هناك توجهات متنوعة فى تعريف الفساد. فهناك من يعرفه بأنه خروج عن القانون والنظام (عدم الالتزام بهما) أو استغلال غيابهما من أجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية للفرد أو لجماعة معينة، فهو سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام تطلعا إلى تحقيق مكاسب خاصة مادية أو معنوية. وهناك اتفاق دولى على تعريف الفساد كما حددته «منظمة الشفافية الدولية» بأنه «كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته» inRead invented by Teads وبشكل عام وبالنتيجة فإن الفساد يؤدى إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة. وتتجلى ظاهرة الفساد فى مجموعة من السلوكيات التى يقوم بها بعض من يتولون المناصب العامة، وبالرغم من التشابه أحيانا والتداخل فيما بينها إلا انه يمكن إجمالها كما يلي: - الرشوة (Bribery) أى الحصول على أموال أو أية منافع أخرى من أجل تنفيذ عمل أو الامتناع عن تنفيذه مخالفةً للأصول. - المحسوبية (Nepotism): أى تنفيذ أعمال لصالح فرد أو جهة ينتمى لها الشخص مثل حزب أو عائلة أو منطقة…إلخ، دون أن يكونوا مستحقين لها. - المحاباة (Favoritism): أى تفضيل جهة على أخرى فى الخدمة بغير حق للحصول على مصالح معينة. - الواسطة (Wasta): أى التدخل لصالح فرد ما، أو جماعة دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة مثل تعيين شخص فى منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء الحزبى رغم كونه غير كفء أو مستحق. - نهب المال العام: أى الحصول على أموال الدولة والتصرف بها من غير وجه حق تحت مسميات مختلفة. - الابتزاز (Black mailings): أى الحصول على أموال من طرف معين فى المجتمع مقابل تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المتصف بالفساد. - تتعدد الأسباب الكامنة وراء بروز ظاهرة الفساد وتفشيها فى المجتمعات بالرغم من وجود شبه إجماع على كون هذه الظاهرة سلوكا إنسانيا سلبيا تحركه المصلحة الذاتية، ويمكن إجمال مجموعة من الأسباب العامة لهذه الظاهرة. كمايلي: 1- انتشار الفقر والجهل ونقص المعرفة بالحقوق الفردية، وسيادة القيم التقليدية والروابط القائمة على النسب والقرابة. 2- عدم الالتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية فى النظام السياسى. 3- ضعف أجهزة الرقابة فى الدولة وعدم استقلاليتها. 4- تزداد الفرص لممارسة الفساد فى المراحل الانتقالية والفترات التى تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية ويساعد على ذلك حداثة أو عدم اكتمال البناء المؤسسى والإطار القانونى الذى يوفر بيئة مناسبة للفاسدين مستغلين ضعف الجهاز الرقابى على الوظائف العامة فى هذه المراحل. 5- ضعف الإرادة لمكافحة الفساد، وذلك بعدم اتخاذ أية إجراءات وقائية أو عقابية جادة بحق عناصر الفساد بسبب انغماسها نفسها أو بعض أطرافها فى الفساد. 6- ضعف وانحسار المرافق والخدمات والمؤسسات العامة التى تخدم المواطنين، مما يشجع على التنافس بين العامة للحصول عليها ويعزز من استعدادهم لسلوك طرق مستقيمة للحصول عليها ويشجع بعض المتمكنين من ممارسة الواسطة والمحسوبية والمحاباة وتقبل الرشوة. 7- تدنى رواتب العاملين فى القطاع العام وارتفاع مستوى المعيشة مما يشكل بيئة ملائمة لقيام بعض العاملين بالبحث عن مصادر مالية أخرى حتى لو كان من خلال الرشوة. 8- غياب قواعد العمل والإجراءات المكتوبة ومدونات السلوك للموظفين فى قطاعات العمل العام والأهلى والخاص، وهو ما يفتح المجال لممارسة الفساد. 9- غياب حرية الإعلام وعدم السماح لها أو للمواطنين بالوصول إلى المعلومات والسجلات العامة، مما يحول دون ممارستهم لدورهم الرقابى على أعمال الوزارات والمؤسسات العامة. 10- ضعف دور مؤسسات المجتمع المدنى والمؤسسات الخاصة فى الرقابة على الأداء الحكومى أو عدم تمتعها بالحيادية فى عملها. 11- غياب التشريعات والأنظمة التى تكافح الفساد وتفرض العقوبات على مرتكبيه. 12- الأسباب الخارجية للفساد، وهى تنتج عن وجود مصالح وعلاقات تجارية مع شركاء خارجيين أو منتجين من دول اخرى، واستخدام وسائل غير قانونية من قبل شركات خارجية للحصول على امتيازات واحتكارات داخل الدولة، أو قيامها بتصريف بضائع فاسدة. - تتعدد مظاهر وصور الفساد ولا يمكن حصر هذه المظاهر بشكل كامل ودقيق فهو يختلف باختلاف الجهة التى تمارسه أو المصلحة التى يسعى لتحقيقها، فقد يمارسه فرد أو جماعة أو مؤسسة خاصة أو مؤسسة رسمية أو أهلية، وقد يهدف لتحقيق منفعة مادية أو مكسب سياسى أو مكسب اجتماعى. وقد يكون الفساد فرديا يمارسه الفرد بمبادرة شخصية ودون تنسيق مع أفراد أو جهات أخرى، وقد تمارسه مجموعة بشكل منظم ومنسق، ويشكل ذلك أخطر أنواع الفساد فهو يتغلغل فى كافة بنيان المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وينقسم الفساد وفقا لمرتبة من يمارسه إلى فساد أفقى (فساد صغير Minor Corruption) يشمل قطاع الموظفين العموميين الصغار بحيث يتطلب إنجاز أية معاملة مهما كانت صغيرة تقديم رشوة للموظف المسئول، وفساد عمودى (فساد كبير Corruption Gross) يقوم به كبار المسئولين ويتعلق بقضايا أكبر من مجرد معاملات إدارية يومية، كما يهدف إلى تحقيق مكاسب أكبر من مجرد رشوة صغيرة.