ما زال نيتنياهو يواجه حربا شرسة تنذر باقتراب نهاية عهده لا سيما مع لوائح الاتهام التى تطارده، والتى قلما نجد معها من يدعو إلى التريث فى الحكم على مصير زعيم الليكود. ويسود الانقسام فى إسرائيل حول مصيره، هناك من يرى أن قانون أساس الحكومة يجيز استمرار رئيسها فى منصبه حتى صدور الإدانة النهائية، ومن ثم يحق له الاستمرار أيضا كوزير وإن كان هذا يرتبط فقط بمدى قانونية قيامه بتشكيل الحكومة القادمة. وهناك من يرى أن القانون يمنع نيتنياهو من القيام بمفاوضات لتشكيل الائتلاف الحكومى القادم. ويظل المدافعون عنه يلتمسون له الذرائع للبقاء بدعوى أن توصية النيابة العامة والمستشار القضائى بتقديم لوائح اتهام ضده لا يعنى بالضرورة إدانته وحسم مصيره قضائيا. غير أن تقديم لائحة تهمة الفساد تشكل تحديا حقيقيا أمام نيتنياهو وقد تفرض عليه أخذ فسحة من الوقت من أجل إدارة هذه المعركة. ولا شك أن مجموعة المعارضين لنيتنياهو ستحاول الاستفادة من تقديم لوائح الاتهام ضده من أجل ازاحته واقصائه عن المشهد. وقد يستغل هؤلاء الأيام القادمة من أجل التنسيق مع قوى سياسية فى الحلبة الحزبية لاخراج نيتنياهو من المعادلة السياسية كلية ووضع نهاية لتاريخه السياسى. ورغم ذلك يظل نيتنياهو يعانى من متلازمة تلتصق به تقودها الهيمنة والتسلط والهوس بالبقاء فى السلطة بالإضافة إلى معاناته من مرض جنون العظمة؛ كثرت تصريحاته وكثرت أقواله فى معرض تهديد الجميع بدءا بايران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية ظنا منه بأن هذا من شأنه أن يبعد عن إسرائيل الأخطار الحقيقية التى تواجهها، وبالتالى ظهر متفردا بذلك حيث إن الكثيرين قبله لم يكونوا قادرين على الخوض فى هذه المكلمة لا سيما بعدما أدركوا أنها لن تخدم الدولة ولن تخدم أمن مواطنيها. غاب عن نيتنياهو فى خضم انشغاله بتاريخه السياسى ومحاولات الحفاظ عليه، غاب عنه أن الطريقة التى يعمل وفقها من شأنها أن تقوده إلى كارثة. واليوم يخوض نيتنياهو وحزبه الليكود منافسة شرسة مع زعيم حزب أزرق أبيض بعدما فشل النتن فى تشكيل حكومة ائتلاف يضم أحزابا تكفى لشغل 61 مقعدا على الأقل من مقاعد الكنيست فى أعقاب جولتى الانتخابات فى ابريل وسبتمبر الماضيين. وجاء هذا على خلاف ماكان يراهن عليه من احراز الفوز والذى كان سيمكنه من الحصول على حصانة من المحاكمة إزاء الاتهامات الموجهة إليه فى قضايا فساد واحتيال ورشوة وخرق الثقة. بيد أنه لم يعتره اليأس وحصر مساعيه فى تشكيل ائتلاف مع أحزاب يمينية متشددة على أمل أن تساعده فى طلب الحصانة من المحاكمة فى البرلمان. ولهذا قضى أيام حملته الانتخابية محاولا اجتذاب القوميين اليمينيين الذين يشكلون مفتاحا لاعادة انتخابه وتحفيز قاعدته الانتخابية على التصويت. وهى الفئة التى هاجمها ليبرمان عندما هاجم الأحزاب اليهودية المتشددة التى تعتبر جزءا مهما من الائتلاف المزمع لنيتنياهو. رغم الاتهامات التى وجهت لنيتنياهو بالفساد والاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة إلا أن المدعى العام الاسرائيلى ظهر ليقول: (إن نيتنياهو ليس مضطرا للاستقالة من منصبه أو أخذ إجازة نتيجة للاتهامات الجنائية التى وجهت إليه، وأن لجنة من كبار المسئولين القانونيين سيناقشون ما إذا كان يتعين على نيتنياهو التخلى عن مناصبه الوزارية، وما إذا كان بإمكانه تشكيل الحكومة المقبلة). يجرى هذا فى الوقت الذى شرع فيه منافسه رئيس أركان الجيش السابق «بنى غانتس» زعيم «حزب أزرق أبيض» فى التركيز على شبهات الفساد التى تلاحق نيتنياهو لالحاق الهزيمة به، واستقطاب أكبر عدد ممكن من المعارضين له تحت لافتة محاربة الفساد. يأتى هذا فى وقت يناضل فيه بنيامين نيتنياهو للحفاظ على منصب رئيس الوزراء بعد جولة الانتخابات الثانية التى أجريت فى سبتمبر الماضى ولم تسفر عن فائز واضح مما دفع إسرائيل إلى وضع سياسى مبهم وغامض.