يقول تعالى: «بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو ذاهق ولكم الويل مما تصفون» أما آن للحقيقة أن تظهر.. أما آن للإرادة أن تنطق.. أما آن للحرية أن تسطع.. أما آن للكرامة أن تلمع.. أما أن للعدالة أن تصدع.. أما آن للحق أن يرتع.. أما آن للباطل أن يركع.. أما آن للجلاد أن يسمع.. أما آن للضحية أن ترفع.. أما آن للشيطان أن يقنع.. أما آن للسلطان أن يشفع.. أيتها الحقيقة لا بد أن تنطقي.. أيتها الإرادة لا بد أن تنفجري.. أيها الحق أعلى صوتك.. أيها الباطل اخفض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير.. فكم كثيرة هى الصراعات السياسية والإرهابية التى يستغلها الإخوان لتوظيف المصطلح الفضفاض «شرعية الصندوق» فى سياق اختطاف الإرادة الشعبية، وإقصاء الجيش والشعب والتقليل من شأنهم. فهى مسيرة كرامة شعب، وإرادة وطن, وإعادة مواطن, ولكن يأبى البعض إلا أن يهينوا الشعب والوطن، مسيرة الشعب المصرى وإرادة شباب مصر وشباب الثورة الذين تناسلوا من رحم أم الدنيا مصر، ويأب الله إلا أن يتم نوره، وإرادة الله فوق كل إرادة. نجحت مسيرة الشعب المصرى بإمتياز لتكون كلمة الله هى العليا، لقد نزل شعب مصر، وهو يردد الهتاف التاريخى )الشعب يريد إسقاط النظام( وصور العالم هذا الحدث الجلل، وهذا التجمع العظيم فى شتى ميادين مصر، وصورت الأقمار الصناعية، وطائرات الجيش، وحلت شرعية الشعب، وتحقق الحدث المهيب الذى استطاع الشعب المصرى إثباته فى 30 يونية، وازداد الناس تألقًا، وازداد الشعب ترابطًا، وازداد الشباب تماسكًا، وازداد الإسلام قوة، وازداد الإخوان سقوطًا، وسجل الشعب المصرى العظيم نجاحه منذ اليوم الأول، وقام بوضع لبِنة مشرقة لمصر الجديدة، وحجر الأساس للجمهورية الثانية، والبدء فى بناء صرح مستقبله مشرق، وحاضره مغدق، وشبابه أعلى ولا يعلى عليه. ورغم المحن التى نمر بها، ورغم وجود الألم، والخيانة، والضرب، والإرهاب، والسباب، والسراب الذى يعيش فيه فصيل يظن أنه هو الإسلام، والناطق باسم الإسلام، ومن يخالفه كافر. ولكننى رغم كل هذا الافتراء والضلال والتضليل أرى أن القادم هو الأفضل، وأرى نورا يضيء من بعيد، وشعاعًا يبصر من قريب، وسيأتى هذا النور والشعاع والضياء بسواعد الأحرار والمخلصين من شعب مصر بعد عام من القهر مع نظام فاشل، ومزيد من الوقت يعنى المزيد من الضياع، فتحرك الشعب فى 30 يونيو، منتفضا ليعلن عن رغبته فى منع استغلال مصر أكثر من ذلك، انتفض الشعب الحر ليقول كفى، مصر أكبر من أن تباع باسم الدين. وأقول لهم أيها المتحدثون عن العفو والتسامح: العنف لا يولِّد إلا العنف، فكيف نستطيع أن نواجه الموت بابتسامة؟ وكيف يمكن أن أعطى وردة لمن يشهر السلاح فى وجهى؟ وكيف يمكن أن أتمنى الحياه لمن يتمنى الموت لي؟ وأردد قول الله تعالى: )وإذا جاءَكَ الَّذين يُؤمنون بآياتنا فقلْ سلامٌ عليكم كَتَبَ ربُّكم على نفسهِ الرَّحمةَ أنَّهُ من عَمِلَ منكم سُوءًا بجهالةٍ ثمَّ تابَ من بعدِهِ وأصلحَ فأنَّه غفورٌ رحيمٌ(، ويقول: )وآخرون اعتَرَفُوا بذُنُوبِهِم خَلَطوا عملًا صالحًا وآخرَ سيِّئًا عسى الله أن يتوبَ عليهم إنَّ الله غفورٌ رحيم(، وأقول للذين قتلوا ودمروا باسم الدين: )تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(، )وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ(. الآن فى مصر كثير من الضجيج وقليل من العمل، ضجيج يملأ أروقة مصر بين الميدان والقصر، ولكن تلوح فى الأفق إشارات تعديله، وثمة مشكلة منهجية فى تبخيس الإخوان لخروج الشعب المصرى فى 30 يونية بما يزيد على 35 مليون مواطن مصري، والحكماء مثابرون اليوم على اقتراح صيغ كفيلة بإخراجنا من الأزمة التى اختلقها الإخوان، حيث يزعمون أنهم يتحدثون باسم الشعب. وهى خطوة غير انتقائية وغير خاضعة لمزاجية من لا يعجبه أن يحتكر النطق باسم الشعب وباسم الإسلام. ويجب أن نتفق على أن الفوضى الحالية فى الشارع المصرى ورابعة العدوية، يحدثها الإخوان والجماعات الجهادية والإرهابية التى اعترف بها البلتاجى للجيش، وما يحدث من إرهاب وسباب وتفجير وتدمير وعنف وعند وقتل ودم وهم هى من صنع الإخوان، والتى قد تمثل فى نظر الشعب انخراطًا من موقع مستقل يريد للبلد أن ينزلق إلى القاع بل القعر بدفع من أنصار الرئيس المعزول مرسي، باعترافاتهم المدمرة، وتحريضاتهم الفاشلة، أمثال صفوت حجازي، ومحمد البلتاجي، وعاصم عبد الماجد، وحازم صلاح أبو إسماعيل، ومحمد بديع، ومهدى عاكف، وعصام العريان، ووجدى غنيم، وطارق الزمر، لإحداث فوضى وحرب شوارع واهمين أنهم بإحداث هذه الفوضى والقتل والخراب سيعاد المعزول، لفرض سيطرة نظام الإخوان وبطانته، لكن ديناميكية الإخوان التى يشتغلون عليها، تكاد تكون بلا أثر أمام الشعب المصرى العظيم، وجيش مصر العتيد، فى ظل تكالب قوى الاستعمار الجديد )الإخوان، وأمريكا، وإسرائيل، وقطر( على مصادرة حقوق الشعب، ومجهودات شباب الثورة، وإلحاقها بقطار الثورة المضادة من قبل الإخوان، لإخفاء دورهم البطولي، وإلغاء عملهم التاريخي. أى محاولة لإغفال الوقائع والحقائق التى اعترف بها البلتاجى وهى أن مفاتيح ما يحدث فى سيناء وغيرها من تفجير وقتل فى يديه، ستفضى حتمًا إلى سيناريوهات كارثية مماثلة لما يحدث اليوم فى ليبيا، والعراق. عندما أتت الفرصة الذهبية للإخوان للوصول إلى سدة الحكم لم يمتلكوا الذكاء والدهاء لإنجاح أنفسهم، بل هم من أسقطوا أنفسهم، وشرعية تمثيلهم للشعب كانت ناقصة، وساقطة، وفاشلة، ومتآكلة، ومتناحرة، وبدلًا من دعوة الشعب للوحدة والتماسك دعته إلى التشبث بشرعية موهومة. نحن هنا إزاء حالة فريدة وهى إثبات الذات للإخوان، وإنكار باقى فصائل المجتمع، على أنهم جهلة لا يفقهون شيئا، وأن العلم والشرعية والشريعة والإسلام فقط قاصرة على الإخوان، على غير الواقع، فكيف يمكن لخطاب الإخوان المتناقض والمتعارض والهزلى، أن يقنع أغلبية الشعب بجدارة، وهذه مشكلة حقيقية على الإخوان حلها إن استطاعوا، ولن يستطيعوا، ويجب إعادة النظر فى الخطاب الدينى والسياسى للإخوان الذى ينفر منه الشعب المصري، بل الشعوب العربية والعالمية، ويجب تغير خطاب الحديث عن «الشرعية» وكذلك «تمثيل كل أطياف الشعب» لأنهم لا يمثلون الشرعية، أو الشريعة، أو الإسلام، وباقى الرّطانة الفارغة. وهذا الخطاب الإخوانى المستفز، يجعل الإخوان يتخبطون فى الحوائط، كما حدث مع النظام السابق. وكنت على يقين تام من خلال أفعال وتصرفات الإخوان وخطابهم الدينى والسياسى أن شرعيتهم تتآكل سريعًا، رغم أن الجيش والشرطة والحكومة والإعلام والقضاء وكل مؤسسات الدولة كانوا معهم، وكانوا لا يملكون أشياء ملموسة قدموها لهذا الشعب حتى الآن. ومن هنا تحديدًا تبدأ المشكلة، ومن وقت أن اعتقد الإخوان أن مصر هى «ملعبها المفضل»، لكن «سردية الأفعال» التى يمارسها الإخوان بسذاجة مطلقة فى رابعة العدوية، واستدراج أمريكا وإسرائيل وملحقاتهم، للتدخل فى شئوننا الداخلية، ودعوة الجيش الأمريكى لحماية الإخوان من قبل الخائن عصام الحداد. وهذا لا يمكن أن يكون إلا رغبة مركّبة يختلط فيها السياسى بالطائفى، والحابل بالنابل، والحق بالباطل.. تحياتى للشعب والجيش. عميد النادى الدبلوماسى الدولى [email protected]