مع توالى الكشف عن قضايا فساد جديدة داخل المؤسسات أو الأجهزة الحكومية يتبادر إلى الأذهان نفس التساؤل: متى سنقضى على هذا الفيروس القاتل الذى يدمر المجتمع ويستنزف ثرواته ويُحبط جزءًا كبيرًا من جهود الدولة الحثيثة لبناء وطن معاصر مستقر وكيف سنقتلع جذور هذا الفساد من ارضنا الطيبة التى عانت طويلاً عبر عقود وعهود من تركة الفساد المالى والإدارى المتمثلة فى الرشوة والتربح والمحسوبية واستغلال النفوذ..!! نعلم جيدًا أن الدولة المصرية تسعى مؤخرًا لمحاربة الفساد القائم وتجتهد فى أن تضع ضوابط لمنع نمو فساد جديد بعد أزمنة سابقة عشناها من قبل كان الفساد فيها ممنهجًا وكانت يد القانون والأجهزة الرقابية مغلولة أمام أصحاب السطوة ومراكز القوى ولكن اليوم ومع النشاط الواضح لرجال الرقابة الإدارية أصبح الكل أمام القانون سواء دون تمييز بين كبير أو صغير وهو ما نقره ونشهد به فى الفترة الأخيرة حيث رأينا مسئولين كبارًا بدرجة وزير ومحافظ ونائب برلمان ونائب محافظ ورؤساء أحياء وغيرهم من رجال المال واصحاب السطوة يتم محاكمتهم بتهم الرشوة وغيرها ولكن يظل التساؤل قائمًا: لماذا يفسد الموظف العام أو لماذا لا نحسن اختياره جيدًا من الأساس بتفعيل الرقابة السابقة بدلًا من الاكتفاء بالرقابة اللاحقة التى يجيدها بالفعل ابطال ورجال الرقابة الإدارية مؤخرًا. قضايا جديدة يتم الكشف عنها كل حين فى مؤسسات وطنية كبري وبأرقام خيالية لقيمة الرشاوى أو المبالغ التى يتم إهدارها عبثًا أو عمدًا من المال العام فهل نحن قادرون اليوم على أن نضع حلًا ونهاية لتلك الظاهرة بأن تخرج اختياراتنا قليلاً خارج الصندوق القديم والاعتماد على أهل الكفاءة المشهود لهم بطهارة اليد بدلاً من أهل الثقة ورجال العهود السابقة الذين تربوا فى تلك الأزمنة على الفساد الممنهج دون رقيب أو حسيب.. !!! أتساءل اليوم لماذا الإصرار على تلك الوجوه القديمة فى بعض مؤسساتنا واختياراتنا مع اننا نمتلك مؤخرًا صفوفًا جديدة من الشباب المدرب جيدًا فى مؤسسات إعداد القادة والبرامج الرئاسية وبعض من اثبتوا وجودهم على الساحة خلال السنوات الماضية فلماذا لا نمنح هؤلاء كل الثقة ليبدعوا ويساهموا فى بناء الوطن وتطهيره من تلك البؤر الفاسدة التى ما زالت باقية فى جسد الهيكل الإدارى للدولة رغم اجتهاد رجال الرقابة وغيرهم؟.. لماذا لا نعلنها حربًا شاملة على كل الفاسدين صغارًا وكبارًا ونؤمن كل الإيمان بأن ظاهرة الفساد لا تقل أبدًا فى خطورتها عن الخلايا النائمة أو أصحاب الفكر الهدام الذين نجتهد فى مقاومتهم والكشف عنهم فما زال الفساد هو أحد أهم اشكال الإرهاب وأكبر سبل كسر هيبة الدول واحباط جهودها للبناء والنمو. شكرا لرجال الرقابة الإدارية وكافة الأجهزة التى ترصد وتتابع بكل شفافية ومصداقية جميع قضايا الفساد وتعلن عنها بكل قوة وثقة ولكن أيضًا ما زال المواطن ورجل الشارع البسيط يشعر بالفزع من تلك الأرقام التى يسمعها فى وسائل الإعلام عن قيمة الرشاوى والفساد الذى يصل ببعضهم إلى إهدار الأموال العامة وتعطيل مصالحهم من أجل أن يتربح هو ويجنى الثروات الضخمة.. نريد أن يتوقف كل هذا ونحسن اختيار من يتولون جميع المناصب الهامة فى المؤسسات الوطنية وأن يتم متابعتهم دوريًا وملاحظة مدى تضخم ثرواتهم المعلنة والخفيةايضًا من أجل التقييم المستمر لهؤلاء المسئولين ومن أجل حصار تلك الظاهرة البغيضة وتحجيمها إلى أن يأتى اليوم الذى يصبح فيه مؤشر الفساد فى مصر منعدمًا أو فى أقل مستوياته العالمية. لتسقط الآن كل مراكز القوى بكل السبل المتاحة فقد أعلنها رئيس الدولة أكثر من مرة أن لا أحد فوق إرادة الشعب ولا وجود لأصحاب مراكز القوى وجماعات الضغط فى مصر الحديثة التى نبنيها بعرق الرجال وصبر الجماهير وتضافر جهود المؤسسات الوطنية وعلى رأسها القوات المسلحة من أجل بناء ما تهدم وإصلاح ما افسدته العهود السابقة طوال عشرات السنين .. لتكن حربًا واسعة على الفساد والمفسدين فى كل شبر من أرض مصر فما زلنا فى حاجه لكل جنيه من أموال الوطن لنبنى ونعمر ونوفر للمواطن البسيط حياة كريمة يستحقها عن جدارة بعد أن عاش طويلًا ينتظر ويحلم بالأمل والرخاء..