بعد العودة التدريجية للعمل في القطاعات المتضررة في الدول الأكثر تعرضًا للإصابة بفيروس كورونا المستجد، زادت وتيرة عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية وتعليمات السلامة الشخصية المطلوبة للوقاية من الإصابة بالفيروس القاتل، وتعامل الكثيرون مع الخطر الداهم بحالة من اللامبالاة، فانتقلتِ الكمامة إلى الجيوب انتظارًا لاستخدامها في كمين أمني أو مواقع عمل ملتزمة بالإجراءات الوقائية، وتراجع استخدام المطهرات، وعاد البعض للتقارب والمصافحة والأحضان والقبلات.. فظهرت في الأفق رياح موجة ثانية من إصابات كورونا قد تكون هي الأشد خطورة على البلاد والعباد. كان الإعلان عن عودة مستشفى النجيلة المركزى بمحافظة مطروح للعمل مرة أخرى كمستشفى للعزل، اعتبارًا من يوم السبت الثامن من أغسطس 2020، صادمًا للغارقين في الأمان الزائف، وذلك بعد أسبوعين من إلغاء أقسام العزل في جميع المستشفيات بنطاق مراكز ومدن المحافظة، وتسجيل صفر إصابات في العديد من المحافظات، واستقبل مستشفى النجيلة من جديد الحالات المصابة بفيروس كورونا، وتم تسجيل حالة وفاة بين المصابين. وسجلت وزارة الصحة ارتفاعًا جديدًا في أعداد المصابين بفيروس كورونا، وأعلنت في بيانها ليوم السبت 8 أغسطس، أنه تم تسجيل 167 حالة جديدة ثبتت إيجابية تحاليلها معمليًا للفيروس، بالإضافة إلى وفاة 21 حالة جديدة، بزيادة 26 حالة إصابة بالإضافة إلى زيادة الوفيات حالة واحدة على الحالات المسجلة في اليوم السابق. وعاد الحديث مجددًا عن الوفيات بين الفرق الطبية، وأعلنت نقابة الأطباء يوم السبت 8 أغسطس، عن وفاة الدكتور سامح سلطان أستاذ مساعد الفسيولوجى، بكلية طب الأزهر بأسيوط، متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا، وخلال الأسبوع الأول من أغسطس، تم الإعلان عن وفاة أربعة من كبار الأطباء متأثرين بإصابتهم بالفيروس، وهم: «الدكتور محمد ندير استشاري الأمراض الصدرية بمستشفى صدر المعمورة بالإسكندرية، والدكتور عبدالمنعم ربيع، أستاذ ورئيس قسم الصدر الأسبق بكلية الطب بالإسكندرية، والدكتور عبد الوهاب السعدني، رئيس قسم الأطفال في مستشفى المنصورة الدولي، والطبيب حسن حمزة، أحد شيوخ الطب بمحافظة قنا، ومدير مستشفى الجلدية سابقًا»، بالإضافة إلى وفاة الصيدلاني محمد حمزة، بعد أن فشلت جميع المحاولات لإنقاذه داخل غرفة الرعاية المركزة في قسم العزل بمستشفى منوف. وخلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء -الذي عُقد بمدينة العلمين الجديدة يوم الخميس السادس من أغسطس- حذرتِ الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، من خطورة الأمان الزائف والتهاون في الإجراءات الاحترازية بعد تسجيل إصابات قليلة في النصف الثاني من شهر يوليو، واستعرضت وزيرة الصحة والسكان، تطورات نسب الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وتجارب بعض الدول التي سبقتنا في انخفاض عدد الإصابات بها، ثم معاودة الارتفاع لديها مرة أخرى. وأعلنتِ الدول الأكثر تعرُّضًا للإصابة بفيروس كورونا عن ارتفاع ملحوظ في الإصابات وزيادة أعداد الوفيات مجددًا، وعادتِ الحكومات إلى قرارات الإغلاق والحظر وإعلان حالة الطوارئ الصحية في المستشفيات والمراكز الطبية. في جمهورية كوبا وبعد ثلاثة أسابيع من الاحتفال بعدم تسجيل إصابات جديدة بفيروس كورونا، اضطرت سلطات البلاد إلى إعادة فرض إجراءات عزل عام صارمة بسبب عودة وتيرة تفشي الوباء للارتفاع، وقررتِ الحكومة الكوبية يوم السبت الثامن من أغسطس، إعادة إغلاق المطاعم والملاهي وحمامات السباحة في العاصمة هافانا، بالإضافة إلى تعليق حركة النقل العام وحظر ذهاب المواطنين إلى الشواطئ، على خلفية عودة وتيرة تفشي الوباء إلى سابق عهدها. وفي مقاطعات الصين، وبعد تكرار تسجيل صفر إصابات خلال شهر يوليو من العام 2020، أعلنت لجنة الصحة الوطنية في الصين، يوم الأحد التاسع من أغسطس، أنها تلقت تقارير عن تسجيل 23 حالة إصابة مؤكدة جديدة بمرض فيروس كورونا المستجد في البر الرئيسي الصيني يوم السبت، من بينها 15 حالة محلية. وتشهد الولاياتالمتحدةالأمريكية عودة متسارعة لانتشار الوباء بشكل كبير حيث سجّلت خلال يوم واحد 2060 حالة وفاة بفيروس كورونا، فضلًا عن أكثر من 58 ألف إصابة جديدة، حسب إحصاء لجامعة جونز هوبكنز ليوم الخميس السادس من أغسطس. وسجلت فرنسا في الأسبوع الممتد بين 27 يوليو إلى 2 أغسطس، ارتفاعًا في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد بنسبة تتجاوز 30% وفق حصيلة أسبوعية، وعادتِ الإصابات اليومية الجديدة لتتجاوز عتبة الألف منذ نهاية يوليو، وأعلن المجلس العلمي أن فرنسا ليست بمنأى عن تجدد انتشار العدوى على نطاق واسع، وحثّ الفرنسيين على احترام إرشادات الوقاية. وفي المغرب تم تمديد حالة الطوارئ الصحية في البلاد، من الخميس 6 أغسطس حتى العاشر من سبتمبر 2020، وتم تعليق الإجازات السنوية للأطباء والعاملين في المستشفيات، بعد الارتفاع الذي طرأ على أعداد المصابين بوباء كورونا، وذكرت وسائل إعلام محلية في المغرب أن القرار كان متوقعًا في ظل ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس. وفي مطار تونسقرطاج الدولي، سيطرت حالة من الفزع بين صفوف العاملين في المطار يوم الأحد 9 أغسطس، بعد ارتفاع الإصابات في صفوف الموظفين إلى 26 حالة، وطالبت نقابة أمن مطار تونسقرطاج الدولي، بضرورة غلق المطار لمدة أسبوع وتعقيمه وإخضاع جميع الموظفين فيه للتحاليل المخبرية لتقصي فيروس كورونا، وأعلنت وزارة الصحة التونسية، مساء السبت 8 أغسطس، أن عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد قد تضاعف عشر مرات خلال الشهر الأخير، بعد فتح المطارات والموانئ وتوافد السياح. وسجلت تركيا يوم السبت 8 أغسطس 1172 إصابة، لترتفع الحصيلة الرسمية إلى 239 ألفًا و622 حالة، كما سجلت 16 حالة وفاة ليرتفع عدد الوفيات إلى 5 آلاف و829 حالة، وتؤكد مصادر طبية أن الحالات غير المعلنة تمثل أربعة أضعاف الأرقام الرسمية التي يعلنها نظام أردوغان. وأكدت منظمة الصحة العالمية أن ارتياد الشباب للملاهي والشواطئ أدى إلى زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، «تيدروس أدهانوم غيبريسوس»، للصحفيين، يوم الأربعاء 5 أغسطس: «قلنا هذا من قبل وسنقوله مرة أخرى.. الشباب ليسوا منيعين.. يمكن أن يصاب الشباب؛ يمكن أن يموت الشباب؛ والشباب يمكنهم نقل الفيروس للآخرين». وبعيدًا عن الأرقام الرسمية المسجلة لحالات الإصابة والوفاة بفيروس كورونا، تنتشر في جميع الدول إصابات بفيروس كورونا لم يتم تسجيلها لأن المصابين ظهرت عليهم أعراض خفيفة أو متوسطة واختاروا العلاج تحت إشراف طبيب خاص في عزل منزلي، خوفًا من الاختلاط بحالات أشد خطورة داخل المستشفيات والمراكز الطبية، ولم يطلب بعضهم النقل إلى المستشفيات إلا عند الحاجة إلى جهاز تنفس صناعي أو رعاية طبية مركزة، ولم تشملِ الأرقام الرسمية حالات تُوفيت متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا قبل نقلها إلى المستشفيات وقبل إجراء التحاليل اللازمة لإثبات سبب الوفاة، وتؤدي مثل هذه الحالات إلى انتشار العدوى بين القائمين على الغُسل والمشاركين في دفن المتوفي دون علم بأسباب الوفاة الحقيقية. وتبدو رياح الموجة الثانية من موجات جائحة كورونا على مرمى البصر في الأفق البعيد، وقد تكون هي الأكثر خطورة على البلاد والعباد.. فهل يلتزم المواطن المصري بالإجراءات الوقائية أم يغرق في الأمان الزائف؟!