على مدى الأسابيع القليلة الماضية، كان هناك اهتمام كبير من وسائل الإعلام بالترشيحات والتصريحات الصادرة عن ترامب خلال العملية الانتقالية، حيث يحاول إجراء الكثير من العمليات من فندقه في مدينة نيويوروك قبل انتقاله إلى البيت الأبيض بشكل رسمي. يستدعي ترامب الكثير من الشخصيات السياسية لأبراجه وشركاته، مما يثير التكهنات بدورهم المحتمل في الإدارة القادمة. واحد من الجوانب البارزة عن مرشحي ترامب هم كبار المسؤولون العسكريون، الذين قادوا مختلف البعثات في أفغانستانوالعراق، وكانت هذه الحروب بمثابة كوارث هائلة للشرق الأوسط وآسيا الوسطى وكذلك الولاياتالمتحدة، وفي الواقع ولدت هذه المغامرات العسكرية أكبر تشريد بشري منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945. زاد الانفاق العسكري بشكل مروع منذ أن أتت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش إلى البيت الأبيض، حيث زادت التدخلات كقصف وغزو العراقوأفغانستان بشكل واسع، والتدخل في هايتي خلال شهر فبراير 2004، والذي أطاح بحكومة الرئيس جان برتران أريستيد المنتخبة. وحتى عام 2010 أرسل الجيش الأمريكي مساعدات ظاهرية عسكرية للسكان الذين تضرروا نتيجة حدوث الزلزال، أما عن ليبيا، وقصف الدولة الشمال إفريقية لمدة سبعة أشهر خلال عام 2011، فبدأت واشنطن وباريس ولندن بدعم من تركيا ودول الناتو الأخرى الحملة ضدها، مما أدى إلى إسقاط الذخائر في أيدي الإرهابيين، بالإضافة إلى تشريد الملايين، ودخلت البلاد في فوضى سياسية وفقر، وأصبحت مصدرًا لعدم الاستقرار في شمال وغرب إفريقيا الممتدة عبر البحر المتوسط إلى أوروبا. زيادة إنتاج الأسلحة والتسويق وميزانية البنتاجون جزء لا يتجزأ من طبيعة النظام الرأسمالي الأمريكي، حيث يتم تخصيص مئات المليارات من الدولارات من موارد دافعي الضرائب لتغذية آلة الحرب التي تمتد من المستوى السياسي الخارجي إلى المحلي، دون إنفاذ القانون أو المراقبة. تعليقات ترامب المتعلقة بتكلفة طائرات سلاح الجو والمصنعة من شركة بوينج، والطائرات المقاتلة إف 35، والتي تم تطويرها من لوكهيد مارتن، تؤكد أسباب اعتماده على الجنرالات المتقاعدين، مثل مايكل فلاين، وجيمس ماتيس، من المرشحين لمستشاري الأمن القومي ووزارة الدفاع، وكلاهما أعلنا رغبتهما في القتال ضد الصين وإيران، بالإضافة إلى روسيا. أعطى ترامب إشارة واضحة بشأن السعي لتحويل العلاقات الحالية مع الصين إلى عدائية، بعد محادثته رئيسة تايوان، تساي إنغ ون، حيث سبب في حدوث قلق كبير في بكين. ويقول الرئيس المنتخب إن إدارته لن تكون ملتزمة بسياسة الصين الواحدة، والتي تعترف ببكين كحكومة شرعية للبلاد، وبالتالي أعربت الحكومة الصينية عن استيائها من تصريحات ترامب، وهددت بالانتقام حال تخلي واشنطن عن سياستها السارية منذ يناير 1979 تجاه تايوان. وفي افتتاحية نشرتها صحيفة جلوبال تايمز الصينية ذكرت الصحيفة أن "سياسة الصين الموحدة ليست للبيع، كما يعتقد ترامب أن كل شيء يمكن تقييمه طالما كان نفوذه قويًّا بما فيه الكفاية، وبالتالي يمكن بيعه أو شراؤه، وإذا كان يمكن وضع سعر للدستور الأمريكي، هل سيبيع الشعب الأمريكي دستور بلاده ويطبق نظام حكم آخر مثل السعودي أو السنغافوري؟ ولذلك على ترامب أن يتعلم كيفية التعامل بتواضع مع الشؤون الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الصينيةالأمريكية، والأكثر أهمية من ذلك، أنه إذا أراد ترامب زيادة تسليح تايوان، فإن الصين لن تدخل في شراكة مع واشنطن في الشؤون الدولية، في استجابة لاستفزازات ترامب، ويمكن لبكين تقديم الدعم والمساعدات العسكرية لأعداء الولاياتالمتحدة". ما سبق يعد كلمات قوية لأمة تمتلك أكبر قوة عسكرية في العالم بجانب القدرة النووية، وامتلاكها ثاني أكبر اقتصاد في التجارة مع الولاياتالمتحدة، وحال اشتداد الصراع مع بكين، هناك إمكانية اندلاع حرب دولية. تصريحات ترامب هي انعكاس لحالة الخلط بين ضرورات السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، وسط مواجهتها مستوى انخفاض عام في النمو الاقتصادي والنفوذ السياسي، وبالتالي تسعى الطبقة الحاكمة لتأكيد هيمنة البنتاجون و"وول ستريت". مثل هذه الاستراتيجية لن تحقق هدف الهيمنة العالمية، ولكنها ستخلق المزيد من الحروب العالمية، ومثل هذا الصراع العسكري الدولي من شأنه أن يزيد من خطر المواجهة النووية. جلوبال ريسيرش