منذ فترة استيقظ جمهور الأوبرا المصرية على هجوم فنان بكلمات مسيئة على قياداتها، معلنا انسحابه من المشاركة بحفلاتها، رغم أنها الجهة الوحيدة التى تمنحه فرصة المشاركة بحفلات سنوية ثابتة ينتظرها جمهوره بشغف لكونه لم يعد متواجدا بحفلات جماهيرية إلا من خلالها. لا أنكر أنه يملك تاريخا فنيا، وتراثا أعاد إحيائه لينتقل عبر الأجيال، وعلى المستوى الشخصى يسكن صوته خزائن ذكرياتي، لكن كثرة خلافاته ومشاكله وقضاياه التى تفقده محبيه رويدا رويدا، وأيضا موقفه الأخير غير المبرر جعلنى أستعيد ذكرى حفلاته الأخيرة 2018، وتذمر الجمهور من ضياع وقت الحفل فى الشكوى من تجاهله إعلاميا، وعدم مساندة المسئولين له أثناء محنة مرضه شفاه الله. لقد جاء محبوه –يومئذ- لدعمه نفسيا وابداء سعادتهم بتماثله للشفاء، بالإضافة إلى رغبتهم فى الاستمتاع بليلة فنية راقية، لكنهم شعروا بالضيق لانصرافه المبكر بلا اعتذار. إن جمهور الأوبرا معروف باحترامه للفنانين، وتقديره للظروف، فلو اعتذر عن اضطراره لإنهاء الحفل مبكرا لشعوره بالتعب، لوجد كل التفهم والحب بدلا من حالة السخط التى سادت الأجواء بعد الحفل. أذكر خلال مهرجان 2017 طلب الفنان محمد الحلو من الجمهور -فى بداية حفله- التماس العذر له إن لم يستطع أداء بعض أغنياته الطربية بشكل جيد بسبب اصابته ب(برد)، وكرر الاستفسار بين الحين والآخر عن تواجد الفنان أحمد سعد -الذى أحيا الجزء الأول من الحفل نفسه– من عدمه، ليستأذنه فى استكمال الحفل بدلا منه حتى لا يضايق الجمهور بمرضه، مما جعل الجمهور يهتف مدويا (بحبك يا حلو)، بل وسمح له بإنهاء الحفل وقتما يرغب، فما كان من الحلو الا استكمال الحفل حتى النهاية مبدعا متألقا متدثرا بحب معجبيه. والمدهش أن الجمهور لم يتجمهر كالمعتاد لالتقاط الصور مع النجم، بل انصرف مرددا (الحلو تعبان، لازم يروح بسرعة ويرتاح، مش معقول نعطله علشان التصوير)، فما أجمل هذه العلاقة الراقية التى تربط بين الطرفين. للأسف، إن الفنان الذى ضرب عرض الحائط بجمهور الحاجزين وجهد العاملين المبذول استعدادا لحفله، قد خسر الكثير من رصيده فى القلوب.