حالة من الغضب انتابت الأوساط العمالية بعد إعلان المهندس محمد سعفان، وزير القوى العاملة، أن مجلس الوزراء وافق على مشروع قانون العمل الجديد، وتم إحالته إلى مجلس الدولة، تمهيدا لعرضه على مجلس النواب، ووصفوه بأنه حلقة جديدة في سلسلة القوانين التي يتم تمريرها دون الرجوع لأصحاب المصلحة الحقيقية أو التشاور الحقيقي معهم، مثل «الخدمة المدنية، والجمعيات الأهلية». قال هشام فؤاد، عضو حركة الاشتراكين الثوريين، إن مشروع القانون الجديد ينتقص من حقوق العمال، ويعد حلقة جديدة في سلسلة القوانين التي يتم تمريرها دون الرجوع لأصحاب المصلحة الحقيقية أو التشاور الحقيقي معهم، مثلما حدث مع قانوني الخدمة المدنية والجمعيات الأهلية، مؤكدا أن القانون الجديد لم يعالج أهم 3 مشكلات تخص العمال، أولها الأجور، التي لم يحدد زيادتها بشكل دوري وعادل، ثانيا استمرار الفصل التعسفي وغياب الضمانات الحمائية للعمال ضد الفصل والتشريد، وأخيرا تأييده فسلفة العمل المؤقت بدلا من ضمان عقد عمل دائم للعمال. وأشار مصطفى نايض، عضو اللجنة النقابية لعمال الحديد والصلب، إلى أن مشروع قانون العمل الموحد يعكس فلسفة الحكومة في إحياء الاقتصاد على حساب جثث عمال مصر، مضيفا أن العصف بالعمال بدأ مبكرا منذ إقرار دستور 2014 وإلغاؤه لنصيب 50% عمال وفلاحين بالبرلمان، والقضاء على جميع المزايا التي نجح العمال في اقتناصها بعد ثورة يناير، وأبرزها إغلاق النقابات المستقلة وانتهاك حرية العمل النقابي. وأضاف نايض ل«البديل» أن مشروع القانون الجديد يعلي مصلحة رجال الأعمال على حساب العمال، واصفا المزايا التي يروج لها وزير القوى العاملة ب«وهمية»؛ فمثلا منح المرأة العاملة إجازة وضع 3 مرات بدل اثنتين، خدعة؛ حيث ينص القانون أنه حال الإجازة الثالثة، يكون صاحب العمل غير ملزم على تسديد تأمينات العاملة، متابعا أن المادة 93 كارثة جديدة للعمال؛ بعدما ضاعفت ساعات العمل من 42 ساعة أسبوعيا كما كان منصوص عليه في قانون 12 لسنة 2003 المعمول به اليوم، إلى 48 ساعة، بل منح المشروع الجديد صاحب العمل أحقية إضافة ساعتين يوميا للعامل ضد الحصول على أي مكافأة. ولفت عضو اللجنة النقابية لعمال الحديد والصلب إلى عوار جديد بالقانون؛ بوضع شروط غير منطقية للاحتجاجات، حيث يشترط على العمال إبلاغ صاحب العمل برغبتهم في تنظيم إضراب قبل الموعد ب10 أيام، وهى مدة كافية تمكن صاحب العمل من تسريح المبلغين وطردهم قبل الشروع في الإضراب، مطالبا جميع القوى العمالية بالتكاتف ومقاومة المشروع الجديد، التي تريد الحكومة تمريره عبر البرلمان، مثلما دافعت الحركة العمالية بقوة ضد قانون 12 لسنة 2003 على مدار 12 عاما من سنة 1991 حتى 2003. وأكد محب فؤاد، رئيس النقابة المستقلة للمعلمين بالإسكندرية، أن الحركة العمالية لا ترفض مشروع القانون، الذي تم التحضير له في الغرق المغلقة، من فراغ، لكن بعد تجاهل الحكومة فترة عمل للحركة طوال عامين مضا، نجحت في عقد لقاءات متعددة وواسعة من خلال حملة "نحو قانون عادل للعمل"، شارك فيها جميع الممثلين عن النقابات المهنية والعمالية ومنظمات مجتمع مدني وقوى سياسية، نجحوا في صياغة مشروع قانون جديد يخلق علاقات عمل متوازنة ويضمن حقوق الضعفاء من العمال فى هذه العلاقة، دون الالتفات لها في النهاية. وأوضح فؤاد ل«البديل» أن صيغة البنود التي وضعتها الحملة وتجاهلتها الحكومة، فكت الالتباس في المهام المتعددة لوزارة القوى العاملة بين وضعها للسياسات والرقابة عليها، مؤكدا أن مسودة قانونهم تقترح إنشاء المجلس الأعلى للعمل، ومفوضية العمل، تضع الأولى السياسات واللوائح وعقود العمل وفقا للاتفاقيات والالتزامات، والثانية تضم خبراء ومتخصصين للرقابة على تنفيذ السياسات من الوزير وفحص كل الشكاوى. على الجانب الآخر، قال المهندس محمد سعفان، وزير القوى العاملة، إن مشروع القانون سيكون له مردود إيجابي على الإنتاج؛ لأنه سيحسن من بيئة العمل والعلاقة التي تربط العامل بصاحب العمل، مشيرا إلى أن المسودة استغرقت ما يقرب من 6 أشهر لإعدادها، وأن القانون يهدف إلى حماية العامل وتوفير الحد الأدنى من حقوقهم بالتوافق مع مؤسسات الأعمال، إضافة لفتح المجال للاستثمارات وتشجيع الاستثمار. وأكد أنه تم إضافة بعض البنود الخاصة بإجازات المرأة العاملة لكي يتيح لها نوع من الاستقرار، كما تطرق القانون إلى طمأنة العامل وأصحاب الأعمال بإضافة بنود لحمايته لكي يحافظ على عمله، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بقضية إجبار صاحب العمل للعامل على كتابة استقالة مقدما، قبل عمله فقد اشترط القانون أن هذه الاستقالة يجب أن تكون معتمده من مكاتب العمل ومن وزارة القوى العاملة. وأوضح أن هناك دراسات حالية وبحث مع رجال الأعمال للتفاوض لكي يتم وضع الحد الأدنى للأجور بالنسبة للعاملين بالقطاع الخاص، في حدود ما بين ألف إلى ألفين جنيه في بداية العمل، مضيفا أن القانون الجديد تعرض لقضية التأمينات وتفعيل التفتيش على أماكن العمل للحفاظ على حقوق العمال. وتابع وزير القوى العاملة أن القانون الجديد تطرق أيضًا إلى وضعية العمالة الأجنبية وهي نسبتها 10 % كما هي، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بتحفيز الاستثمار فقد راعى القانون إجراءات إيجابية لكي يرى العامل وصاحب العمل فرص أفضل للعمل، وإزالة المعوقات السابقة. بالنسبة لبند العقوبات في القانون، قال وزير القوى العاملة، إن القانون راعى تغليظ هذه العقوبات لكي تكون رادعة وتشجع على الالتزام في العمل، موضحًا بالنسبة لما يتم ترويجيه من شائعات حول العمل، أن الجميع يعلم أن مصر مستهدفة، وهناك شائعات كثيرة حول تسريح العمال، ولا يوجد ما تردد عن تسريح عمالة في بعض الدول العربية كما أشيع في وسائل التواصل.