعلو هذا الطابق خوذة مسننة تماثل نهايات المآذن العثمانية، والمسجد من الداخل يتكون من أربعة أروقة تفصل بينها ثلاث باكيات. من جانبه، قال خالد فرحات، مدير آثار البحيرة، إن مسجد المرادني أحد أقدم مساجد البحيرة، ويتميز بطراز معماري رائع، وأشار إلى أنه تابع لوزارة الأوقاف، وبالتالي فكل أعمال الصيانة والترميم والإدارة شأن خاص بالوزارة، ويقتصر دور وزارة الآثار على الإشراف على العمل في حالة ترميم المسجد فقط. وأضاف أن آثار البحيرة أطلقت حملة منذ عام للحفاظ على الطراز المعماري النادر لكل المنشآت التاريخية في مدينة دمنهور، وعلى رأسها مسجد المرادني، خاصة بعد ما شهدته المدينة من هدم وإعادة إنشاء لعدد من المساجد وتغيير ملامحها التاريخية والمعمارية.