لم تجني المرأة المصرية من ثورة الخامس والعشرين من يناير سوي مزيدا من التهميش وسحب الحقوق التي حصلت عليها خلال نضال استمر مائة عام , ودائما تجد نفسها في مواجهة تعصب الرجال أمام حصولها علي حقها في المشاركة السياسية وتعبيرها عن ذاتها , ودائما أيضا يتم النظر اليها علي أنها مواطنة من الدرجة الثانية حتي لو كانت حاصلة علي أعلي الشهادات العلمية أو المناصب القيادية , وأبرز دليل علي ذلك ماكان يقوم به النظام السابق في تعامله مع قضايا المرأة حيث كان يتعامل معها بانتهازية ليكسب رضا الغرب والمؤسسات الدولية والحصول علي معوناتهم المالية , فقد استباح كرامة المرأة وتلاعب بمستقبلها وحياتها وتعمد تسطيح وجودها في المجتمع من أجل حفنة من الدولارات . وبعد ثورة 25 يناير 2011 تدهورت أوضاع المرأة أكثر عقب مجيء التيار الاسلامي واستحواذة علي الحكم في مصر بداية من رئيس الجمهورية ذو المرجعية الاخوانية الي الوزراء والمحافظين والمستشارين والبرلمانيين المنتميين الي جماعة الاخوان المسلمين والتي جعلت من فكرة انصاف المرأة أمرا مستحيلا في ظل الافكار والمعتقدات الاخوانية والسلفية التي تتخذ موقفا معاديا لمساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات ونظرتهم الدونية لها واعتبارها عارا وخطيئة يجب اخفاؤها والتخلص منها بل وحبسها بين أربع جدران لاتخرج من بينهم الا الي الدار الأخرة ايمانا منهم بأن المرأة لم تخلق الا للبيت ودورها ينحصر في تربية الأولاد واستمرار التناسل . وبعد أن كان أعداء حقوق المرأة يحاولون اللعب من وراء حجاب للتحكم في مصيرها وارجاعها الي عصر الحرملك أصبحوا الأن يعلنوها واضحة وصريحة ويتصدون بكل قوتهم لأي اقتراح قد يدعم موقفها ودورها في المجتمع مثل ماورد في النص الخاص بها في قانون انتخاب مجلس النواب الذي ينص علي أن تضم القائمة - التي يزيد عدد المرشحين فيها علي أربعة – مرشحة امرأة في النصف الأول منها والذي يعتبر استمرار لمسلسل تهميش المرأة في الدستور الجديد، والذي بدأ بحذف المواد الخاصة بالتمكين السياسي للمرأة، والذي كانت تحميه المادة 62 بدستور 1971. فكيف يتم النظر الي المرأة بهذا الأفق الضيق رغم أن المرأة تشكل نصف سكان الأرض ورغم وقوفها ومساندتها للرجال في ثورتهم للحصول علي حقوقهم ورغم مشاركتها القوية في التصويت في الانتخابات الرئاسية والأستفتاء علي الدستور وكيف ننكر حجم تواجدها في سوق العمل الذي تجاوز في القطاع غير الرسمي ال 60% وفي القطاع العام مابين 20 : 30% وكيف بعد كل ما قدمته الي مجتمعها مازال هناك من يعتبرها لاتصلح الا للبيت وغسيل الصحون وحفظ النسل اليس هذا تخلف انساني ؟؟؟ أن المرأة وخاصة المصرية اذا نظرنا اليها بانصاف لوجدنا أنها تقوم بما يستعصي علي الرجال القيام به من مهام يوميه فهي تناضل مثلها مثل الرجل من أجل الحصول علي حياة كريمة فهي تقوم بواجباتها المنزلية بعد قيامها بمسؤليتها كعاملة في مصنع أو في هيئة حكومية أو خاصة أو غيرها وتتحمل المصاعب من أجل استقرار أسرتها وكل هذا وسط حالة من القهر وعدم التقدير لدورها أولا من زوجها وشريك حياتها وثانيه من مجتمعها الذي لايقدرها حق تقدير فكيف هذا وهي عماد المجتمع وكفته الثانية , ومما لاشك فيه أن المرأة الان أصبحت مستهدفة في ظل الحكم الاسلامي وأن ما يحدث علي صعيد قضايا المرأة المصرية هو التراجع الأكثر فداحة اذا لم تقاوم تلك الهجمة الشرسة عليها لاتنزاع حقوقها المكتسبة والحفاظ علي حريتها وكرامتها . كل هذا يدل علي أن المرأة تمر بمحنة كبيرة وأنها اصبحت مهدده ليس فقط بأقصائها عن الحياة السياسية وسحب البساط من تحت أرجلها من خلال الغاء كافة الحقوق التي حصلت عليها خلال مائة عام من الجهاد والاصرار , ولكنها مهددة بالعودة الي الوراء مئات الأعوام ستتذوق فيها المرار وسيزداد فيها العنف المجتمعي ضدها وتدميرها روحا وجسدا باسم الدين والعادات والتقاليد .