أكد ملتقى الفكر الإسلامي أن شهر رمضان هو شهر الصبر الجد والاجتهاد والعمل و الانتصارات الكبرى وهو شهر التقرب إلى الله (عز وجل) بالدعاء والتضرع والإنابة والبعد عن التنازع والاختلاف ، والإخلاص لله تعالى والإنتصار على النفس الإنسانية الأمارة بالسوء. جاء ذلك في إطار الحلقة السابعة عشر لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى لشئون الإسلامية تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، والتي أقيمت تحت عنوان : " ذكرى انتصار يوم بدر" ، وحاضر فيها كل من: الدكتور أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف ، والدكتور السيد مسعد مدير مديرية أوقاف الجيزة ، وقدم للملتقى الإعلامي حسن الشاذلي المذيع بقناة النيل الثقافية . وفي البداية ، أكد الدكتور أحمد حسين ، أن شهر رمضان هو شهر الانتصارات ، ففيه انتصار بدر الذي أعز الله( عز وجل ) فيه نبيه (صلى الله عليه وسلم ) المؤمنين ، قال تعالى : "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" ، كانت واقعة بدر في شهر رمضان ، وهو شهر التقرب إلى الله (عز وجل) بالصيام وبالقيام وبقراءة القرآن ، وفيه فتح مكة ، وفيه نصر العاشر من رمضان المجيد ، مضيفا : وإذا كان شهر رمضان هو شهر التقرب إلى الله (عز وجل) بالدعاء والتضرع والإنابة والخشية فهو أيضًا شهر الجد والاجتهاد والسعي الدءوب ، وأعلى درجات السعي وأعلى درجات العمل أن يلقى المسلمون أعداءهم في ميدان القتال ، فلم يُستثن رمضان أن يكون ظرفًا للحرب التي تدور في كل زمان ومكان بين الحق والباطل ، بين المعتدين وبين من يدفعوا العدوان. وقال حسين ، إن يوم بدر فيه من الدروس والعبر الكثير ، منها : أن رمضان شهر الاجتهاد ، وشهر العمل ، كما أنه شهر العبادة ، فلا يحول الصيام بيننا وبين أن نباشر أعمالنا ، مهما كانت عظيمة وشاقة ، فإن الله يعيننا عليها ويبارك لنا في قوتنا ، فليس الصوم موسمًا للقعود ولا لترك العمل ، بل هو موسم للجد والاجتهاد يتدرب فيه المؤمن على ألوان متعددة من العبادات ، فالصيام يعطي المؤمن قوة يستطيع أن يواجه بها الشدائد ، فالإنسان لا يواجه شدائد الحياة بقوته ، ولكن يواجهها بالصوم والقيام والدعاء فهي من سبل القوة والصلابة التي يواجه بها المؤمن الحياة بكل صعوباتها . بدوره، قال الدكتور السيد مسعد إن شهر رمضان شهر عظمت فيه انتصارات المسلمين ، وأننا نقف أمام حدث عظيم من أحداث شهر رمضان المعظم ، بل حدث فارق في حياة الأمة الإسلامية ألا وهو انتصار يوم بدر ، وهو يوم الفرقان - كما سماه القرآن الكريم - الذي تجلى فيه التطبيق العملي لصيام رمضان والقرب من رب العالمين ، مشيرًا إلى بعض عوامل النصر في يوم بدر ، ومنها : الثبات الذي يتحقق بقوة الإيمان ، حيث يقول سبحانه : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}، وإذا تحقق الإيمان وثبت في قلب العبد استجاب لنداء ربه تعالى فأدى ما عليه مطمئنة نفسه ثابتا قلبه قال تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، ومنها : ذكر الله تعالى ، حيث يقول سبحانه :{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، مشيرًا إلى أن ذكر الله تعالى أسمى ما يكون في هذا الشهر الكريم ، فحينما تصفو الروح ، وينتصر الإنسان على شهواته وعلى نفسه فلا يكون هناك تعلق للقلب إلا بالله سبحانه وتعالى ، فيترك الحلال الطيب في نهار رمضان قربا من الحق سبحانه. وأكد مسعد أن طاعة الله تعالى ، وطاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، والبعد عن التنازع والاختلاف ، والإخلاص لله تعالى ، واللجوء إليه ، والاعتماد عليه سبحانه ، والإكثار من الدعاء ، والصبر ، من أهم عوامل النصر العظيم في يوم بدر ، حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }. وأضاف مسعد قائلا : إن أهم وأعظم نصر هو انتصار الإنسان على نفسه وشيطانه ، وفي شهر رمضان يظهر هذا الانتصار من خلال امتناع الصائم عن الطعام والشراب والجماع وهي أمور حلال له ، فالانتصار على النفس والتغلب على المطامع والشهوات هو أعظم نصر يحققه الإنسان في هذا الشهر الكريم ، فعلينا أن نغتنم تلك الفرصة في هذا الشهر الفضيل وأن نتقرب إلى الله (عز وجل) بالصبر على طاعة الله ، والصبر عن المعصية ، والصبر على الابتلاءات التي قد تعرض للإنسان في حياته ، فالصبر أساس الانتصارات جميعها ، حيث يقول سبحانه : {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ومعية الله تعالى للصابرين معية نصر وتأييد ، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : "واعلم أن النصر مع الصبر" .