منذ أيام، وتحديدا فى 14يوليو نشر مقال بموقع Haaretz - الذى يمثل واحدة من اكبر الصحف الإسرائيلية وأكثرها انتشارا- للكاتب Zvi Bar'el بخصوص فيلم الممر، تحت عنوان (أغلى فيلم فى مصر يظهر أن الوطنية دائما على أجندة المصريين) والكاتب حاصل على الدكتوراة فى تاريخ الشرق الأوسط، ويعمل حاليا كخبير محلل فى شئون الشرق الأوسط، وكاتب عمود بالصحيفة (عمل بها منذ عام 1982، وتدرج حتى منصب مدير التحرير)، وحاصل على جائزة سوكولوف لإنجازه في الصحافة المطبوعة. وقد أشار إلي الفيلم بوصفه الأعلى انتاجا فى السينما المصرية، وتكلف حوالى ست ملايين دولار، وأكد أنه يبدو الأكثر ربحا حيث بلغت ايراداته 30 مليون جنيه خلال أسبوعي عرض، واهتمت الدول العربية بشرائه وعرضه، ومازال الجمهور مستمرا فى التدفق على دور العرض لمشاهدته، والنقاش حوله عبر مواقع التواصل الاجتماعى تقديرا لدور القوات المسلحة والشرطة. وذكر أنه يتناول الفترة فيما بعد حرب1967 التي يرفض صناع الفيلم اعتبارها هزيمة للجيش والشعب بل هي مجرد فشل مؤسسي، وتعرف تلك الفترة باسم حرب الاستنزاف. وانتقد المخرج والسيناريست شريف عرفة مستنكرا ما يتمتع به من مكانة في الحقل السينمائي المصري، واتهمه بالسطحية وتقديم أعمال تفتقر للجودة السينمائية، لكنه لم ينكر نجاح افلام الارهاب والكباب وطيور الظلام وحليم، وفوزه بجوائز عالمية!! ويستطرد أن المخرج يصنف دائما فى خانة (فنانى النظام) رغم إنه يبدو علي السطح كمعارض وساخط على بعض الأوضاع!! ولذلك حصل على دعم سخي وإنتاج ضخم من قبل شركة مملوكة للحكومة المصرية لصنع هذا الفيلم الذى يظهر المصريين كأبطال لا يترددون في الموت دفاعا عن وطنهم، ويصفهم بالعدل والصدق والوطنية، فى حين يدعى أن الاسرائيليين أعداء ساديون متوحشون ساعون للحرب. ويندهش الكاتب لعدم اعتراف أهل الثقافة والفن بالتغيرات السياسية، وعدم تثمين تعاون اسرائيل مع مصر ضد الارهاب، فالتوقعات باختلاف وتيرة الهجوم على اسرائيل ذهبت أدراج الرياح، ومازالت السينما المصرية تقدم اسرائيل فى صور العدو!! كما يؤكد أن توقيت إنتاج الفيلم يتسق مع توجهات الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى حينما دعا المبدعين للاهتمام بالقيم والمبادئ الوطنية وغرس روح الانتماء من خلال الأعمال الفنية. ويدعي الكاتب أن الفن المصري لم يعد يناقش القضايا الاجتماعية المهمة كالفقر والتعليم والمرأة ومشكلات الفتنة، وانصب اهتمامه على القيم والأسرة ووسطية الدين وحب الوطن استجابة لتوجيهات الرئيس. ما يهمنى هنا ليس فقط الاطلاع على وجهة نظر الطرف الآخر، ورؤية الفيلم ب(عيون اسرائيلية)، وانما أيضا مدى تأثير قوانا الناعمة فى الآخرين. لقد نجح فيلم سينمائي فى إثارة اهتمامهم، ودفعهم لمشاهدته وتحليله والكتابة عنه في أكبر صحيفة لديهم!! هذا هو الفن المصري حينما يدرك صناعه قيمة ما يقدمونه من مضمون، فالسينما المصرية كقوة مؤثرة قادرة – إن أرادت - على زلزلة دول بأكملها. فيلم مصرى، يشاهده الجمهور على سبيل التسلية، يمكن من خلاله وفى أقل من ساعتين غرس قيم ومبادئ وأفكار تعادل ما يتعلمه الإنسان منذ صغره حتى تخرجه فى الجامعة!! فيلم يمكنه أن يثير القلق لدى أنظمة حكم بعض الدول التي قد تضمر شرا لمصر، ويجعلها تعيد التفكير في مواقفها تجاه بلد لا يتوانى كل فرد فيه عن التضحية بنفسه في سبيل الوطن، لتضع فى حسبانها قوة هذا الشعب الكامنة فى ايمانه بالله وانتمائه لمصر وحبه لها واستعداده للموت فى سبيلها. أتمنى أن يكون فيلم الممر بداية جديدة للسينما المصرية، ويصبح ممرا للعبور نحو آفاق سينمائية ودرامية تخلد دور أبطال مصر، وتغرس روح الانتماء لدى الأجيال القادمة، ليفخر كل مصري بتاريخه القديم والحديث ويهتف من أعماق قلبه تحيا مصر.