واصلت تركيا تحدى كل المقررات والنداءات الدولية التي تحذر من دعم حكومة الرئيس رجب أردوغان للميليشيات الإرهابية في منطقة غرب ليبيا، حيث واصل أردوغان نقل المزيد من المرتزقة والأسلحة إلى مدينة مصراتة، يأتي هذا فيما يعقد الاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، اجتماعا على مستوى وزراء الخارجة بهدف تقييم وتفعيل العملية البحرية "إيريني"، المعنية بمراقبة حركة تهريب السلاح والمرتزقة إلى ليبيا جوا وبحرا. وخلال لقائه الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، ناشد رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، الجهات الدولية لوقف التدخلات السلبية في ليبيا، وتسهيل ودعم العملية السياسية حتى لا تقع كارثة إنسانية واقتصادية جديدة في سرت والهلال النفطي، مع الدعوة إلى إعادة إحياء الحوار السياسي الليبي والمبادرة السياسية التي طرحها "صالح"، في وقت سابق. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، خلال إفادة لمجلس الأمن الدولي عن الوضع في ليبيا: "الوقت ليس في صالحنا، فقد دخل النزاع مرحلة جديدة مع التدخل الأجنبي الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، بما في ذلك إيصال المعدات المتطورة وإعداد المرتزقة المشاركين في القتال"، في إشارة للجرائم المستمرة التي ترتكبها تركيا في منطقة غرب ليبيا. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن القلق البالغ إزاء الحشد العسكري المفزع حول المدينة، وارتفاع وتيرة التدخل الأجنبي المباشر في النزاع في انتهاك لحظر التسليح الذي فرضته الأممالمتحدة، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والالتزامات التي تعهدت بها الدول الأعضاء في برلين، وفقا لموقع بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، وقال: إن الأوضاع في شرق ليبيا (التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي) شهدت بعض التحركات التي تشير إلى تجدد التأييد لإيجاد حل سياسي للنزاع، مستشهدا بمبادرة رئيس مجلس النواب (23 مايو) وإعلان القاهرة (6 يونيو). وكان وزير الخارجية، سامح شكري، قد أطلع مجلس الأمن الدولي على تطورات الوضع في ليبيا، معربا عن تقديره لفرنسا وألمانيا لدورهما فيما يتعلق بهذا الملف، وقال: إن مساحات كبيرة من غرب ليبيا أصبحت موطئ قدم للتطرف، وملاذا آمنا للمنظمات الإرهابية. وسعت قوى الشر تلك في كثير من الأحيان إلى مد ظلالها القاتمة فوق مصر من خلال اختراق حدودنا الغربية، وإن مثل هذه الاختراقات الدموية انخفضت بشكل كبير بفضل جهود الجيش الوطني الليبي لتأمين المناطق الشرقية من ليبيا، داعيا إلى وقف فوري لإطلاق النار في كافة أنحاء ليبيا؛ وهي خطوة هامة باتجاه إحياء المحادثات السياسية في جنيف تحت رعاية الأممالمتحدة وفي إطار معايير عملية برلين. وشهد الملف الليبي متغيرا مهما، بعدما كشف وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، عن أن بلاده "على اتصال دائم مع مصر" فيما يتعلق بالأزمة الليبية، وقال بوقادوم: إن بعض الدول طالبت الجزائر بأن ترسل قوات من جيشها إلى مناطق النزاع لفرض احترام وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن القيود الدستورية منعت استجابة الجزائر لهذه المطالب، وفيما حذر من أن "الحرب بالوكالة ستحول ليبيا إلى صومال جديد"، وأن الجزائر ترفض التدخل الخارجي في ليبيا. وأشار الوزير إلى أنه لو تم احترام وقف توريد السلاح إلى ليبيا ووقف إرسال المرتزقة وتقديم الحلول السياسية، "فإن ليبيا كانت ستصل إلى حل للأزمة"، وقال: إن ترشيح وزير الشؤون الخارجية الجزائرية الأسبق، رمطان لعمامرة مبعوثا أمميا في ليبيا عارضته ضغوطات وصراع مصالح بمجلس الأمن الدولي، وأن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عين القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، اللواء عمر تلمساني، قائدا للناحية العسكرية الرابعة خلفا للمرحوم اللواء حسان علايمية، بناء على ترشيح من رئيس أركان الجيش، الفريق السعيد شنقريحة. وفيما تعتبر الناحية العسكرية الرابعة من المناطق الإستراتيجية في الجزائر اقتصاديا وأمنيا، حيث يمتد نطاق اختصاصها إلى الحدود مع ليبيا، فضلا عن أنه توجد بها الحقول الغنية من النفط والغاز، فقد شهد البحر المتوسط العديد من المناورات العسكرية مؤخرا، بدأتها تركيا، قبل أن تنفذ مصر المناورة الشاملة "حسم 2020"، ثم قيام كل من فرنسا واليونان وقبرص بتنفيذ مناورات بحرية، لاحقا. وفيما أكد رئيس البرلمان الجزائري، سليمان شنين، الحل السياسي في ليبيا، فقد دعا وزيرا الخارجية، الجزائري صبري بوقادوم ونظيره الإيطالي لويجي دي مايو، إلى ضرورة الاحترام التام والصارم لحظر توريد السلاح إلى ليبيا وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأهمية التواصل مع مختلف الأطراف المعنية من أجل المساهمة الفعالة في توفير الشروط الضرورية لتمكين الفرقاء الليبيين من الانخراط في مسار التسوية السياسية، ضرورة تسريع العمل على التوصل إلى اتفاق لوقف فوري لإطلاق النار. وجددت الولاياتالمتحدةالأمريكية تأكيد سياستها تجاه ليبيا، وأنها تؤيد العملية السياسية، والجهود الأممية لحل النزاع سلميا، مشددة على أنها تعارض التدخلات العسكرية الأجنبية، وترى ضرورة الإنهاء الفوري للدعم الخارجي، وقالت وزارة الخارجية: واشنطن تقف بكل شدة ضد التدخلات الخارجية والميليشيات المسلحة التي تستخدم ليبيا ساحة معركة لها.. الولاياتالمتحدة "لا تزال قلقة" بشأن الشعب الليبي، وتأثير الصراع المدمر على المدنيين والبنية التحتية المدني. وفيما قالت وزارة الخارجية الأمريكية :"إنه من الضروري وضع اللمسات الأخيرة على وقف فوري لإطلاق النار، في إطار المحادثات العسكرية 5+5 التي تقودها الأممالمتحدة"، فقد أكد وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" أن الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، مستعد للتوقيع على اتفاق لوقف فوري لإطلاق النار إلا أن حكومة طرابلس لا ترغب في ذلك وتعول على الحل العسكري، وأعرب "لافروف" عن أسفه لأنه بالرغم من إقرار جميع الأطراف بأنه لا يوجد حل عسكري للصراع الليبي، فإن هذا لا يُترجم إلى خطوات عملية. وفيما لم يستبعد الناطق باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري خيار الحرب إذا تجاوزت ميليشيات السراج (المدعومة من مرتزقة الحكومة التركية برئاسة رجب إردوغان) خط سرت- الجفرة، فقد أكدت تقارير عسكرية ليبية أن هناك صعوبات وعوائق طبيعية (طوبوغرافية)، وقال العقيد السابق في الجيش الليبي، ونيس العمامي: إن "هناك عوامل طبيعية ولوجيستية ستشكل عائقا حقيقيا أمام تقدم ميليشيات الوفاق، المدعومة تركيا، لاسيما طول خط الإمداد، من مصراتة إلى سرت والجفرة، الذي يبتعد عن الأولى 250 كيلومترا، وعن الثانية حوالي 500 كيلومتر". وأوضح أن "خط إمداد طويلا، مثل هذا، في منطقة صحراوية مكشوفة، يحتاج غطاء جويا كثيفا، وتعتمد ميليشيات الوفاق بشكل كلي على طائرات بيرقدار التركية المسيرة، وهي غير قادرة على تقديم هذا الدعم الحيوي، لأسباب فنية متعددة.. يبلغ مداها 150 ميلا فقط، وتتطلب خط تسديد مباشرا، وأي عمليات شرق سرت تتطلب نشر محطات سيطرة أمامية، أو بناء أبراج ترحيل، وكلاهما سيكون عرضة لهجوم جوي، من قبل الجيش الوطني الليبي". وقال: إن "القوات التركية وميليشيات الوفاق خياراتها محدودة جدا لتجاوز هذا العائق عبر توسيع نطاق هذه التغطية المكثفة، في المناطق المكشوفة، شرق مصراتة، مما يتطلب منها نشر المزيد من أنظمة الصواريخ أرض – جو، لتحييد سلاح الجو المضاد، وهذا سيكون بتكلفة ومخاطر متزايدة، فنشر هذه الصواريخ في العراء يجعل تدميرها أمرًا سهلًا ومؤكدًا"، وأن "الطائرات المسيّرة نفسها، إذا حلّقت شرقا، فستصبح خارج تغطية نظام التشويش كورال، القادر على التغلب على رادارات صواريخ بانتسير، المضادة للطائرات التي يمتلكها الجيش الوطني الليبي، والتي لعبت دورا في حمايتها وعززت دوره في معركة طرابلس، وفقدان هذه الحماية سيجعلها تتساقط في الصحراء، كلما حاولت ميليشيات الوفاق الاستعانة بها".