فى الثانية من ظهر يوم الأثنين السادس والعشرين من يوليو عام 1954 كان اللقاء الأول لشعب الاسكندرية العظيم علي أرض عروس البحر المتوسط مع صوت الإذاعى القدير حافظ عبد الوهاب وهو يعلنها مدويه : #هنا_الاسكندرية لتكون أول إذاعة إقليمية فى مصر والوطن العربى وبداية حقيقية للنهوض بالأقاليم وبث التنمية والتمهيد لقيام نظام الحكم المحلى فى مصر بعد ثورة يوليو . البداية كانت من غرفة صغيرة بإحدى الشقق فى شارع شريف ولمدة ساعة واحدة يومياً باللغة العربية ونصف ساعة لكل من اللغات اليونانيه والإيطالية والفرنسية حتى مارس 1955 حين أصبح عدد ساعات الارسال اليومى 3 ساعات إلى أن توقف بث الإذاعة فى الثانى من نوفمبر 1956 بسبب العدوان الثلاثى على مصر لتظل متوقفة حتى السادس من يوينو 1957 حين عادت مجددًا للحياة من داخل المبنى القائم حتى اليوم فى منطقة باكوس شرق الإسكندرية ومن داخل قصر وحدائق الأمير عمر طوسون الذى تم مصادرته بعد ثورة يوليو ليتحول جزء كبير منه إلى مقر دائم لإذاعة الإسكندرية. تاريخ عريق يحفظه كل من عمل داخل جدران هذا الصرح الكبير وعشقٌ دفين فى قلوب جميع أهل الإسكندرية لأذاعتهم المحبوبة خاصة تلك الأجيال التى تربت على ميكروفون الاذاعة وتشكل وجدانها الفكرى والثقافى والسياسى وتحركت مشاعرهم الوطنية من خلال ما يُبث على موجات الإذاعة من اخبار وبرامج ومسلسلات وأعمال درامية وقيم مصرية وسكندرية اصيلة كانت حتى وقت قريب سائدة بيننا قبل أن يغزونا البث الفضائى وقنوات الإنترنت وإذاعات اليوتيوب ومواقع التواصل اللعينة التى غيبت جزءا كبيرًا من هويتنا السكندرية المميزة التى كانت واضحة وفريدة دائماً في كل ماتقدمه إذاعة الإسكندرية . فى الذكرى 65 لإنشاء إذاعتنا العريقة نتوجه بالشكر للرواد من المبدعين الذين اخذوا على عاتقهم عبء إنشاء واستمرار تلك الإذاعة عبر عقود من الزمن وحتى اليوم ورغم كل الظروف الصعبة التى مرت بهم ورغم المنافسة الشديدة التى تواجهها الأذاعات المصرية حالياً من كل اتجاه ولكن تبقى إذاعة الإسكندرية محفورة فى وجدان وقلب كل سكندرى باعتبارها كانت وستظل دائمًا منبراً راقياً للفكر والنور مر عليها وعلى استوديوهاتها كبار الفنانين والمفكرين والأدباء وأهل السياسة في مصر والوطن العربي عبر التاريخ . فى ذكرى إنشاء إذاعتنا الحبيبة نقدم كل التحية للجيل الحالى من أبناء الإذاعة فى كل التخصصات وتلك الكتيبة الراقية التى شاهدناها فى احتفاليه الإذاعة بذكرى تأسيسها وهم يجددون العهد ويرفعون راية الإبداع تحت قيادة إعلامى قدير هو الأستاذ: صبرى هندى رئيس الإذاعة الحالي الذى أتى من خارج الإسكندرية ليحمل علي عاتقه مهمة استكمال ما بدأه من سبقوه فى هذا المنصب وليقدم لنا هو ورفاقه من مبدعى الإذاعة السكندرية العريقة كل ما هو جديد وراقٍ فى فنون الإذاعة والأساليب التكنولوجية الحديثة. في ذكرى تأسيس إذاعتنا الرائدة أخبروا الصغار بأن إذاعة الإسكندرية هى جزء من تاريخنا وحاضرنا وأن هذا المنبر كان وسيظل دائماً معبرًا عن آمال واهتمامات شعب الإسكندرية بكل صدق وشفافية وأن هؤلاء المبدعين مازالوا يعملون تحت ظروف تنافسية وانتاجية صعبة للغاية ولكنهم يعشقون عملهم ومدينتهم التى كانت يومًا عروساً فلعلها تعود قريباً مثلما كانت.. كل عام ومُبدعى الإذاعة المصرية بالإسكندرية وجميع الإذاعات ومحطات التلفزيون الوطنيه بخير وليصمدوا ضد الغزو الفضائى فما زال الإعلام المصرى الوطنى ركيزة أساسية من أهم ركائز الأمن الفكرى الوطنى فى مصر.. كل عام وأنتم مبدعون.