تكتسب الانتخابات البرلمانية المقبلة والمقرر انعقادها يوم الثالث والعشرين والسادس والعشرين من مايو الجاري أهمية كبري وتختلف عن سابقتها بسبب صعود الأحزاب الشعوبية في الكثير من البلدان الأوربية، فإما التقوقع على التوجهات القومية والوطنية، أو اختيار اندماج أكثر للحصول على قوة أوربية داعمة من بروكسل لمستقبل الاتحاد الأوربي ، وفي ظل الكثير من التحديات والمتغيرات السياسية والاجتماعية الراهنة في الكثير من البلدان الأوربية وصعود نجم الشعبويين اليمينيين ، وفي ظل تخبط البريطانيين حول خروجهم أو عدمه من الاتحاد الأوربي يري الكثير من المحللين السياسيين بان تلك الانتخابات ستكون مصيرية لأنها ستكون معركة ثنائية وصراع بين المؤيدين لبقاء أوروبا الموحدة وبين القوميين الجدد الذين يرفضون أوربا والمتوقع حصولهم خلال تلك الانتخابات وفق آخر استطلاعات الرأي على 23 في المائة من مجموع مقاعد البرلمان البالغ عدده 751نائبا بوجود ببريطانيا. ولهذا تبقى هذه الانتخابات مصيرية لمستقبل الاتحاد الأوربي خلال الخمس سنوات المقبلة إذ سيحكمها الجدل بين من يؤمنون بأوروبا ، وبين أولئك الذين لا يؤمنون بأفكارها ومنها رفض استقبال المهاجرين واللاجئين أي الانعزال وسد الحدود لإبعاد المهاجرين، ولهذا يعد الشعبويون اليمينيون ناخبيهم خلال تلك الانتخابات باتحاد أوروبي مختلف عما سبق تحصل فيه على ما يبدو الدول الوطنية على الحقوق التي خسرتها ، ويتم تجريد بروكسل عاصمة الاتحاد الأوربي من سلطاتها ، وعلي الجانب الآخر يركز مرشحي الأحزاب التقليدية بيمينها ويسارها علي الوعود بالقيام بإصلاحات جديدة بالاتحاد الأوربي ومنها تجاوز أزمة الديون والهجرة والبطالة والأمن والمناخ وإشراك الشباب ، ورص الصفوف لمواجهة أزمات عالمية جديدة في الاقتصاد والتسلح وفي العلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا والصين. ولذلك يفيد الخبراء بأنه يجب على الاتحاد الأوروبي بعد إجراء تلك الانتخابات التركيز على التطور الاقتصادي وتحقيق تقارب بين ظروف العيش في الشمال الغني وفي الجنوب الفقير،ومن خلال هذا التوجه يمكن القضاء على مشكلة الشعبوية اليمينية التي هي أقوى في البلدان الفقيرة. وقد توقعت استطلاعات الرأي الأخيرة أن يحقق الشعبويون المشككون في الاتحاد الأوروبي مكاسب في انتخابات البرلمان الأوروبي ، وبالمقابل فإن الأحزاب السياسية التقليدية ستحتفظ بالأغلبية وسط مؤشرات متزايدة إلى انقسامات داخل الاتحاد ومن تلك المؤشرات الأولية أن القوى الموالية لوزير الداخلية الإيطالي المتشدد ماتيو سالفيني والسياسية الفرنسية اليمينية مارين لوبين، ستحققان مكاسب خلال تلك الانتخابات، كما أظهر أن حزب الشعب الأوروبي الذي يوصف عادة بأنه مجموعة محافظة من يمين الوسط ولكنه يضم كذلك نواباً من حزب رئيس الوزراء المجري الشعبوي فيكتور اوربان سيبقى أكبر كتلة لها حق التصويت في البرلمان ، ولان الاشتراكيين والديمقراطيين هم القوة الثانية، فإن الأحزاب التقليدية الوسطية ستبقى الأكبر في البرلمان الجديد،أما المجموعة الليبرالية، وهي الرابعة في البرلمان الحالي، فستصبح القوة الثالثة بالحصول علي أكثر من 90 مقعدا لتحل مكان مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين الذين سينالون 51 مقعدا بدلا من 75 حاليا بسبب رحيل نظرائهم البريطانيين ،هذا إذا انضم إليهم النواب الفرنسيون من حزب الجمهورية إلى الإمام حزب الرئيس ايمانويل ماكرون ، وبناء عليه فإن القوى المشككة في الاتحاد الأوروبي والشعبوية ستثمل أكثر من خمس البرلمان الجديد في حال أضيفت نتائج مجموعة أوروبا الأمم والحريات ومجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين إلى نتائج مجموعة أوروبا الحرية والديمقراطية التي تضم حركة خمس نجوم حليفة حزب الرابطة"في الائتلاف الحكومي الإيطالي. وفي ظل هذا التخبط والتشرذم والصراع المحتدم بين تلك التيارات السياسية وما تحمله من أفكار متضاربة حول أفكار ومستقبل الاتحاد الأوربي وأعضاء برلمانه المرتقبين يبقي السؤال الأكبر والاهم وهو كيف سيحكم الاتحاد الأوروبي ويستمر وسط هذا التشرذم وتلك الأزمات العاصفة ؟