رفضت اللجنة التشريعية بمجلس النواب بالإجماع مشروع قانون بإلغاء الفقرة «و» من المادة 98 من قانون العقوبات، المتعلقة بعقوبة ازدراء الأديان، والذي تقدمت به المقدم الدكتورة آمنة نصير، التي قالت: أصيبنا بحمى الدفاع دون علم، حيث أعرف تمام المعرفة قيمة الحرية المنضبطة التي يجب أن يتحلى بها الإنسان، مرددة: «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، موضحة أن الاختلاف الإرادة ولكن بضوابطها وأخلاقياتها ولابد أن تكون هناك ضوابط للاختلاف حتى لا يتحول إلى فوضى وسوء أدب وتطاول على الأديان، وعلينا أن نتعلم أدب الاختلاف الذي هو سر نماء البشرية. قال هشام عوف، رئيس الحزب العلماني المصري تحت التأسيس، فى تصريحات خاصة ل«البديل»: رفض اللجنة التشريعية بالإجماع مقترح إلغاء عقوبة ازدراء الأديان أمر متوقع من قِبَل هذا المجلس الذي أصاب جموع المصريين بالإحباط منذ انعقاده، حيث تمت هندسته منذ البداية بطريقة داعمة فقط للحكومة والشرطة، في غياب تام للرؤية والدور الحقيقي المخول له القيام به، فبدلًا من أن يستغل المجلس صلاحياته في التشريعات التي تخدم المجتمع يقف عائقًا ضدها!! وأكد عوف ضرورة حذف المادة 98 من قانون العقوبات؛ لأنها لم تطبق منذ صياغتها إلَّا لملاحقة الكتاب والمفكرين، ولم تستخدم إلَّا في حادثة واحدة مع أبو إسلام، مستنكرًا عدم تطبيقها مثلًا على بعض أئمة المساجد الذين لا ينطقون سوى كراهية وتحريضًا ضد الآخر، مشيرًا إلى أن ما نحتاج إليه هو قانون يجرم الخطاب الديني الذي يدعو للكراهية والعنف والفتن بين الأديان، وهو ما يوجد بكل دول العالم وليس المادة 98، التي تعاقب من يحاول التجديد والتفكير، ومن يكفّر يترك حرًّا طليقًا. وطالب رئيس الحزب العلماني المصري الدولة بوقف تعنتها تجاه إسلام البحيري والإفراج عنه بعد قضاء مدة السجن، مشيرًا إلى أن قانون ازدراء الأديان الذي يتفاخر به أعضاء التشريعية ويرفضون إلغاءه، يدفع ثمنه شخص في قضية فكرية بدلًا من فتح النقاش والحوار معه، ويظل بعض من يحرضون في خطبهم ضد أصحاب دين آخر طلقاء أحرارًا. من جانبه قال إسحاق إبراهيم، مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: رفض اللجنة التشريعية بمجلس النواب بالإجماع لمقترح قانون الدكتورة آمنة نصير يكشف بوضوح المشاعر الدينية المحافظة لهؤلاء الأعضاء، فهم لديهم كامل الاستعداد للتجريم أو التضييق على الحريات، سواء كانت حرية الاعتقاد أو حرية الرأي والتعبير. وأضاف في تصريحات خاصة ل«البديل» أن هذا الرفض لا يعكس فقط عيوب المادة، بل يؤكد أنها مادة معيبة وغير دستورية وتتعارض مع حقوق ومواد أقرها دستور 2014، وكان من الأجدى والأفضل للنواب تعديل القوانين وتحديثها بما يتفق مع بنود الدستور، الذي يعتبر أبو القوانين. وأوضح أن الفقرة «و» من المادة 98 لقانون العقوبات تتعارض مع نص المادة «67» التي تؤكد حرية الرأي والاعتقاد، بالإضافة إلى تعارضها مع المادة الدستورية التي تجرم الحبس تمامًا بقضايا النشر، وفقًا لنص المادة 71 من الدستور 2014، فضلًا عن أن مادة ازدراء الأدريان معيبة دستوريًّا من حيث الصياغة القانونية، حيث جاءت مطاطة وفضفاضة يسهل تكييف أي فعل لينطبق عليها، فأصبحت سيفًا مسلطًا على رقاب المثقفين والمجددين والمبدعين، حيث لم نعد نعلم أي الأفعال تمثل ازدراءً للأديان وأيها تمثل تمثل حرية اعتقاد، بفضل الصياغة غير المحددة. وأكد إسحاق الإصرار على مطلب إلغاء المادة 98 من قانون العقوبات تمامًا وليس تعديلها، وإغلاق البوابة الخلفية التي يحاكم عليها المفكرين، بحجة واهية وهي ازدراء الأديان، خاصة أن قانون العقوبات مليء بالقوانين التي تجرم الاعتداء على الأديان مثل المادة 160 والمادة 161، ومن ثم لسنا بحاجة إلى مادة مطاطة تستغل بشكل معاد للحريات والإبداع. بينما أعرب المحامي الحقوقي محمود البدوي، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، عن استيائه البالغ من قرار اللجنة التشريعية بمجلس النواب، مشيرًا إلى أن المادة تمثل حالة صارخة من حالات مخالفة الدستور المصري المعدل في يناير 2014، إذ أنها تخالف نص المادة 67 من الدستور التي تؤكد حرية الإبداع الفكري والأدبي والتي نصت أيضًا على عدم جواز رفع وتحريك الدعاوى لمصادرة الأعمال الفنية والأدبية، إلَّا من خلال النيابة العامة، بصفتها صاحبة الدعوي العمومية والأمينة عليها، وليس من خلال الجمهور، وهو ما ذهب إليه المشرع الدستوري ونص عليه بصلب المادة 71 من الدستور، والتي أكد فيها حرية الرأي والتعبير المنضبطة والمسؤولة، وبعيدة عن إطلاق فكرة قمع الأصوات المستنيرة والعاقلة، ولضمان عدم تغول السلطة وتكميم الأفواه. وأردف البدوي: هذه المادة المطاطة والتي تسمي «جريمة البحث في الضمائر» وضعها الرئيس الأسبق محمد أنور السادات عقب «أحداث الزاوية الحمراء يونيو 1981»، التي راح ضحيتها العشرات من المصريين وتم إحراق ممتلكات للمصريين المسيحيين تتضمن بعض المنازل والمحال التجارية على خلفية اشتباكات وصفت وقتها بأنها «طائفية»، وهي الواقعة التي تم استغلالها آنذاك بشكل تم تضخيمه وصولًا إلى فرض قوانين استثنائية في صورة إضافة جرائم جديدة لقانون العقوبات لتكميم الأفواه واستخدامها كفزاعة للعقاب باسم القانون لكل من يخالف النظام وقتها، وهو ما أطلق عليه البعض وقتها اسم «الحل السياسي للأزمة»، وبناء على هذا تم وضع تلك المادة التي وصفت وقتها بأنها مادة «سلطوية وفضفاضة». وأكد رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، أن كان يتوجب على اللجنة التشريعية أن تستطلع رأي المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن المادة التي تتعلق بحرية الرأي والتعبير، استنادًا إلى نص المادة 214 من الدستور المصري المعدل في يناير 2014، التي نصت على ضرورة أخذ رأيه في مشروعات القوانين المتعلقة بمجال عمله. تجدر الإشارة إلى أن المادة 160 من قانون العقوبات تنص على أن «يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 100ج ولا تزيد على 500ج أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو احتفال ديني خاص بها أو عطلها بالعنف أو التهديد، كل من خرب أو كسر أو أتلف أو دنس مباني معدة لإقامة شعائر دين أو رموزًا أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس». وناقشت اللجنة مشروع قانون بتعديل قانون العقوبات المادة 98 من قانون العقوبات حيث تنص المادة «يعاقب بالحبس مدة 6 أشهر ولا تتجاوز 5 سنوات كل من استغل الدين بالتحريض بالقول أو الكتابة لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الأضرار بالوحدة الوطنية».