«بعد صدور قرار جمهوري بتعيينه».. من هو رئيس النيابة الإدارية الجديد؟ (بروفايل)    غدًا.. «أوقاف الإسكندرية» تحتفل بالعام الهجري الجديد بمسجد البوصيري    الفريق أحمد خليفة يشهد تخرج دورات جديدة من دارسي الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا (تفاصيل)    اللجنة الرئاسية لشئون الكنائس بفلسطين تُعزي بطريركية أنطاكية في ضحايا الاعتداء على كنيسة مار إلياس بدمشق    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    «ترشيد استهلاك».. رئيس الوزراء يكشف موقف الحكومة من تخفيف الأحمال خلال الصيف    إسطنبول تستعد لإطلاق «مؤتمر المشرق للإعلام 2025» بمشاركة شخصيات ومؤسسات عربية ودولية    مدبولي: مصر قفزت للمركز التاسع عالميًا في جذب الاستثمارات الأجنبية    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في سمنود    محافظ بنى سويف يشهد تسليم شهادات اجتياز البرنامج التدريبى لعدد 200 متدرب    محافظ الجيزة يتابع نتائج لقاءات المواطنين في هذه الأحياء    ترامب: أتوقع إجراء محادثات مع بوتين قريبًا لمناقشة قضية أوكرانيا    قمة الأعمال الأفريقية الأمريكية.. المبعوث الشخصي لترامب فى زيارة مكوكية لأنجولا ولقاءات ثنائية مكثفة.. قانون النمو والفرص قضية بارزة.. دفع لعملية السلام بين رواندا والكونغو.. وبولس: سنوسع الاستثمار مع السلام    سجل سلبي يطارد العين قبل مواجهة الوداد في كأس العالم للأندية    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن قبل دخولها المجال الجوي    نتنياهو: أمريكا دمرت منشأة فوردو والحرب لن تغير النظام في إيران    جدول ترتيب مجموعة صن داونز قبل مواجهة فلومينينسي في كأس العالم للأندية    عاجل.. بيراميدز يقترب من تدعيم خط الهجوم بثنائي أجنبي استعدادًا للموسم الجديد    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    ميسي يواجه باريس سان جيرمان بذكريات سيئة    منتخبا شباب وشابات الطائرة الشاطئية يتوجهان للمغرب استعدادا للبطولة الأفريقية    نادي مولودية الجزائر يشكر الزمالك على تعزيته عقب الحادث الجماهيري    الداخلية: ضبط 4 أشخاص عطلوا حركة المرور بالقاهرة بحركات استعراضية بالدراجات والسيارة    ضبط محطات وقود لتهريبهم 120 ألف لتر سولار وبنزين بالبحيرة    الرقابة الإدارية تنفي إجراء تحريات في قضية «سارة خليفة» وتؤكد عدم صدور قرارات ضبط بحق قضاة أو ضباط    عاطل يقتل شقيقه السائق بعيار ناري خلال مشاجرة بسبب خلافات بشبرا الخيمة    الرقابة الإدارية توكد عدم صحة ما تداول بشأن ضبط أحد أعضاء الهيئات القضائية    محمد فضل شاكر يقدم حفلات غنائية فى أوروبا بعد مشاركته فى مهرجان موازين    «النداهة».. عرض مسرحي في «ثقافة القصر» بالوادي الجديد    «أجهزة لكشف الكذب».. 4 أبراج تستطيع اكتشاف الأشخاص المزيفة من جلسة واحدة    "حماية التراث الثقافى الغارق بالمياه الاقتصادية" ورشة العمل بمكتبة الإسكندرية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    المدير التنفيذي للتأمين الصحي الشامل: التحول الرقمي ضرورة لتحقيق العدالة في إتاحة الخدمات الصحية    محافظ الدقهلية: 1517 مواطنا استفادوا من القافلة الطبية المجانية بميت غمر    مدبولى يستعرض نتائج تعاون جامعة أكسفورد ومستشفى 500500 لتطوير علاج السرطان    في أسبوعين..تامر حسني يكسر حاجز ال 12 مليون مشاهدة ب حلال فيك    «العربية لحقوق الإنسان»: مراكز المساعدات لمؤسسة غزةتشكل انتهاكاً خطيراً لمبادئ القانون الإنساني    التقويم الهجري: من الهجرة إلى الحساب القمري.. قصة زمنية من عهد عمر بن الخطاب حتى اليوم    الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران فرصة لتفادي تصعيد كارثي    عبلة كامل تتصدر التريند بعد أحدث ظهور لها    «حمى القراءة.. دوار الكتابة».. جديد الروائي الأردني جلال برجس    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    بنك ناصر يدعم أطفال الشلل الدماغي بأحدث الأجهزة المستخدمة في تأهيل المرضى    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    توريد 3 أجهزة طبية لمعامل مستشفى الأطفال بأبو حمص بتكلفة 4 ملايين جنيه    مجلس نقابة المحامين يجتمع لبحث إجراءات مواجهة الرسوم القضائية    محافظ القاهرة يبحث مع وزير الثقافة تحويل حديقة الأندلس لمركز فنى وثقافى    وزير الرياضة: منتخب اليد يستحق جهازا فنيا على أعلى مستوى    اليوم... فصل الكهرباء عن قرية كوم الحجنة وتوابعها بكفر الشيخ    «دعاء السنة الهجرية».. ماذا يقال في بداية العام الهجري؟    كيف بدأ التقويم الهجري مع العرب؟.. أستاذة تاريخ إسلامي توضح    صور جديدة تظهر الأضرار اللاحقة بمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 25-6-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نادر فرجاني يكتب عن : بدائل الاقتراض والاستجداء من الخارج
نشر في البديل يوم 27 - 01 - 2012

بعض مضمون هذا المقال نشر منذ العام 2008 تحت عنوان مغاير. وفي هذه الحقيقة دليل قوي على أن لا شيئ قد تغير في الاقتصاد السياسي لمصر منذ تحكّم فيه، في غفلة من الزمن، الغِر المأفون رئيس مجلس السياسات ولي عهد للطاغية المخلوع.
فقد ظل ديدن رؤساء الحكومات ووزراء المالية في مصر في السنوات العشر الأخيرة من عهد الطاغية المخلوع، تنفيذا لأوامر أمين السياسات بحزب الحاكم المنحل، هو الشكوى من عجز الموارد والتعلل بهذا العجز عن الوفاء بحقوق الشعب, وكان ذلك الإدعاء الكاذب وسيلة خسيسة للتعمية على النهب الفاجر الذي كانت تقوم به عصابة الحكم التسلطي، وللتهرب من إقامة العدالة الاجتماعية في البلد.
ومن شديد أسف أن إستمرت السلطة الحاكمة بعد الثورة، وحكوماتها الذليلة المتعاقبة، في إتباع النهج نفسه. فلطالما تبارى السادة رؤساء وزارات، وزراء مالية، المجلس العسكري بالشكوى من عجز الموارد للتهرب من إقامة العدل في المجتمع على الرغم من أنه من أهم مطالب ثورة شعب مصر العظيمة، ملقين الرعب في قلوب الشعب من تفاقم الأزمة المالية التي يوحون بإرجاعها لقيام الثورة، غاضين الطرف عن دور نظام الرئيس المخلوع، ولجنة سياسات ولي عهده، وأخطاء السلطة الانتقالية ذاتها بعد الثورة، في تركيع الاقتصاد الحقيقي في مصر وكان مذهبهم دائما الاستجداء من “الأشقاء” العرب أو مؤسسات التمويل الدولية.
ولاشك عندي في أن التركيز على جانب التمويل يعبر عن مغالاة في فنيات ذهنية الرأسمالية المنفلتة والاحتكارية التي تبناها حزب الحاكم المخلوع، خاصة “حرسه الجديد” بقيادة ولي العهد المسمّى، وجرّت ههذ الذهنية على عامة المصريين ويلات التعاسة، كما أوقعت العالم كله في الأزمة المالية الطاحنة التي تؤذن بسقوط هذه الذهنية المريضة والعقيمة التي تطلق رأس المال وحافز الربح بلا حسيب أو رقيب. ومن سوء الحظ أن السياسة الاقتصادية لحكومات السلطة الانتقالية لم تبرأ من هذه الذهنية المريضة.
ويقيني أن هذا الجانب الفني من أيسر المسائل، والتركيز عليه هو “حجة البليد” كما يقول العامة. فالقرار السياسي المطلوب لإقامة العدل، هو بيت القصيد، وعند اتخاذه يمكن حسم الأمور الإجرائية كافة، وببساطة. وفصل القول أن هذا القرار لن يتخذ أبدا ما دام منطق حزب الحاكم المخلوع ما فتئ مسيطرا على ذهنية السلطة الانتقالية في مصر، ولو على حساب إفقار باقي المصريين وقهرهم، فالتوجهات هذه كانت هي نقيض العدل، ومنشأ الظلم في عموم مصر.
يقينا ستتطلب إقامة العدل في مصر موارد أكبر مما كان يخصصه الحكم التسلطي بهدف احترام حقوق المصريين كافة، خاصة في الصحة والمعرفة وفرص العمل الجيد والأمان الاجتماعي من خلال دعم وتنمية الطاقات الإنتاجية للاقتصاد وترقية الإنتاجية، وليس اختزال الاقتصاد في بورصة الأوراق المالية كما ابتدعت عصبة مجلس السياسات، بما يؤدى إلى خلق فرص عمل جيدة كافية لمقاومة البطالة بفعالية وتقديم خدمات راقية في التعليم والرعاية الصحية وشبكة أمان اجتماعي كفء تضمن الحياة الكريمة لجميع المستضعفين، خاصة في العجز والشيخوخة المانعين من العمل. هذه المقاصد النبيلة لم يكن يتاح لها في ظل الحكم التسلطي الساقط إلا فتات أولويات نظام الفساد والاستبداد التي لم تورث عامة المصريين إلا الفاقة والظلم بينما أغدقت على عصابة شلة الحاكم المتسلط الفاسدة وأغراضها الدنيئة
فقد كانت أولويات الحكم التسلطي التي استحوذت على نصيب الأسد في موارد الدولة صيانة أمن شلة الحكم التسلطي وحماية رأسها، أو ما يسمى خطأً وافتراء “أمن الدولة”، ولو على حساب البطش بالمواطنين وحقوقهم، ويليه ضمان رفاهية شلة الحاكم وترتيبات اطراد احتكار السلطة والثروة فيها.
وبناء عليه، فإن كثيرا من الإنفاق العام في ظل الحكم التسلطي هو إنفاق مسرف وبذخي، وبعضه بادي السفه، وجميعه منحرف عن غاية إقامة العدل إلى غرض تدويم الحكم التسلطي. وفي هذا يقع مثلا تفسير أن كان عدد العاملين بجهاز الأمن الباطش يزيد عن مجموع العاملين بقطاعي التعليم والصحة سويا، وأن قامت علاقة مختلة مماثلة في موازنة الإنفاق العام.
بل إن هذا النمط المعوج من التصرف قد طال ثروة البلد وأصولها الرأسمالية، كما تبدى في بيع مشروعات القطاع العام بخسا وحتى بيع أرض الوطن لأعضاء التشكيل العصابي الحاكم وحتى للأغراب من محاسيبهم وبأثمان متدنية، أعاد هؤلاء بيعها في حالات لأهل البلد بأضعاف ما دفعوا فيها. فلم تتوقف مغبة قرارات الحكم التسلطي، المنتجة للظلم، على تبديد الموارد الدورية وإنما إمتدت إلى تبديد الأصول، فطال ظلمهم حتى الأجيال القادمة.
وفي هذا الفهم يكمن مفتاح تدبير الموارد اللازمة لإقامة العدل في مصر، ألا وهو إيقاف أنماط الإنفاق العام وقرارات الحكم التسلطي التي تحرف استغلال موارد البلد وتخصيصها، عن غاية إقامة العدل، وإعادتها إلى الغاية الأصيل للحكم، أي منع الظلم وإقامة العدل.
ولنضفي على هذا المبدأ صبغة عملية، نقدم فيما يلي مجموعة من المقترحات المحددة التي تكفل تدبير موارد بديلة للاستجداء والاستدانة، وتمثل في حد ذاتها مداخل لإقامة العدل ولضمان حكم مؤسسي صالح في الوقت نفسه.
• إيقاف جميع أشكال الترف والبذخ في الإنفاق العام، وتوجيه الموارد التي تتوافر من ترشيد الإنفاق لصندوق لتنمية الاقتصاد إنتاجيا ولإقامة العدالة الاجتماعية عبر سبل شفافة ، ميسرة وفعالة. ولا ريب أن الشعب يمكن أن يتحمل شظف العيش أطول إن تأكد من تقشف السلطة الانتقالية في التصرف في أموال الشعب وحسن توظيفها وانها جادة في العمل على ضمان العدالة الاجتماعية.
• قبل الاقتراض والاستجداء من الخارج، على المجلس العسكري وحكومته ، ومجلس الشعب القادم مطالبة كبار أثرياء مصر وعلى رأسهم قادة القوات المسلحة ورؤساء مشروعاتها الذين يتحكمون بقرابة نصف الاقتصاد المصري، وكبار الموظفين في البلد في القطاعين العام والخاص، وجماعات الإخوان المسلمين والسلفيين المتمولين بسخاء، و”الفنانين” والإعلاميين ولاعبي الكرة ومدربيها، أصحاب المرتبات المليونية، بالتبرع أو تقديم قروض حسنة، أي بدون فوائد لخزانة الدولة الخاضعة لرقابة مجلس الشعب. هذا هو معيار الوطنية الآن، ما دام الوطن في ضائقة. ورحم الله أم كلثوم، التي سخرت كل طاقاتها وجل ثروتها للتبرع للوطن بعد هزيمة 1967. فليتعلموا جميعا منها، ولو قليلا!
ولعل السلطة الانتقالية تستغل قدراتها الهائلة على الترويع للضغط الجاد على ناهبي الشعب، لتعويض الشعب عن جرائمهم بدلا من حمايتهم، وبديلا عن ملاحقة الشباب والنشطاء وترهيبهم.
• وضع حد أقصى للدخل (مجمل لأجور والمرتبات والبدلات) لجميع العاملين بأجهزة الدولة شاملا القوات المسلحة والأمن بحيث لا يتعدى 15-20 مثلا من الحد الأدنى للأجر،ن كما هو الحال في جميع الدول الرأسمالية المتقدمة.
• إنهاء عوار “الصناديق الخاصة” التي كانت، وما زالت، مرتعا للفساد، وإعمال مبادئ النزاهة على جميع الموارد العامة والإنفاق منها.
• إلغاء أي أثر باق لبدلات ومكافآت “الولاء” سيئة الصيت والتي يقدر البعض أنها كانت ترفع تكلفة موكب واحد لرأس الحكم المخلوع داخل القاهرة الكبرى إلى خمسة عشر مليون جنيه، تزيد إلى أكثر من الضعف لو انتقل جنابه إلى خارج القاهرة داخل الجمهورية.
• خفض عدد العاملين بأجهزة الأمن إلى النصف أو أقل، بإعادة هيكلة أجهزة الأمن لتصبح أقل عددا ولكن أعلى كفاءة في صيانة أمن المواطنين وحقوقهم، تحت الإشراف الكامل للقضاء المستقل تماما، مع إتاحة التدريب التحويلي الملائم لتوظيف من يرغب، ويصلح منهم، بمجالات التعليم والرعاية الصحية والأمان الاجتماعي. وإجراء خفض مواز لمخصصات أجهزة الأمن لصالح زيادة مخصصات التعليم والرعاية الصحية والأمان الاجتماعي. ولا يجب التعلل بأن هذا الخفض في المال والرجال سينتقص من الأمن في البلد. فالإسراف في الإنفاق والرجال والعتاد لا يحقق الان أمنا تاما كما يعلم الجميع، ولا يمنع أحداث عنف أو إرهاب للمواطنين. قلة العدد مع الكفاءة التي تنتج من التنظيم الجيد والإدارة السليمة بالتأكيد أفضل من الوضع الراهن. وتكفي هنا المقارنة بحالة الصين التي يقل تعداد قوى الأمن فيها عن مصر حاليا بينما يتجاوز تعداد سكانها خمسة عشر مثلا سكان مصر.
• إصلاح الهيكل الضريبي بإعطاء الأولوية للضرائب المباشرة على الدخل والإثراء (أي الأرباح الرأسمالية، وليس الثروة) والعودة إلى نظام معدلات الضرائب التصاعدية، حسب شرائح الدخل والثروة، وتكثيف الجهد لتحقيق الانضباط الضريبي خاصة بين كبار الممولين.
• وقف وهب الغاز والبترول المصري للعدو الإسرائيلي بأسعار متدنية.
• استعادة مشروعات القطاع العام التي بيعت بخسا وإفسادا، للملكية العامة، مع تعويض أصحابها الحاليين عما دفعوا في شرائها فقط، وليس قيمتها السوقية الحالية، وتبني أنماط توسع قاعدة ملكية الشعب لهذه المشروعات، وتخصيص قسم من أرباحها لصندوق تنشيط الاقتصاد وإقامة العدل.
• مصادرة الثروات التي استلبها أصحابها، بطرق غير مشروعة أو غير أخلاقية- مثل عمولات توريد السلاح وإرساء المناقصات العامة والمضاربة في الأراضي والبورصة وأرباح الاتجار في المخدرات والتهرب الضريبي، خاصة بإساءة استغلال النفوذ والحظوة من السلطة والثروة، وتخصيصها لمحفظة أصول إقامة العدل.
ونتمنى مخلصين ألا يهاجم أحد هذه المقترحات، إن قرؤوها، على أنها لا تناسب العصر، أو تخيف رأس المال.
فلا رأس المال الذي دللتموه حتى الإفساد جلب على البلد خيراته الموعودة من نمو هائل أو فرص عمل جيدة أو تحسين معيشة عامة المصرين، وإنما ركز، كما نعلم الآن يقينا، على نهب ثروات البلد والجري وراء الربح الضخم والسريع والتسلق على السلطة بينما إستشرت بين المصريين سوءات البطالة والفقر، خاصة بين شباب العامة.
ونرجو أن تكونوا قد فهمتم، على الرغم من كل الاستكبار والتظاهر الأجوف، أن نمط الرأسمالية البربرية الذي أطلقه نظام حكم الرئيس المخلوع على مصر والمصريين، في سياق الحكم التسلطي القمعي، وما زلتم تبقون عليه حرصا على مصالح أهل الحظوة، هو من أهم أسباب استشراء الفقر والظلم، وأحد دوافع انطلاق شرارة ثورة شعب مصر الفل، الطاهرة والعظيمة، واندلاع الموجات التالية منها، غن لم يرعوي أهل السلطة ويصلحون جديا.
وفي النهاية، نتمنى مخلصين أن تكون السلطة الانتقالية، المجلس الأعلى وحكومته، ومجلس الشعب الجديد، معنا، على اقتناع أكيد بأن قيم العدل والمساواة هي من أسمى ما تنزع إليه المجتمعات البشرية المتحضرة، حتى في ظل التنظيم الرأسمالي السليم. وهي بلا أدنى شك في صميم صحيح الإسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.