تعد الحرب الأهلية اللبنانية علامة فارقة فى تاريخ صناعة السينما اللبنانية التي يرى مؤرخون أنها الأقدم فى الوطن العربي بعد مصر، فهى تاريخ طويل من النجاحات والإخفاقات بداية من عشرينيات القرن الماضي حتى الآن، بإنتاج سينمائي يبلغ 500 فيلم. بدايات تعود بداية صناعة الأفلام فى لبنان إلى عام 1929، وكانت محاولة فردية، فأنتج الايطالي جوردانو بيدوتي، فيلما صامتا بعنوان "مغامرات إلياس مبروك"، وأنتج آخرون، معظمهم أجانب يعيشون فى لبنان، تجارب مماثلة معظمها باءت بالفشل. توقفت السينما اللبنانية خلال الحرب العالمية الثانية، لتعود بعد ذلك عام 1952، وتم إنشاء استديوهين للتصوير، وتم إنتاج عدد من الأفلام التى حققت نجاحا نسبيا، وفى عام 1957 أنتج فيلم "إلى أين" وعرض فى مهرجان كان السينمائي، ونال إعجاب النقاد فى ذلك الوقت. الازدهار على الرغم من صعوبة التمويل التي واجهتها السينما اللبنانية فإنها كانت تنتج 6 أفلام سنويا، وقفت اللهجة اللبنانية عائقا أمام انتشارها إذ انحصر التوزيع في لبنان وسوريا وبعض الدول الأجنبية التي يسكن فيها مهاجرون لبنانيون، وفى نهاية الخمسينيات كانت بيروت من أهم المراكز الإقليمية والتجارية لشركات توزيع الأفلام العالمية؛ إلى إيران وتركيا وباكستان وأفغانستان. بعد تأميم السينما المصرية عام 1962، اتجه عدد كبير من السينمائيين المصريين للعمل في لبنان، ووصل عدد الأفلام اللبنانية المصرية فى فترة ما بين عام 1962 حتى عام 1972 إلى 30 فيلما. يعتبر عام 1964، هو عام الازدهار بالنسبة للسينما اللبنانية عندما أسست الحكومة اللبنانية المركز الوطني للسينما، وعرفت بيروت السينما الصامتة ثم السينما المتحركة، وتم إنشاء عدد كبير من قاعات السينما على أعلى مستوى، كما ظهرت الأفلام الغنائية والأفلام الروائية والأفلام اللبنانية ذات الطابع الاجتماعي مثل "الأخرس والحب". اشتهرت الأفلام الصامتة بالأبطال الثلاث: توم ميكس، وتوم تيلر، ووليم دزموند، وكانت الترجمة تتم بالكتابة على طرف الشاشة، وتميز أبطال هذه الأفلام بقبعاتهم العريضة المزخرفة بالخيوط البيضاء وخيولهم المزينة وقراب مسدساتهم الجلدية. الحرب الأهلية تعد الحرب الأهلية اللبنانية التى بدأت عام 1975 واستمرت حتى 1990 مرحلة فارقة فى تاريخ السينما اللبنانية وصناعة الأفلام، حيث أنتج 35 فيلما تناولت حياة اللبنانيين الاجتماعية والسياسية خلال الحرب ومعاناتهم فيها، فكانت الحرب مادة دسمة للسينما. وأطلق البعض على السينما اللبنانية "سينما الحرب" بسبب تناول المخرجين برهان علوية، ومارون بغدادي، وجوسلين صعب، ورند الشهال، لموضوعات الحرب وتوثيق هذه الحقبة من خلال أفلامهم، ومع انتهاء الحرب الأهلية توقفت الحركة السينمائية وأغلقت العديد من الاستديوهات بسبب الأزمات المالية. مع عودة المخرجين الشباب من الخارج إلى لبنان، والذين درسوا السينما فى أوروبا، قاموا بتقديم مجموعة من التجارب الفنية عن الحرب الأهلية وصفها النقاد فى تلك الفترة بأنها سطحية، وذلك نابع من عدم معاصرة صناعها لتلك الفترة ومعرفتهم بها من خلال وسائل الإعلام فقط، فيما قدم آخرون أفلاما بعيدة عن الحروب، إلا أنها كانت أيضا بعيدة عن الواقع الاجتماعي اللبناني. السينما اليوم فى فترة التسعينيات اتسمت الأفلام اللبنانية بأنها تتسم بالطابع الفني والثقافي أكثر من الجماهيري، وكان تمويل هذه الأفلام من أوروبا، ولكن الأوضاع حاليا فى السينما اللبنانية أفضل مقارنة بتلك الفترة، وذلك يتضح فى تنوع الأفلام التي تعرض حاليا، إضافة إلى افتتاح العديد من صالات العرض. أفلام لا تنسى ثمة مجموعة من الأفلام التى لا تنسى من ذاكرة السينما اللبنانية مثل "بيروت يا بيروت" للمخرج مارون بغدادي، و"يست بيروت" للمخرج زياد الدويري، و"طيارة من ورق" للمخرجة رندة الشهال، و"كاراميل" للمخرجة نادين لبكي، و"دخان بلا نار" للمخرج سمير حبشي.