خلال الأيام الماضية تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى منشورا تحذيريا عن أحد شواطئ غرب الاسكندرية والذي يعرف منذ سنوات باسم شاطئ الموت، بسبب حوادث الغرق المتكررة. والمثير للدهشة أن المنشور المتداول هو ذاته المتكرر كل عام بنفس التفاصيل التي تشير لغرق 15فرد فى يوم واحد، ويدعي كاتب المنشور انه طبيب، وقد وقع بنفسه شهادات الوفاة وجميعها تخص شبابا فى العشرينات!! وكالمعتاد فى عالم السوشيال ميديا لا أحد يتحرى الدقة أو يتساءل عن صحة الخبر من عدمه!! خاصة أن العدد المذكور يثير الشك فى حقيقة الخبر، فليس من المنطقي أن يغرق كل هؤلاء فى اليوم والمكان نفسه ما لم الأمر متعلقا بحادث ما، وليس غرقا أثناء السباحة!! والنتيجة حالة من الذعر تنتاب المصطافين، واتصالات لا تنتهى من الأصدقاء خارج الاسكندرية للتأكد من صحة ما تردد عن بحر الاسكندرية وخطورته!!! ولقد اصدرت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بيانا ينفى الأمر ويصفه بالشائعات، فالغرقى ثلاثة فقط خلال 2019، وتم انقاذ ثلاثة آخرين وفقا لتقارير مرفق اسعاف الاسكندرية وتقارير مراقبي الشواطئ. ويطالب بعدم الانسياق وراء تلك الأكاذيب التي تهدف إلى ترويع المواطنين وبث الفزع في قلوبهم!! وفى رأيي أن البيانات الرسمية ينبغى ان تكون دائما هى الأكثر مصداقية لدى المواطن، لكن للأسف حينما يكون البيان الرسمى سطحيا فهذا سبب كاف لعدم الوثوق به!! فالبيان ينفى حدوث حالات الغرق المتداول أخبارها، ويحذر من الشائعات المغرضة، لكنه لم يذكر على الاطلاق أن شاطئ النخيل غير آمن، وهو الأمر الذى يعلمه كل سكندري، مما اضطر المحافظ لاغلاقه فى 2018 لكثرة حوادث الغرق به - ومازال قرار الاغلاق ساريا - وأن الادارة سبق لها اصدار بيان فى يونيو2019 يحذر المواطنين من نزول البحر بشاطئ النخيل نظرا لكونه من الشواطئ التي تحمل درجة خطورة عند إرتفاع الأمواج. كما يخلو البيان من أية إشارة لنتيجة عمل اللجان المشكلة من قبل لتحديد أسباب المشكلة، وهل بالفعل أن حواجز الأمواج السبع وما بينها من فراغات هي السبب فى حدوث دوامات ومناطق سحب شديدة تجذب من يقترب منها وتجرفه داخل المياه فيصعب عليه مقاومتها، وقد يعلق بين الحواجز الصخرية، ويموت غرقا!! أم أن التغيرات المناخية والبيئية قد أثرت على طبيعة التيارات البحرية وحركة المد والجزر واتجاه الأمواج فى تلك المنطقة؟! أم أن الأمر يرد للشائعات كما يدعى الملاك أعضاء جمعية 6 أكتوبر المخصص لها الشاطئ، والذين يصرون أنها حرب يشنها الفاسدون واصحاب المصالح والمنتفعون لتخريب القرية والاستيلاء على الشاطئ، خاصة بعد إزالة البوابات، وفتحها بلا رسم دخول لتصبح مرتعا للبناء المخالف، وشاطئا عاما يتحكم به (البلطجية)!! ويؤكدون أن الجمعية توفر للرواد منظومة انقاذ على أعلى مستوى، وحالات الغرق قد حدثت لعدم التزام المصطافين بالتعليمات المعلنة على لافتات بطول الشاطئ، والاصرار على نزول البحر فى غير المواعيد المقررة. وايضا تؤكد الجمعية أن الهجوم الذي يشنه المغرضون عبر مواقع التواصل يهدف إلي إثارة البلبلة لاجبار المحافظة على فسخ تعاقد جمعية 6 أكتوبر. لا تهمنى كثيرا تلك الصراعات والخلافات، ولا أنحاز لطرف دون آخر، وليس لدي مصلحة في انتصار احدهما او هزيمته فى تلك المعركة الوهمية، فما يحزنني حقا هو وجود ضحايا غرقي حتى وإن كان غريقا واحدا، فالضحية ليست مجرد رقم، وانما حياة تنتهى، وأسرة يتغير مصيرها بفقدان أحد أفرادها، ضحية كان يمكن انقاذها ببذل المزيد من الجهد المخلص واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أرواح المصطافين. فلتتخذ الجهات المسئولة التدابير، مع الاستعانة بالخبراء من كافة المجالات المعنية بالأمر، لمعرفة سبب مشكلة البحر فى تلك المنطقة، وطرق معالجتها، وعمل خطط مستقبلية تحمى شواطئ مصر، بدلا من أن يأتى يوم تغلق فيه كل الشواطئ لخطورتها!!