قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية الفرنسية بنحو 5 أشهر، قطعت الأحزاب اليمينية شوطا مهما في مسيرتها الانتخابية، حيث انتهت الدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح اليمين الفرنسي، والتي تنافس فيها 7 مرشحين أبرزهم الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، ورئيسا الوزراء السابقان آلان جوبيه، وفرانسوا فيون، وهي انتخابات وإن كانت تمهيدية ورمزية إلا أنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة للانتخابات الرئاسية في 2017. فاز رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرنسوا فيون، بالدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية، التي تجرى على مرحلتين في أبريل ومايو 2017، وأبرزت نتائج فرز الأصوات في 82% من مراكز الاقتراع، أن فيون حصل على 44.1% منها، ما يعني دخوله الدورة الثانية من الانتخابات المزمع عقدها في 27 من الشهر الجاري، وتلا فيون، بفارق كبير، رئيس الوزراء الأسبق، ألان جوبيه، الذي حصل على 28.2% من الأصوات، فيما خرج الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، خاسرًا من الدورة الأولى، حيث حصل على 21% فقط، ليخرج بذلك من الانتخابات الرئاسية نهائيًا. عقب إعلان النتائج التمهيدية للدورة الأولى للأحزاب اليمينية، أقر الرئيس السابق بهزيمته، وأعلن ساركوزي انسحابه من الحياة السياسية، موصيًا أنصاره بعدم الانقياد للمتطرفين أبدًا، وفي الوقت نفسه أعلن ساركوزي، أنه سيصوت لصالح فيون، في الدورة الثانية، موضحًا أن توجهات الأخير السياسية أقرب إلى مواقفه، وفي ذات الشأن كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه مساء الأحد، أن فيون سيفوز على جوبيه، في الدورة الثانية بتأييد 54 بالمائة مقابل 46 بالمائة. من جانبه قال فرانسو فيون، بعد فوزه الكبير في الانتخابات التمهيدية، إنه يتوجه إلى جميع الفرنسيين واعدًا ببناء قوي من أجل فرنسا، وقال إن الدورة الأولى دلت على نجاح شعبي، موضحًا أن هذا يبرهن على اهتمام المواطنين الكبير بمستقبل بلادهم، وأضاف المرشح اليميني أن منافسيه "الذين لم يتأهلوا للدورة الثانية قدموا دورهم للديموقراطية. الهزيمة لا تعني إهانة لأي شخص لأننا سنكون بحاجة إلى الجميع، ولديّ فكرة خاصة لنيكولا ساركوزي". أما المنافس الثاني في المعسكر اليميني أيضًا، ألان جوبيه، فقال بعض منظمي حملته إن المعركة المقبلة بوجه فرنسوا فيون ستكون أعقد بكثير مما لو كانت بوجه نيكولا ساركوزي، لكن جوبيه حافظ على أمله، رغم الفارق الكبير بينه وبين فيون، وقال إن الأسبوع المقبل قد يشهد مفاجأة أيضًا، وإن المعركة قد بدأت هذا الأسبوع. آلان جوبيه، المرشح اليميني البالغ من العمر 71 عاما، ورئيس الوزراء الأسبق في عهد جاك شيراك بين 1995 و1997، عمل طوال أشهر رئيسا لبلدية "بوردو"، وكان في طليعة المرشحين في استطلاعات الرأي، وسعى إلى خوض حملته ضمن خط متأن، رافضا "الخضوع للخوف أو تحريض النخب على الشعب"، وفق تصريحاته. أما صاحب الفرصة الأقوى والأكبر لتمثيل الأحزاب اليمينية في الانتخابات الرئاسية، فرانسوا فيون، البالغ من العمر 62 عامًا، ورئيس وزراء الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، في الفترة بين 2007 و2012، فإنه يحمل برنامجًا ليبراليًا على الصعيد الاقتصادي، لكنه يتمسك بطابع محافظ في قضايا المجتمع، ويحظى بشعبية لدى أوساط الأعمال، وخلال المنافسة الانتخابية بقي فيون متأخرًا لفترة طويلة في السباق، لكنه خلال شهر تمكن من مضاعفة نوايا التصويت له، وقبل الانتخابات التمهيدية بأيام كان قريبًا جدًا من ساركوزي، وحقق تقدمًا سريعًا واختراقًا كبيرًا في استطلاعات الرأي الأخيرة، وخلال الانتخابات استطاع أن يتفوق عليه بفارق كبير. وفق استطلاعات الرأي، فإن تراجع شعبية اليسار الحاكم والانقسامات المتعددة داخله وحالة التشتت التي يعاني منها قد تدفع به إلى الخروج من الدورة الأولى للانتخابات المقررة في أبريل 2017، الأمر الذي يعني أن المواجهة النهائية قد تكون بين مرشح اليمين المنبثق من الانتخابات التمهيدية، والذي من المتوقع أن يكون فيون، وزعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان. لكن استطلاعات الرأي تشير أيضًا إلى أن لوبان، على الرغم من أن فرص انتخابها تزايدت على خلفية القلق الذي أثارته الاعتداءات الإرهابية في فرنسا العام الماضي 2015، وأزمة المهاجرين، وانتخاب الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب، فإنها لن تصمد طويلًا في الانتخابات، ولن تكون قادرة على جمع الخمسين في المائة المطلوبة لانتخابها، حيث يمكن أن تصل إلى جولة الإعادة في مواجهة فيون الذي يتبنى برنامجًا ليبراليًا، لكن الأخير سيتفوق عليها نظرًا لما يتمتع به من شعبية كبيرة وما حققه من اختراق كبير وسريع في استطلاعات الرأي الأخيرة، وهو ما أكدته رئيسة مكتب اقتراع في نيس جنوب شرق البلاد، مادي لاتيل، التي قالت إن الناس يَعون أهمية الأمر، لأن المرشح الفائز يتمتع بفرص كبرى لانتخابه في 2017 رئيسًا.