لم أكن أعرفه إلا من خلال الإعلام والفضائيات ، لكن هالني حجم البذاءات التي يتعرض لها الرجل من تيارات دينية تطالب بإزاحته عن مكانته طمعا في تولي هذا المنصب ، فقررت من نفسي مقابلته ، جمعني لقاء مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر أ. د/ أحمد الطيب منتصف شهر مايو 2013 م في أوج الاحتجاجات على فضيلته من كل من هب ودب آنذاك ، وكان اللقاء بوجود مستشار فضيلة الإمام لحوار الأديان المرحوم محمود عزب وهو من الأصدقاء الذين لهم مكانة عندي ، أخذني إلى مكتب فضيلة الإمام مدير مكتبه آنذاك الخلوق يحي الكسباني وبمجرد دخولي على فضيلته وقف محيياً ضيوفه كما هي أخلاقه مع الصغير والكبير، بعد السلام على فضيلته والحضور ناداني للجلوس بجواره .. ساعتها سقط من ذهني كل مفردات اللغة وجمالها وألفاظها التي تعبر عن تقديري وامتناني لهذا الإمام العالم التقى المنسب ، بدون مقدمات عبرت لفضيلته عن انزعاجي الشديد من الهجوم على الأزهر الشريف ، وإمامه الجليل من فئة بعينها دأبت على النيل دوماً من هذا الصرح العملاق، وقلت لفضيلته يجب أن يكون هناك متحدثاً باسم الأزهر الشريف يكون عمله الرد على الهجوم الذي ينال من الأزهر ومناهجه وشيوخه على غرار وزارات كثيرة لها متحدثاً باسمها ، التقط مني أطراف الحديث الدكتور عزب قائلا يا فضيلة الإمام أنا اؤيد وبقوة ما يطرحه ابننا عبد اللطيف من ضرورة الرد دائما على ما يثار بخصوص الأزهر الشريف وعلمائه من باب التوضيح للناس كما أن الخارج ينظر إلى الأزهر بنظرة تقديس واحترام وإجلال ويريد معرفة رد الأزهر على ما ينسب إليه، بعد انتهاء الدكتور عزب من كلامه قال فضيلة الإمام إننا أصحاب رسالة ومكلفون بأدائها ،ولن نتفرغ للقيل والقال ثم وضح فضيلته أهمية أن يتصدى العقلاء وأصحاب الاقلام الوطنية لمثل هذه الحملات فكلنا نركب في سفينة واحدة هي سفينة الوطن ، انتهينا من المقابلة وبعد خروجنا تبادلنا أنا والدكتور عزب اطراف الحديث عن واقع الشارع المصري فإذا به يقول أن فضيلة الإمام الأكبر يتحمل ما لا يتحمله بشر، فهناك أقلام مغرضة وبرامج تنهش في الأزهر وفي شخص الإمام، و لكنه يتفرغ لما هو أهم وهو قيادة هذه المؤسسة العريقة بعيدا عن أي تجاذبات، فهو ليس محسوبا على فصيل أو اتجاه معين . يقيني أن هناك مؤسستين في البلاد لا يجب الاقتراب منهما أو اللعب معهما ،الأولى وهي الجيش حامي حمى هذه البلاد ،ومصدر قوتها ومبعث فخرها ،والذي لولاه لما نعمت هذا البلد بالاستقرار وسط الانفلات الذي يعيشه الشرق الأوسط حالياً ، وثانيهما مؤسسة الأزهر الشريف ، فلولا الأزهر لانفلت عقد الثقافة والأديان، وانتشرت الحركات التكفيرية . الأزهر تحت رأيته مؤسسات عملاقة، منها مشيخة الأزهر، وهيئة كبار العلماء، ومجمع البعوث الإسلامية، وقطاع المعاهد الأزهرية، ومرصد الأزهر الذي أنشئ قريبا لرصد ما يتعلق بالشريعة الإسلامية والأزهر وكلها تتناغم في النهاية لأداء دورها الوطني في نشر الإسلام الوسطي الصحيح بعيدا عن الإخوانية والسلفية، وأيضا إعلاء السيادة الوطنية داخلياً وخارجياً ، كل قلوب المخلصين في الداخل والخارج تدعوا الله العلي القدير أن يحفظ بلدنا ، كما تدعوا الله أن يرعى الإمام الطيب في رحلة علاجه، وأن يرجع إلينا وقد شفاه الله.. فالبلد في أمس الحاجة إليه نظرا لما يمثله من ثقل وحب في نفوس العالمين . حفظ الله مصر حفظ الله الأزهر وإمامه