السياحة صناعة كبري وهامة تقوم أساسا علي العامل البشري وهي صناعة شديدة الخصوصية والحساسية،تستطيع توفير ملايين فرص العمل وتشكل حائط صد منيع ضد تغلغل الأفكار الهدامة بين صفوف الشباب المشتغلين بها. المناخ العام في الأوطان العربية يدعوا إلي التفاؤل وحث الخطي علي الإستثمار وتوجيه الجهود نحو بناء الإنسان. فالارهاب الذي أصاب عدة بلدان عربية بالانهيار شبه التام في سبيله الي الانحسار والتراجع و سبل دحضه ومحاربته أصبحت أكثر فاعلية عن ذي قبل. هذه الصناعة الهامة لها عدة محاور أشهرها علي الإطلاق المحور الاقتصادي الذي يوفر الأموال اللازمة للدول والحكومات لضخها في مشاريعها الإستثمارية ورفع كفاءة البنية التحتية. ولكن هناك أبعاد اخري لا تقل أهمية عن البعد الاقتصادي ومنها البعدين الإجتماعي والقومي. للسياحة دور هام (لو أحسن إستغلاله)في بناء الشخصية الوطنية ورفع درجات الولاء والإنتماء للأوطان. المتابع لحركة نمو وتطور السياحة العربية يلاحظ تطورا كبيرا علي الصعيد الإنشائي،وبعقد مقارنة بسيطة بين أوضاع القطاع في بداية ثمانينيات القرن الماضي وبين الوضع القائم الآن لأيقنا علي الفور حجم الطفرة الإنشائية الضخمة التي تحققت. ولكننا مع الاسف تناسينا في غفلة من الزمن الدور الأهم للسياحة والذي نحن في أشد الحاجة إليه الآن ليقف جنبا إلي جنب مع مجهودات الدول في محاربة جماعات الظلام وإحتكار الأديان وتكفير كل من يخالفها الراي. هذا الدور يتلخص ويدور حول كيفية استغلال السياحة لتشكيل وعي مجتمعي مضاد لكل قوي الشر والظلام وليقف حائطا منيعا أمام هجمات الفكر المتطرف. لا يمكن غض الطرف عن وجهة النظر القائلة بأن الإرهاب فكرة تنمو وتترعرع في المناخ الذي يفرض قيودا علي حركة الفكر والثقافة في حين أن كل الرؤي الظلامية تختنق وتتلاشى في المناخ الذي يسمح للإنسان بالتفكير والابتكار. ولا يمكننا إغفال القصور والعوار الذي أصاب منظومة التعليم العربية مما جعلها تفرز لنا وجوها وشخصيات مشوهة غير قادرة علي إستيعاب الآخر والتعايش معه.هذا التعليم أخرج لنا نماذج غير مؤهلة للتعامل مع الواقع في حين كانت دول العالم تسابق الزمن من أجل تطوير منظومة التعليم. للاعلام دور في محاربة الإرهاب ولكن ليس عن طريق مهاجمة الإرهاب فقط بل بالتوعية ونشر قيم التسامح والمودة بين البشر. السياحة في مفهومها الاجتماعي تعتبر واجهة للدول للتعبير عن مدي تحضرها واستعدادها لقبول الآخر والتعايش معه. سوق العمل السياحية تعتمد اعتمادا مباشرا علي الشباب ممن يلتحقون بالوظائف المختلفة بالقطاع السياحي. هذا الشباب في حاجة ماسة للتوعية باهمية هذه الصناعة. الآلاف ممن يعملون بالقطاع السياحي لا يحصلون علي التدريب الكافي لتهيأتهم نفسيا لمهنة تعد من اكثر المهن خطورة علي الأمن القومي لبلادنا العربية. نعم الشباب المشتغلين بمهنة السياحة هم أشد خطرا علي السياحة من الإرهاب لأن هذا الشاب الغير مؤهل فكريا وثقافيا سيكون أكثر أدوات هدم الصورة الطيبة التي يعرفها السائح عن بلادنا العربية. أما ان حاولت الدول العربية توجيه طاقات مبدعيها وفنانيها لتنمية عقول شبابنا فسوف يحدث الفارق الذي نسعي إليه جميعا. لابد ان نؤكد أن الابنية الخرسانية الصماء لن تجدي نفعا إذا لم تكن هناك عقول واعية تدير هذه الأبنية وتسوق لها وتسعي الي الجودة في كل ما تقدمه للسائح من خدمات. مشاكلنا الاقتصادية أكبر من طاقاتنا إمكانياتنا والحل الأمثل لتجاوز التحديات التي تعوق النمو يكمن في الإبداع والابتكار. إطلاق العنان للعقل العربي لكي يحلق في سماء الفكر لينهل من معطيات العصر علي كافة المستويات وتنمية قدرات الإنسان الإبداعية. الذي سيكسب رهان الاستثمار في الحياة هو من يمتلك القدرة علي الابتكار اما الآخرون فليس لهم مكان في عالم اليوم. ابتكار سبل جديدة للمعيشة تخفف من وطأة وقسوة الحياة وتوفير المناخ الملائم للإنسان لكي يحتفظ بروحه التي دهستها التكنولوجيا واكتفت فقط بمظاهر خادعة لا تغني عن الروح. في قطاع السياحة أمل في تحقيق أكبر فائدة ممكنة من التواصل الإنساني الذي يشبع رغبة الإنسان في التواصل مع الآخر وفهمه والتكيف معه. إنسان العصر تحول الي ماكينة موجهة لا مكان في حياته الجديدة للتواصل الذي يغذي روحه بالقيم والمبادئ والفكر المستنير الذي يحفظه من الوقوع فريسة لأفكار اخري مناهضة لفكرة الابداع والتواصل. لا غني ابدا عن فكرة التواصل الموصول بالتعرف علي حضارات وثقافات الغرب الذي أهدي إلينا الكثير من المنح التي أفادت واضرت في ذات الحين حتي نستطيع أن نكتشف أنفسنا فنحن لم نعد نعرف من نحن وماذا نريد. حفظ الله مصر جيشا وشعبا.