في لحظات المرض كان تحول النتيجة إلى سلبي.. أعظم أحلامي لم يكن حسام النادي وهو شاب فى العقد الرابع من عمره يعلم أنه سيكون احد ارقام بيانات وزارة الصحة التى تنشر يوميا فى وسائل الاعلام للاعلان عن حجم تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19" والتنبيه لخطورته، هو شاب يتمتع بصحة جيدة ويعمل كيميائيا ومشرفا على احد ورديات افران شركة الحديد والصلب، وهو عمل شاق ويتطلب جهدا كان يقوم به على أكمل وجه، ذات يوم شعر بأعراض خفيفة من صداع وألم فى الجسم وارتفاع فى درجة الحرارة، فتقدم بطلب إجازة من العمل لمدة عشرة ايام، ولانه شعر أن الاعراض تتشابه مع اعراض "كورونا"، فأحب أن يطمئن فذهب لطبيب إخصائي أمراض باطنية؛ حيث أعطاه أدوية بدأ يشعر معها بتحسن لمدة أربعة أيام وكانت درجة الحرارة وقتها ترتفع وتنخفض، ولذلك قرر عزل نفسه عن المحيطين به حتى لا يؤذى أحدا، وحتى يتأكد من حقيقة المرض، وهل هو نزلة برد عادية أم انها فعلا أعراض "كورونا"؟ بدأ حسام بعد تحسن مؤقت يعاني من اعراض كحة "ناشفة" بسيطة، فتوجه للطبيب مرة أخرى فأعطاه دواء، وأخبره انه فى حالة عدم التحسن خلال ثلاثة ايام، فلابد من عمل أشعة مقطعية على الصدر.. يقول: "بالفعل لم أتحسن فأخذنى والدي إلى طبيب امراض صدرية وقام بعمل أشعة كما أوصي الطبيب السابق وشخص حالتي أنها التهاب رئوى ونتيجة لهذا التشخيص أعطاني دواء به مادة الكورتيزون ومضادات حيوية أضعفت مناعتي مما أدى إلى تأخر حالتي الصحية، وبدأت أشعر بضيق في التنفس مصحوبا بتكسير في الجسم كله وكنت أعاني فقدانا في الشهية وعدم النوم، وذهبنا إلى الطبيب مرة أخرى في اليوم التالي وحالتي كانت أسوأ كثيرا مما كنت عليه، فقام بعمل أشعة مرة أخرى ووجد أن الالتهاب الرئوي يزيد فأخبرني بأن حالتي لا تتحسن مع هذه الأدوية، وبالتالي فان تشخيص الحالة بنسبة 90٪ على انها فيروس كورونا، وقام بتحويلي الى مستشفي حميات العباسية"، وعن تصوره لمصدر العدوي يضيف: "والدي تعرض لنفس الأعراض ولكن مناعته تغلبت عليه وبالرغم من انني عزلت نفسي في البيت حوالي 10 ايام كانت خلالها الاعراض بسيطة جدا، الا أن قواي انهارت بعد مداهمة الفيروس للرئتين". لاينسي فى هذه اللحظات الصعبة مواقف أثرت فيه فيقول "عندما تم تحويلي الى حميات العباسية دخلت الى الاستقبال وكان وقت الإفطار لكن الطبيبة التى استقبلت الحالة ولا أعرف إلا اسمها الاول "أماني" كانت تتعامل بمنتهي الانسانية والاحترام، وهو موقف لا أنساه لأن المريض يحتاج لمن يشعر بمرضه ويقدم له الرعاية اللازمة، فقامت بعمل تحليل صورة دم كاملة وأشعة على الصدر وعملت المسحة الخاصة بتشخيص فيروس كورونا. وكانت حالتي متأخرة جدا فتم وضعي على جهاز الأوكسجين وكانت ضربات قلبي سريعة جدا والأكسجين اقل كثيرا من المعدل الطبيعي بالاضافة الى انخفاض الضغط ، وانتظرت نتيجة المسحة لمدة يومين كانت لحظات عصيبة عندما عرفت ان النتيجة ايجابية؛ لكن بعد شعوري بالتحسن التدريجي بعد وضعي على جهاز الاكسجين وتعليق محاليل، فوضت أمري الى الله وتذرعت بكل مشاعر الايمان، وعلى الرغم من الاحساس بضيق أقل في التنفس، الا انني قاومت المرض بالدعاء والابتهال الى الله عز وجل، وبالتالي كنت أغادر السرير واتحرك بمفردي قليلا. بعد تحسن حالته نسبيا كانت المحطة التالية فى مستشفي العزل بكفر الدوار حيث تلقى بقية بروتوكول العلاج.. وعن متابعة حالته المرضية هناك يقول: "كل غرفة بها اثنان من المرضي، وتم عمل أشعة مقطعية مرة أخرى وتحليل صورة دم كاملة في أول يوم وكانت نتيجة التحاليل جيدة وبدأت أتلقى العلاج مرتين يوميا وفي اليوم السادس تم عمل مسحة وكانت النتيجة سلبية والحمد لله حيث ظهرت بعدها بيومين وفي نفس اليوم الذي ظهرت فيه النتيجة تم عمل المسحة التانية وبعدها بيومين كانت سلبية". عن لحظات السعادة التى تملكته حينما تم تأكيد تحول حالته من ايجابي الى سلبي يضيف: "أخبرني الطبيب المسئول بانه بامكاني الاتصال بأحد من الاهل او معارفي للعودة إلى البيت، وفي خلال تلك الفترة التى قضيتها فى مستشفى العزل كان يتم تقديم الرعاية الطبية بمستوى محترم بالإضافة إلى توفير الوجبات والكمامات والكحول والتنبيه بعدم الاختلاط اولا بأول". يتوجه حسام بالشكر لله أولا اعترافا بفضله؛ ثم لسيل الدعوات التي امتلأت بها صفحته على الفيس بوك وعلى هاتفه المحمول من اقاربه ومعارفه وزملائه والتى كان لها من وجهة نظره أثر كبير على دعم نفسيته وتقوية المناعة للتغلب على المرض. يرى ان تجربة المرض بالرغم من انها كانت مريرة فى المعاناة إلا أنها كانت منحة له حيث فاضت عليه مشاعر من الحب لم يكن لينساها ابدا؛ ولكنه يتمنى على كل من يعرفه او لايعرفه عدم التعرض لمصادر العدوى؛ لأن المرض شرس وفتاك ولذلك يقول انصح بعدم الخروج الا للضرورة الالتزام بإجراءات الوقاية حتى مع الاهل. وعند الشعور بأي أعراض برد التوجه لأقرب مستشفى لعمل التحاليل اللازمة والتزام العزل المنزلي في غرفة منفصلة عن باقي الاسرة وتجنب التواجد في الأماكن المزدحمة؛ لأنها أكثر أماكن معرضة لانتشار الفيروس.