(إنه ضيف لا يدعوه أحد لكنه قادم لا محالة!! ولا يستطيع أحد أن يفلت منه، لا أحد على الإطلاق)، مقولة شهيرة للعراب أحمد خالد توفيق أتذكرها مع كل قلب يتوقف نبضه ويصمت للأبد. لقد باغتنى كملايين المصريين خبر وفاة هيثم أحمد زكى، علمت الخبر بمجرد إعلانه فى الساعات الأولى من صباح السابع من نوفمبر، وحزنت رغم أننى لست من متابعيه، لكن ربما لصغر سنه، أو تأثرا بوحدته أثناء لفظ أنفاسه الأخيرة، فأنا تشغلنى كثيرا لحظات ما قبل الموت، وأتساءل عما يشعر به الإنسان فى تلك اللحظات!! وبماذا يفكر؟! خاصة إن جاءته سكرات الموت وهو بمفرده، ودائما أتذكر شقيقتى وأتمنى لو كنت معها فى آخر لحظاتها، وأتخيل ما قد شعرت به حينما أدركها الموت بعد انصراف الجميع من غرفتها بدقائق معدودة، هل تألمت؟ خافت؟ بكت؟ أرادت رؤيتنا؟ تمنت لحظات إضافية لوداعنا؟ نطقت الشهادتين؟ طلبت الرحمة من الله؟ كلها أسئلة بلا إجابات، لكنها تدور فى ذهنى مع كل راحل وحيد. الموت حق لا ريب فيه، لكن وفاة هيثم المفاجئة أشعلت الحزن فى قلوب كل المصريين، وفى الصباح تدثرت السوشيال ميديا بكلمات الرثاء، ولا أعتقد أن ذلك بسبب (نجوميته)، لقد كان أداؤه التمثيلى متميزا لكن الحياة لم تمنحه فرصة لتحقيق لقب (النجم)، فقد بدأ مسيرته الفنية متأخرا ورحل مبكرا، ورافق الحزن دربه لحرمانه المبكر من والدته ثم رحيل والده، كان مشواره قصيرا فى الفن والحياة. لم يكن نجما مثل أحمد زكي، لكن الله وضع الحب والرحمة فى قلوب المصريين لينال هيثم ملايين الدعوات، وكأن الله يعوضه عن وحدته وعدم وجود أحد من أسرته - التى سبقته للعالم الآخر- يدعو له بعد وفاته، فمنحه الله دعوات من زملائه وأصدقائه وجمهوره وأيضا ملايين المصريين ممن لا يعرفونه إلا قليلا، وشيع لمثواه الأخير فى جنازة مهيبة لم يحظ بمثلها بعض النجوم الراحلين من ذوى التاريخ الفنى الطويل. فسبحان من له الدوام، ومن وسعت رحمته كل شىء، ندعو الله أن يرحم جميع موتانا، ويسخر من بعدنا من يدعو لنا. وداعا يا من آلمت قلوب المصريين برحيلك، رحم الله هيثم أحمد زكي.