مبكرًا بدأ الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، دبلوماسية المواجهة والمشاكسة مع التنين الصيني، حتى قبل تنصيبه رسميًا، حيث خرق ترامب سياسة بلاده التاريخية مع تايوان، التي قطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية بها منذ عام 1979، ليأتي ترامب ويعيد الحديث عن العلاقات الأمريكيةالتايوانية، الأمر الذي سيعود بالسلب على العلاقات الأمريكيةالصينية. أجرى الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الجمعة الماضية، اتصالًا هاتفيًا مع رئيسة تايوان، تساي اينج وين، وقال فريق ترامب في بيان، إن الرئيس الأمريكي ونظيرته التايوانية تطرقا إلى العلاقات الوطيدة في مجال الأمن والاقتصاد والسياسية، كما تبادل ترامب، الذي انتخب في 8 نوفمبر ويتسلم مهامه في 20 يناير المقبل، التهاني مع رئيسة تايوان، التي انتخبت في مايو الماضي، وأشار بيان فريق ترامب إلى أن الرئيس المنتخب تحادث أيضًا هاتفيًا مع كل من الرئيس الأفغاني، أشرف غني، ورئيس الفلبين الشعبوي، رودريجو دوتيرتي، ورئيس وزراء سنغافورة، لي سين لونج. سارع البيت الأبيض إلى تبرير المكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب مع نظيرته تساي، وأعرب عن تمسكه بسياسة "الصين الموحدة"، وحسب التقارير الإعلامية، فإنه لم يتم إبلاغ البيت الأبيض والخارجية الأمريكية مسبقًا بالاتصال الهاتفي بين ترامب ورئيسة تايوان. غضب صيني على الرغم من أنه مجرد اتصال هاتفي غير رسمي لتبادل التهاني في مكالمة لم تتجاوز 10 دقائق، من رئيس لم يتسلم مهام منصبه بعد، وفق تبريرات البيت الأبيض، فإنه أثار غضب التنين الصيني، حيث تعتبر هذه الخطوة غير مسبوقة في تاريخ الزعماء الأمريكيين منذ انفصال تايوان عن الصين عام 1949 بعد حرب أهلية جعلتها تتمتع بحكم ذاتي لكنها لم تعلن الاستقلال رسميًا، كما أن الصين تعتبرها جزءًا من أراضيها وتسعى إلى إعادة ضمها. احتجت الصين رسميًا لدى الولاياتالمتحدة بعد مكالمة ترامب، مطالبة واشنطن باحترام مبدأ "الصين الواحدة"، وقالت وزارة الخارجية الصينية: أرسلنا بالفعل احتجاجًا رسميًا إلى الجهة الأمريكية ذات الصلة، يجب أن نُصر على أنه لا يوجد سوى صين واحدة، وأن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأعرب وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، عن أمله بعدم تضرر العلاقات بين الصينوالولاياتالمتحدة بعد مكالمة ترامب لتايوان، وقال: إن سياسة الصين الموحدة تعتبر حجر الزاوية لتطوير العلاقات الطبيعية بين الصينوالولاياتالمتحدة، ونأمل بأنه لن تلحق أي أضرار بهذه القاعدة السياسية، ووصف الوزير الصيني المكالمة الهاتفية بأنها "مناورة لن تؤثر على التفاهم الدولي حول صين واحدة"، وأضاف: "لا أعتقد أن ذلك سيغير السياسة التي تتبعها منذ سنوات الولاياتالمتحدة". نزاع تاريخي يأتي ذلك في الوقت الذي ساءت فيه العلاقات بين الصينوتايوان منذ انتخاب الرئيسه الجديدة تساي اينج وين، التي تتزعم الحزب التقدمي الديمقراطي المؤيد للاستقلال، حيث ترتاب بكين من تساي، التي حل حزبها محل حزب "كيومنتانج" المُقرب من بكين في الحكم، وعلى الرغم من أن تساي، أعلنت أنها ستحافظ على العلاقات السلمية مع الصين، فإنها لم تعترف بمبدأ الصين الواحدة، كما أن تساي، تتبنى فكرا مؤيدا للاستقلال، وهو ما جعلها تلقى تحذيرات من الصين من أي محاولة للانفصال، وقالت الصين إنها أوقفت الاتصالات لأن تايوان رفضت الاعتراف باتفاق ضمني تحت مسمى "توافق 1992" بين المسؤولين الصينيين وحزب كيومنتانج، ينص على وجود صين واحدة. ورقة ضغط تتخوف بكين من سياسة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، تجاهها، خاصة بعد أن انتقد ترامب الصين أثناء حملته الانتخابية مرارًا، وتعهد بفرض رسوم جمركية بنسبة 45% على السلع الصينية المستوردة، ووصم البلاد بأنها تتلاعب في سعر العملة، وأكد عزمه إلغاء الاتفاقات التجارية بين الصينوالولاياتالمتحدة التي يعتبرها "مجحفة ولا تحقق المصالح الأمريكية". بعيدًا عن ترامب، فإن الولاياتالمتحدة، حتى في عهد أوباما، تتخذ من تايوان ورقة ضغط على بكين، حيث تدعم واشنطن استقلال تايوان بشكل غير رسمي خوفًا من تنامي النفوذ الصيني في غرب المحيط الهادئ، وهو ما جعل واشنطن تحتفظ بعلاقات "غير رسمية" وثيقة مع تايوان نكاية في الصين، وتستند واشنطن في هذه السياسة إلى معاهدة "الدفاع عن تايوان ضد أي عدوان خارجي" التي وقعها الطرفان في عام 1953، والقانون الصادر من الكونجرس الأمريكي عام 1979 تحت مسمى "قانون العلاقات مع تايوان"، والذي بموجبه تلتزم واشنطن بالوقوف إلى جانب تايوان ودعمها في جهودها الهادفة لتعزيز قدراتها على صعيد الدفاع عن نفسها ضد الصين، فأمريكا من مصلحتها السياسية والاستراتيجية ألا تعود تايوان إلى الصين كما حصل مع هونج كونج، لأن عودتها إلى أحضان بكين يعني أن الأخيرة تغلبت على إرادة الولاياتالمتحدة، وعززت مكانتها في المنطقة وخاصة في المحيط الهادئ، وهو ما سيجعلها قوة عظمى ذات نفوذ متصاعد تثير قلق وارتياب أمريكا.