"ياتري ليه الحياة حلوة أوي في السينما؟".. شاشة بيضاء وظلال وأشكال وألوان تأخذها كلها بنظرة واحدة وأنت جالس في العتمة وكأنك تقبض علي الحياة بقوة وتتشبث بتفاصيلها رافضاً أن تفلت من بين أصابعك. " ليه الحياة حلوة في السينما؟".. سؤالي الذي فاجئني، فوجدتني أقول "يمكن عشان الجنة في السينما".. "يمكن عشان السينما مفيش فيها رتابة أيامنا وواقعنا".. "يمكن عشان بتخلينا نتصيد الحنين لحاجات حلوة في خيالنا".. "ولا يمكن عشان بنعيش من خلالها الحياة بجرعات كبيرة". شغلني السؤال حتي اصطدمت بمسدس في الجيب الخلفي للصديق أحمد أبو صالح، ولما وجدني أنظر اليه ببلاهة، ابتسم بتحفظ وقال" شوية مشاكل صغيرة في البلد عشان كدة هو معايا مابيفارقنيش".. طبعاً لم أصدق أن أبو صالح كائناً يحمل مسدساً بالرغم من انتمائه الصعيدي الذي يعتز ويجهر به بمناسبة ومن غير مناسبة، وبالرغم من صوته العالي "كرصاصة المسدس" كلما رآني "ناهد فين الشغل؟"، لذلك قررت أن أقوم باستفتاء علي ال"فيس بوك" عن مسدس أبوصالح، ولكني وجدتني أطرح سؤالي الذي نسيت أن أوجهه لأبو صالح بعد أن خطفني مسدسه في جيبه الخلفي:"ياتري ليه الحياة حلوة أوي في السينما؟".. وتواصلت مع الأصدقاء الذين كشفوا كيف تسحبهم السينما من أعماق حياتهم الواقعية، نحو النور حيث الحياة سامية وأساسية، وحيث هي قضية مغايرة عن التي يعيشونها، ومختلفة تماما.. وكأن السينما تعني لهم فرصة ثانية وثالثة ورابعة، آيتن الموجي قالت:" لو ده في الواقع سهل كده مكنتش الافلام هتلمس قلبك و مشاعرك كده قلبك بيروح للي مفتقده".. وقالت :" احلمي و اتمني حبيب يقول و يحب و يطبطب. حبيب تبقي اغلي حاجه في حياته. حبيب يمسك ايدك وانتي في المستشفي.يربي ولادك و يحبهم. احلمي بأه ببيت حلو و مدينه فاضله وناس لسه ناس مش وشوش كذاب ... احلمي مع السيما . السيما و بس يا ناهد". ووليد الشيخ قال :"الحياة حلوة في السينما لأن المؤلف يرسم القدر علي مزاجه هو ، لكن روعة السينما أنها تجعلك تعيشين ألف عمر إضافة إلي عمرك ، خاصة لو استطعت في القصة الواحدة أن تتخيلي نفسك مكان عدة شخصيات مختلفة وليس فقط مكان البطل ، وتسألي نفسك .. تري ماذا سأفعل لو كنت مكان هذه الشخصية. وقال وليد أيضاً:"فيه أفلام غيرت منظوري للحياة ، او علي الاقل خلتني اعيد ترتيب الافكار في دماغي لدرجة اني اقدر اقول ان افكاري تغيرت بعد فيلم كذا". صديقتي رانيا المارية متفائلة كعادتها لذلك كتبت تقول : " ليه يا ناهد الحياه حلوه في السينما؟ و هي الحياه في الواقع مش حلوه؟ و الله زي ما هتشوفيها زي ما هتلاقيها .قرري انت عايزه تشوفيها ازاي. ...و بعدين هي السينما ده برده مش في الحياه يعني في حاجه حلوه اسمها السينما في الحياه. و بالتالي يبقي في حاجه حلوه في الحياه ، و لو دورتي شويه هتلاقي في حاجات تانية حلوه في الحياه". قد تكون رانيا لديها الحق في قناعتها ان الحياة برمتها حلوة "برة وجوة السينما"، لكن الحقيقة انه مع كل فيلم تولد لحظة اكتشاف توقظ الفضول للحياة.. وتجعلنا نتماهي وسط العتمة مع ناس الفيلم ونشاركهم حياتهم ونصنع معهم لحظات مدهشة، لذلك " مافيش حل غير اننا ندخل السينما" كما قالت صديقتي غادة عبود، لأننا فعلاً نقيس الحياة علي مقاس السينما، وحتي صديقي أحمد أبو صالح صاحب المسدس حين نسأله عن السينما نجد ملامحه ارتاحت وينسي مسدسه و"شوية المشاكل الصغيرة" ويتحدث باستفاضة عن السينما والفضول الذي تصنعه افلامها بشخصياتنا وأحلامنا. [email protected]