على مدى يومين مفعَمَين بالفكر العميق والتفاعل الخلّاق والنقاشات الجادة، نظَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مؤتمره السنوي الرابع والعشرين "حوار أبوظبي: تحديات وفرص التغيير في القرن الحادي والعشرين"، في مقرِّه بمدينة أبوظبي، خلال الفترة من 26 إلى 27 مارس 2019، بمشاركة نخبة متميزة من المسؤولين والخبراء والباحثين من دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها. وفي ختام المؤتمر عبَّر المشاركون عن تقديرهم الكبير لقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله؛ لما توليه من أهمية كبيرة لاستشراف المستقبل بما فيه من فرص وتحدَّيات، والاستعداد لهذا المستقبل من خلال منهج علمي وخطوات وخطط استراتيجية شاملة. ووجَّه المشاركون الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، على تشجيع سموه الكبير العمل من أجل وضع رؤى علمية شاملة تمهِّد الطريق للدخول الآمن والواثق إلى المستقبل، سواء في دولة الإمارات العربية المتحدة، أو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعالم العربي بشكل عام. كما وجَّه المشاركون الشكر إلى سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية؛ لدوره في تسليط الضوء على قضية التغيير في المجالات المختلفة، وما يحمله هذا التغيير من تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والثقافية والاجتماعية وغيرها في المنطقة العربية والعالم، ووضع المعالم الرئيسية لمنهج التعامل مع هذا التغيير والاستجابة له؛ بما يضمن للمجتمعات الانخراط الفاعل في مسار التاريخ. وبعد مناقشات زاخرة بالأفكار، والرؤى، والأوراق البحثية المتخصِّصة، خرج المؤتمر بالتوصيات الآتية: النظر إلى التغيير المتسارِع في العالم في المجالات المختلفة بصفته قضية وجود، والتعامل معه من خلال منهج علمي، وعبر مؤسسات متخصصة؛ لأن عدم الاستجابة الصحيحة لهذا التغيير يعني الخروج من التاريخ، أو البقاء على هامشه.تأكيد أهمية دعم مراكز البحوث والدراسات لما تقوم به من دور مهم في تسليط الضوء على التحديات القائمة، وفي استشراف المستقبل وقضاياه، وطرح الأفكار والرؤى والتوصيات بشأن تلك التحديات والقضايا، بما يسهم في دعم صانع القرار وتعزيز قدرته على اتخاذ القرارات السليمة.إيلاء أولوية قصوى لدراسة آثار التكنولوجيا الحديثة في قضية الطاقة، على المستويات الإيجابية والسلبية، وما يعنيه ذلك بالنسبة إلى الدول العربية النفطية، وما يجب على هذه الدول عمله للحفاظ على استدامة التنمية فيها. بحث الآليات والوسائل التي يمكن من خلالها ضمان استدامة مصادر الطاقة المتاحة، وتحقيق أعلى قيمة مضافة منها، بما في ذلك تكثيف الاستثمار في الصناعات البترولية، التي توفر فرصاً وظيفية جديدة، ولا تتأثر أسعارها بتذبذب سعر المواد الخام في الأسواق العالمية.تأكيد ضرورة الاستعداد باكراً لمرحلة ما بعد النفط؛ من خلال الاستثمار الكثيف في الصناعات المعرفية، ومجالات التكنولوجيا الحديثة، ووضع الخطط والاستراتيجيات، التي تضع المجتمع على طريق الثورة الصناعية الرابعة، وتوظيف التكنولوجيات الحديثة في تعزيز كفاءة مصادر الوقود الأحفوري، بالتوازي مع الدخول الفاعل في السباق العالمي لاستكشاف مصادر الطاقة الجديدة وتطويرها.الاهتمام بتداعيات التغيرات التكنولوجية، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، على الأمن الوطني في الدول المختلفة، من حيث مصادر التهديد، وآليات المواجهة للمخاطر الأمنية؛ خاصة أن الذكاء الاصطناعي يوفر إمكانيات كبيرة لاختراق المجتمعات، وتهديد أمنها واستقرارها.الاستفادة من التطوُّرات التكنولوجية لتعزيز الأمن الداخلي؛ المعتمِد على الأنظمة المتقدمة، وتحسين استخدامات التكنولوجيا الحديثة، وتنمية المهارات والقدرات البشرية الرائدة في هذا المجال. الدراسة الدقيقة لتأثير التطور التكنولوجي في الحروب، من حيث طبيعة الأسلحة، وإدارة المعارك، وميادين الحروب، وأهدافها، ومنظومات القيادة، وغيرها من الجوانب التي سوف تغيِّر مفاهيم الحرب خلال الفترة المقبلة، وتطيح الكثير من المسلَّمات المتعارَف عليها في هذا المجال، ما يقتضي المتابعة الحثيثة للتحوّلات العالمية المتسارِعة في مجال الأسلحة والحروب، مع التركيز على ضرورة إعادة النظر في نظم التسليح الحالية، والتركيز على الأسلحة غير المأهولة والمرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وإعادة النظر في نظم التدريب والتخطيط ومناهج الدراسة في الأكاديميات العسكرية؛ بحيث تراعي التغيرات في طبيعة الحروب وميادينها وأطرافها وأنواع الأسلحة.إيلاء اهتمام أكبر لدراسة التأثيرات السلبية والإيجابية للتكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في بنية المجتمعات، ومدى تماسكها، وقدرتها على مواكبة التطورات، وتأثيراتها في شبكات العلاقات والتفاعلات الاجتماعية والإنسانية داخلها.التركيز على بناء مؤسسات اجتماعية ومنظومات تعليمية قوية تساعد الأفراد على تعلُّم كيفية تطوير مهارات الإبداع، وتنمية قدرات التفكير النقدي المميز لديهم.ضرورة وجود إجراءات استباقية؛ إما لمنع حدوث الأزمات، وإما للتخفيف من آثارها، وتطبيق أفضل الممارسات التقنية في مجال إدارة الطوارئ والأزمات، وضرورة التحكُّم في الكمِّ الهائل من البيانات والمعلومات، وتوظيفها في جميع مراحل الأزمات ومستوياتها.الحاجة إلى وضع سياسات لمعالجة الكثير من القضايا التي تتطلَّب تطوير مهارات جديدة، إضافة إلى مواصلة عمليات إعادة صقل المواهب وترقيتها بالتزامن مع تطوُّر الثورة الصناعية الرابعة، وتسهيل وتشجيع استيعاب وتطبيق ونشر تكنولوجيات وممارسات هذه الثورة بهدف تعزيز القدرة التنافسية.الاستثمار في مشروعات البنية التحتية؛ حتى يكون في الإمكان استيعاب التكنولوجيات الحديثة؛ مثل تقنية الجيل الخامس، كجزء من سياسة صناعية تحويلية أكثر شمولاً، تتمثل في ربط التكنولوجيات، والقطاعات، والمناطق.دعم الاستراتيجيات الصناعية، ولاسيَّما في مجال الصناعات المعرفية والتكنولوجية؛ لضمان ازدهار مستدام ومتوازن ومتنوِّع.أهمية تفعيل الأدوات والخطط العلمية للمحافظة على الهوية الوطنية، وحماية الشخصية الوطنية والتقاليد الموروثة من التأثيرات السلبية التي قد تفرزها الثورة المعرفية والتكنولوجية ووسائل الإعلام الجديدة.ضرورة معالجة مظاهر التراجع، الذي تعيشه اللغة العربية في أكثر من مجال، ومن أهمها: التعليم وتأثير المناهج والكتب المدرسية في علاقة الطالب الناشئ بلغته الأم، وكذلك تكييفها مع حاجات سوق العمل، ودور وسائل الإعلام، ومدى تأثيرها في المتلقِّي، فيما يخص علاقته باللغة.