كانت هناك مدينة بها مدرسة، جاء الصبية والأطفال يلعبون أمامها فحفروا بعض الحفر الصغيرة، لم ينتهرهم أو يمنعهم أو يعاقبهم أحد، فانتشرت الحفر وبدأ أطفال المدرسة أثناء خروجهم ودخولهم يسقطون فيها، فى البداية كان تأثير الحفرة على الأطفال طفيفًا، ولكن مع مرور الوقت اتسعت الحفر وازدادت عمقًا وبدأت الإصابات تلاحق الطلبة. ورغم ذلك لم يفكر المسئولون بردم الحفر ومنع الأطفال من اللعب فيها وتوسيعها، رويدًا رويدًا أصبحت إصابات الحفر للطلبة أكثر خطورة ولا تجدى معها الإسعافات الأولية، فبدأ المسئولون يفكرون فى حل للمشكلة، وكان قرارهم هو بناء مستشفى أمام المدرسة لمعالجة الطلبة من إصابات وكسور الحفر وقد كان. ومع مرور الوقت اتسعت الحفر وأصبحت آبارًا تتكدس فيها النفايات والماء العفن وتخرج منها الرائحة الكريهة والحشرات، وتحولت الخطورة من إصابات الطلبة إلى بعض حالات الموت والإعاقات والإصابات المزمنة، وأيضًا فى كل هذا ما زال المسئولون يفكرون فى كيفية معالجة المشكلة التى تحولت إلى أزمة مستعصية، فقرروا بناء جناح آخر للمستشفى ووضع ثلاجات لجثث الموتى لحين تشريحها وفحصها ومن ثم نقلها إلى ذويهم. ولمواجهة مشكلات الرائحة الكريهة والحشرات والقمامة التى امتلأت بها الآبار، قرر المسئولون استخدام سيارات رش فى المكان لقتل الحشرات الطائرة، ومع مرور السنوات اصبح طلاب المدارس المصابون بإصابات مزمنة منها إعاقات جسدية ونفسية وربما أخلاقية فى مواقع المسئولية، فمنهم الدكتور والمهندس والمحامى والطبيب والمحاسب والفنى والفلاح والعامل. وهكذا أصبحت الحفر التى أمام المدارس هى التى تحكم المدينة وكل مفاصلها ومؤسساتها، فأصبحت ثقافة الحفرة سائدة ومقننة وطبيعية وواقعًا يعيشه سكان المدينة، وأصبحت الحشرات والرائحة الكريهة هى البيئة الاجتماعية التى يعيش فيها سكان المدينة. وانحدر كل شىء وفشلت مؤسسات المدينة وساد الفقر والجوع والجهل والتطرف معظم سكان المدينة لأنهم أولاد تلك البيئة الثقافية والاجتماعية التى صنعوها بأيديهم، فمعظمهم لديه إعاقات وإصابات ثقافية وعلمية واجتماعية وأخلاقية جعلته مستسلمًا تمامًا للوضع الذى يعيش فيه. السادة المسئولون منهم التنفيذيون والتشريعون والأمنيون والإعلاميون والمتخصصون فى كل المجالات، هل تعلمون أننا جميعًا أبناء تلك الحفرة التى بدأت منذ عقود طويلة وأهملتها أنظمة الحكم المتعاقبة وأساءت التعامل معها بعمد أو بدون عمد، بدءًا من نظام عبدالناصر مرورًا بنظام السادات، وتحولت الحفرة إلى أبيار كبيرة للقمامة والنفايات والمياة العفنة فى عصر مبارك، الذى حول كل مصر إلى بئر فساد عفنة، وكانت رائحته كريهة جدا والتى تجسدت فى حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وجاء النظام الحالى ليجد نفسه بالفعل أمام أشلاء دولة تم تمزيق أواصر مؤسساتها ويحكمها كل أبناء تلك البئر العفنة، وهم فى الغالب مصابون بإعاقات وإصابات نفسية وعلمية وثقافية مزمنة. طرحى هنا لا أرسله إلى المسئولين الذين هم أبناء تلك البئر العفنة، لكن سيكون طرحى إلى السيد رئيس الجمهورية الذى يبذل مجهودًا ضخمًا وكبيرًا للسيطرة على حشرات البئر وروائحها وأضراره. سيدى الرئيس، علم الإدارة يقول: من مكان المشكلة يبدأ الحل، فعلينا جميعًا الذهاب إلى المدرسة، وقبل الدخول بها علينا أن ننظف تلك البئر جيدًا وكل ما بداخلها ومن ثم ردمها بتربة جيدة، وبعدها ندخل إلى المدرسة وإعدام منهج التعليم الذى يعلم أولادنا كيفية تخطى تلك البئر وليس ردمها، ونضع لهم منهج تعليم يعلمهم الزراعة والصناعة وحب الوطن. وبعدها نخرج إلى الخارج ونستغنى عن خدمات المستشفيات التى بنيت لمعالجة إصابات البئر، ونحولها إلى معامل وأبحاث علمية بحيث يخرج الطالب من المدرسة إلى مبنى البحث العلمى أمامه، فيتعلم كيف يكون فيما بعد لخدمة الوطن، ومن ثم يخرج هؤلاء من معامل البحث العلمى إلى مفاصل الدولة موظفين ومسئولين أسوياء التكوين النفسى والعلمى والثقافى والأخلاقي. «هكذا تتم إدارة ملفات الدولة سيدى الرئيس». ولتفعل ذلك لابد أن نتخذ تلك الإجراءات: 1- تعريف وتقنين الفساد ووضعه تحت مقصله الحكم العسكرى «هنا البداية الحقيقية لردم البئر»، 2- تطهير مؤسسات الدولة من جماعة الإخوان وكل من على شاكلتهم «هنا تطهير مصر من حشرات البئر ورائحتها الكريهة»، 3- تشكيل لجنة تعليم من الخبراء والمتخصصين تكون تابعة لرئاسة الجمهورية، تقوم بصياغة مناهج التعليم لكل المراحل، من الروضة والابتدائى والإعدادى والثانوى «هنا تغير الواقع الثقافى الذى زرعته البئر داخل ثقافة الطلبة والتعليم المصري، 4- الاهتمام ببناء المدارس ومعامل الأبحاث العلمية وورش العملى «وذلك لبناء مكونات مواطن صالح يخدم وطنه، 5- إنشاء شركة تحت مسمى «تحيا مصر» على مستوى الجمهورية تحتضن كل أصحاب الكفاءات والتخصصات العلمية المتنوعة، يكون لها فرع فى كل محافظة على أن يكون ذلك الفرع به أبناء المحافظة من أصحاب الكفاءات والتخصصات، دور هذه الشركة هو تعيين المسئولين المحليين طبقًا لاختيارات علمية تتماشى مع ثقافة كل محافظة ومدينة ومجلس قروى وحي، على أن تضع استراتيجية عمل متنوعة للقضاء على المشكلات وقيادة عملية التنمية الشاملة معتمدة على مخرجات موارد المكان «هناك دراسة باسم بناء مصر من القاع للقمة قد كتبتها ونشرتها سابقًا بها كل التفاصيل».6- ضم كل التعليم تحت لواء وزارة التعليم المصرى وعدم السماح بوجود تعليم خارج ذلك الإطار 7- نسف وزارة التنمية المحلية وتعميد شركة «تحيا مصر» لتشكيل وزارة طبقًا لحاجة الحالة المصرية، « تلك الوزارة هى الحفرة التى تحولت إلى بئر عفنة»، 8 - وقف الزيادة السكانية الشرسة التى هى نتاج أمراض تلك البئر؛ لأن فى وجودها تتوالد أمراض موروثة كثيرة من أمراض البئر وتلك الزيادة ستلتهم أى مجهود للتنمية. كل ما ذكرته هو رؤية كاتب حاول تشخيص الوضع المصرى ووضعه داخل قالب تخيلى لتصل الصورة كاملة إلى المسئولين والتى أعلم أنهم على علم بتلك الصورة ويبذلون جهدًا كبيرًا للعمل والبناء، ولكن لابد أن تكون حالة التشخيص سليمة حتى يكون العلاج نافعًا وفعالاً.