تناولت غالبية تعليقات الصحف الألمانية، الاضطرابات الدامية التي تشهدها بعض المدن المصرية، وأجمع المعلقون علي أن مخاض تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، عسير للغاية في مصر عقب عقود من حكم مبارك الديكتاتوري. وقالت دوتش فيله في تقرير لها حول ما ذكرته الصحف الألمانية عن الأوضاع الألمانية: "تعكس الاضطرابات الدامية التي تشهدها مصر في الذكري الثانية للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم حسني مبارك، أن عملية التحول في أكبر بلد عربي، من حيث عدد السكان، ستكون طويلة وموجعة، واعتبرت غالبية تعليقات الصحف الألمانية، أن العنف الموجه ضد الحكومة في عدة مدن علي طول قناة السويس والذي أودي بحياة 49 شخصًا، وأدي إلي فرض حالة الطوارئ، ينبع من انعدام ثقة عميقة في مؤسسات الدولة الرئيسية". وهذا ما أشارت إليه صحيفة "أوسنابروكر تسايتونج" في تعليقها حول انهيار آمال أعداد كبيرة من المصريين في تحسن الأوضاع وعيش مستقبل أفضل، وكتبت بشأن المواجهات الدامية في مدينة بور سعيد عقب إصدار أحكام بالإعدام ضد متهمين بقتل مشجعي كرة قدم في ملعب المدينة قبل نحو عام" . وأضافت :" حكم القضاء القاسي الصادر في بلاد النيل يعني تفجر موجة جديدة من العنف، لأنه بعد عامين علي سقوط الديكتاتور حسني مبارك تؤجج أحكام بالإعدام حالة الاحتقان السائدة لدي معارضي الحكومة. إنه من المفزع رؤية كيف تغرق مصر في الفوضي: فالاقتصاد منهك، والعملة المحلية تواصل انهيارها السريع، وأعداد متزايدة من المصريين تتجرع مرارة الفقر. ولم يبق شيء من تلك الآمال التي احتفل بها المتظاهرون عقب تنحي مبارك لعيش مستقبل أفضل. وعوض ذلك يكون من المخيف معاينة تنامي مشاعر الغضب والكراهية عند أولئك الذين تمنوا مصر جديدة ومشرقة." صحيفة "فيست دويتشه تسايتونج" هي الأخري اعتبرت أنه عوضا عن توطيد دعائم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فإن العنف يظل سيد الموقف في مصر، وكتبت بشأن الاشتباكات العنيفة في بورسعيد تقول : " مر عامان علي بداية ما يسمي بالربيع العربي في مصر لكن أمل تحقيق السلام والديمقراطية لم يتحقق. بل العكس هناك تصعيد للعنف في الشارع. وهذا تطور مفزع بالنسبة إلي المصريين. وهذا الوضع من شأنه أن يتسبب في قلق الغرب، لأن مصر لبنة مهمة في ميزان القوة الهش بالشرق الأوسط. أنهم أولئك الذين خاب ظنهم من الثورة هم الذين يتمردون اليوم. حركة الإخوان المسلمين والرئيس المقرب إليها، محمد مرسي، وصلوا حقا إلي السلطة عبر انتخابات ديمقراطية. لكنهم يستغلون السلطة لتدمير الديمقراطية الفتية. وبهذا هم يعملون علي تقسيم البلاد، ويدفعونها أكثر في اتجاه الفوضي". صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونج" خلصت إلي أنه بدون تحسين ظروف العيش في مصر، فإن الوضع لن يهدأ، لأن كل شهر من التوترات يجلب خسائر اقتصادية جديدة ويؤدي لإحجام المستثمرين، وكتبت تقول : "الرئيس مرسي الذي قبع في سجون مبارك كمنتمٍ لحركة الإخوان المسلمين سيأتي هذا الأسبوع إلي برلين كرجل سلطة مثير للجدل وذي مستقبل غامض. لكن علي المستوي الدولي نجده قد تمكن من إبقاء مصر علي ذلك النهج الذي ضمن لمبارك طوال عقود من الزمن دعم الغرب: السلام الفاتر مع إسرائيل قائم رغم أن مرسي لا يخفي نفوره ضد الدولة اليهودية. كما أنه لم يدع أي شك في أنه يرفض نظام الملالي في إيران. وخلال مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" وصف مستقبل مصر، الدولة المدنية بالديمقراطية التي يتمتع فيها الجميع بنفس الحقوق والواجبات بغض النظر عن انتمائهم الديني ...". وتابعت الصحيفة تقول : "الاضطرابات الدموية في المدن المصرية هي ربما ليس من صنيع المعارضة السياسية أكثر ما هي عبارة عن تجاوزات لمشاغبين ومهمشين اجتماعيا. القوة النسبية للإخوان المسلمين تبقي الجسم المضاد في مواجهة ضعف معارضة منقسمة، حتي ولو أن هذه الأخيرة تضم في صفوفها شخصيات معروفة عالميا. وكيفما كان الحاكم في القاهرة، فإنه بدون تطور اقتصادي وتوازن اجتماعي ستستمر حالة الغليان." صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" أقرت بأن مصر خرجت تقريبا عن السيطرة بسبب مشاعر العداء السائدة بين أفراد المجتمع الواحد، وكتبت تحت عنوان " الواحد ضد الآخر. " البلاد خرجت عن مسارها المعتاد، فمنذ مدة لم يعد الأمر مرتبطا بمنافسات سياسية أو حتي اختلاف في الإيديولوجيات، بل بات الوضع متعلقا بتفكك مجتمع منقسم علي عدة أصعدة: إسلاميون ضد علمانيين، وبورسعيد ضد القاهرة والريف ضد المدينة والغني ضد الفقير. والمجلس القومي لشؤون الدفاع يعتزم الآن اتخاذ قراره بشأن مصير مصر.. هناك حاجة إلي حنكة سياسية أكبر، خلافا لما أظهره إلي حد الآن مرسي لإخراج مصر من الزوبعة." المصدر بوابة الشروق