مصر والهند تمتلكان أرضية مشتركة ومتنامية من العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية المتميزة الضاربة بجذورهما في أعماق التاريخ فهما صاحبا اقدم حضارات في العالم. شهدت العلاقات حالة من الزخم المستمر اثمر عن توقيع العديد من الاتفاقيات والتعاون في مجالات عديدة ومتنوعة. "المساء الأسبوعية" التقت مع سانجاي باتا تشاريا.. سفير الهند بالقاهرة في حوار خاص أكد فيه أن الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يقودان الشعبين لشراكة جديدة في كل المجالات حيث يمتلكان رؤية وتفاهم لإعادة عصر التعاون بين ناصر ونهرو. قال إن مصر تقوم بدوركبير في مكافحة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة وأن عدم تقبل التنوع ورفض الآخر بداية انتشار التطرف والعنف وأن الأزهر يمتلك كل المقومات لنشر الفكر الوسطي المستنير. أضاف أن بلادكم بوابة الهند لأكثر من 26 دولة أفريقية وأن قيادة مصر الحكيمة قادرة علي تحقيق التنمية الاقتصادية وأنه غير راض عن حجم التبادل السياحي بين البلدين. أوضح أن زيارة الرئيس السيسي إلي الهند في سبتمبر 2016 أدت إلي زيادة الاستثمارات الهندية بمصر وأن تباطؤ التجارة العالمية وراء تراجع التبادل التجاري الآن بعد الطفرة التي تحققت. أشار إلي أن الهند مستعدة للتعاون مع مصر في مجالات المنسوجات والتكنولوجيا والصناعات الصغيرة وأن الارتقاء بالبشر من خلال التعليم يمثل حجر الزاوية في التقدم وأن أسابيع المهرجانات الثقافية ثمرة للتعاون المشترك بين البلدين. * مصر والهند تاريخ طويل من العلاقات المتميزة النموذجية.. كيف ترون هذه العلاقة ومراحل تطورها المستمرة؟ ** العلاقة الهندية المصرية لها خصوصيتها التاريخية والعصرية وكل من البلدين لديهما حضارتين من أقدم الحضارات في العالم وبينهما اتصالات قوية ممتدة عبر التاريخ تتجدد وتنمو وتتوطد بقوة. منذ آلاف السنين مصر صديق قديم للهند وهناك سجلات لحركة التبادل وردت في النقوش التي خلفها الامبراطور اشوكا. وفي العصر الحديث تجددت الاتصالات بصورة مزدهرة وفي ظل ظروف متشابهة تعود لفترة الاستعمار البريطاني فكانت الصداقة الوثيقة بين الشاعرين الكبيرين طاغور وأحمد شوقي وطالما اشاد طاغور بعظمة الحضارة المصرية وتتواصل هذه العلاقة المتفردة لترسي مزيداً من اواصر المحبة بين المهاتما غاندي وسعد زغلول وحزب الوفد الذي استقبله ببورسعيد وهو في طريقة لانجلترا عام 1931 لحضور اجتماعات المائدة المستديرة من أجل مفاوضات الجلاء عن الهند وخلال هذا اللقاء تم تبادل بعض الهدايا كانت عبارة عن شال من الصوف وجرة من العسل ولبن الماعز ومجموعة من الكتب. واستمر الزخم في هذه العلاقات التاريخية بين نهرو وناصر وظهر واضحاً في التفاهم والتعاون الوثيق في الرؤية السياسية للزعيمين الكبيرين وكان من اثاره توقيع معاهدة صداقة بين البلدين عام 1952 وكذلك بناء وقيام حركة عدم الانحياز التي كان لها دوراً بارزاً في مسار العلاقات الدولية المعاصرة. وفي الحقيقة الروابط الخاصة بين الهند ومصر لم تكن متمثلة فقط في علاقات الزعماء ولكن أيضا بين أبناء الشعبين متمثلة في التفاهم والتقارب الفكري بين الشعبين العريقين ولأن لدينا الرغبة المشتركة في تطوير هذه العلاقات وفتح آفاق واسعة للتواصل والتعاون في شتي القضايا الثنائية والإقليمية والدولية جاءت الزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي للهند عام 2016 وخلالها تم تحديد عدة محاور للتعاون الثنائي في المجال السياسي والأمني والشراكة الاقتصادية والتعاون العلمي والعلاقات الثقافية بكل المقاييس يعد اللقاء قفزة نحو شراكة جديدة وعهد جديد يؤسس لانطلاقة قوية ونقلة نوعية في العلاقات علي كافة الاصعدة وبما يتناسب مع الروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين وما يتمتعان به من امكانات كبيرة ومنذ عام 1955 وحتي 2016 توجد 28 معاهدة واتفاقية ثنائية موقعة بين الدولتين وهي ترجمة حقيقية للجهود الدءوبة المستمرة في الارتقاء بهذه العلاقة. جدول أعمال * ما هي الاستعدادات التي تمت حتي الآن لزيارة ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند للقاهرة؟ ** بالفعل يتم الإعداد والترتيبات في الوقت الحالي لهذه الزيارة الهامة ومع مطلع الشهر القادم هناك وفود رسمية وتجارية ستأتي لمصر في إطار اللقاء مع نظرائهم للتنسيق والتجهيز حول البرنامج والقضايا التي سيتم طرحها علي مائدة المناقشات وهناك العديد من الملفات السياسية والاقتصادية علي جدول أعمال القيادتين. كما سيقوم وزير الخارجية المصري بزيارة الهند قريباً لإجراء المباحثات حول الترتيبات الخاصة بالزيارة. التحدي الكبير * مصر تخوض معركة شرسة ضد الإرهاب فهل هناك تعاون مشترك لمواجهة هذا الخطر؟ ** الإرهاب هو الخطر والتحدي الكبير الذي يواجه العالم بأكمله لذلك لابد أن تتكاتف جميع الدول لمجابهة هذا الخطر المتنامي والعابر للحدود ونحن في منطقتنا نواجهه منذ أكثر من 70 عاماً ومع تطور العمليات الإرهابية أصبح الجميع في حاجة ماسة إلي تبادل المعلومات والخبرات وتطوير التعاون الذي يستهدف توسيع نطاق العمل في هذا المجال. نحن نقدر الجهود والدور المصري في هذا السياق لذلك هناك حرص شديد علي التنسيق المستمر بين البلدين منذ لقاء رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالرئيس السيسي عام 2015 علي هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك فقد تركزت مباحثاتهما علي مكافحة الإرهاب بجانب تعزيز الشراكة الاقتصادية والقضايا الاقليمية وتعد اتفاقية مكافحة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة والعابرة للحدود والتي تعود لعام 1995 من أهم المعاهدات والاتفاقيات الثنائية بين الهند ومصر ومن ثم فالتعاون العسكري مع مصر أحد ركائز مواجهة الإرهاب وهناك تبادل للخبرات في تطوير التكنولوجيا العسكرية بجانب اللقاءات العديدة بين مستشاري الأمن القومي المصري والهندي بهدف التنسيق المستمر وتبادل الرؤي بجانب التعاون بين فرق عمل مكافحة الإرهاب المطلوب هو محاصرة هذا الخطر بكل السبل فنحن نحرص علي تدشين شراكة جديدة وقوية مع مصر للقضاء علي الإرهاب. نظراً لأن كلانا لديه نفس الطموحات والأهداف التي تتعلق بالحرص علي تحقيق الأمن والسلم والاستقرار لشعوب المنطقة لذلك فالعمل يمضي بشكل مستمر في وضع خطط مشتركة في ظل التشاور والتنسيق المستمر ليس فقط في المجال الأمني ولكن في مختلف المجالات. الثقة والأمان * ما السبيل لنبذ كل مفاهيم التطرف والعنف التي تدمر عقول الأجيال الشابة؟ ** للاسف الرغبة في عدم تقبل التنوع والحوار يؤدي إلي التطرف والعنف الذي يقود بدوره إلي الدمار والقتل.. لذلك لابد من تطوير منهج واسع النطاق يقوم علي اساس الحوار للانتقال من مناخ يسوده انعدام الثقة والعنف إلي مناخ يسوده الثقة والامان عالمنا احوج من أي وقت مضي إلي نشر مبادئ التآخي بين الأديان ونشر مشاعر الوئام بين كل الطوائف. ولأن بين الهند ومصر قواسم متشابهة ومشتركة فمن الضروري مد جسور التعاون للقضاء علي الأفكار المنحرفة والمتطرفة وذلك بالاتصال والتعاون مع الأزهر وتم اللقاء مع شيخ الأزهر د.أحمد الطيب لقناعتنا بدور الأزهر جامع وجامعة في نشر الفكر الوسطي المستنير وحاليا يتم الإعداد والترتيب لزيارة شيخ الأزهر للهند لإجراء مزيد من الحوار والنقاش حول آليات العمل المطلوبة في الوقت الراهن كذلك تم إجراء لقاء مع مفتي الديار المصرية د.شوقي علام. ولان استخدام الوسائل التكنولوجية أمر حيوي لمواجهة ما يحدث من ممارسات نقوم بدراسة إنشاء مركز للتميز في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بجامعة الأزهر وهناك خلال الشهر القادم سيقوم وزير الاتصالات المصري بزيارة الهند مع وفد من قطاع الاتصالات لدراسة كافة أوجه التعاون في هذا المجال تحقيق أي اصلاح في مسيرة التنمية والبناء لابد أن يبدأ من اصلاح العقول ونبذ اشكال التطرف والاهم الايمان والقناعة بحق كل فرد في ممارسة شعائره وديانته فهذه هي مباديء غانذي التي جمعت شمل طوائف الأمة الهندية. رافد هام * مما لا شك فيه أن الثقافة تعد رافداً قوياً في بناء جسور من التواصل في دعم وتوطيد أواصر العلاقات بين الشعوب.. فما رأيكم؟ ** لدي قناعة وإيمان بان التعاون الثقافي يشكل رافداً هاماً وأساسياً في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ونسعي دائماً في مشاركة مصر للتنوع الكبير الذي تتمتع به الهند ومنذ عام 1992 ومع إنشاء مركز مولانا ازاد الثقافي بهدف تنمية وتطوير التعاون الثقافي من خلال تنفيذ برنامج التبادل الثقافي ونشر الثقافة الهندية من خلال دورات اللغتين الهندية والاردية ودورات اليوجا والندوات وعروض الأفلام والمعارض وكذلك تنظيم المهرجانات الثقافية .. والهند علي ضفاف النيل ثمره من ثمار التعاون البناء واحد أهم المهرجانات الثقافية التي تقام سنويا بل هو اكبر مهرجان ثقافي اجنبي يقام في مصر في خمس مدن مصرية والجدير بالذكر مشاركة 20 الف مصري من مختلف الفئات في فعاليتة المختلفة خلال العام الماضي. هذا بجانب مسابقات متنوعة من ضمنها مسابقة الرسم التي بدأت منذ 22 عاما وتتزايد نسب المشاركة سنويا بصوره رائعة وقد وصل عدد المشاركين من طلاب المدارس 10100 من عدد 1092 مدرسة. اواصر العلاقات القوية بين الهند ومصر منهاج عمل واضح علي ارض الواقع يتنامي ويحظي بدعم من المسئولين في كل من البلدين. والفاعليات المتعددة ثمرة 70 عاما من العلاقات المصرية - الهندية وكل هذه الاعمال كما إنها تهدف إلي تحفيز وتنشيط المناقشات والحوارات البناءه بين ابناء البلدين الهند ومصر لديهما امكانات بشرية هائلة ومن ضمن اهداف الاصلاح تحقيق التنمية بمفهومها الشامل علي كافة الاصعده الاقتصادية والبشرية والثقافية. "عمل متواصل" * ماذا عن التعاون في مجال السياحة؟ ** اري ضرورة العمل المتواصل من اجل تعزيز التعاون بين مصر والهند في القطاع السياحي لزيادة اعداد السائحين بما يعود بالنفع علي الجانبين خاصة في ظل تنامي وازدهار العلاقات بين الدولتين وبالفعل هناك لقاءات عمل مشتركة بين مكاتب السياحة الهندية والمصرية ومسئولي وزارة السياحة من اجل بحث التعاون لتشجيع الحركة السياحة وخلال العام الماضي وصل عدد السياح من الهنود الذين جاءوا لمصر حوالي 180 سائح إلي جانب 18 الف سائح مصري زاروا الهند. بالطبع نريد مضاعفه هذه الاعداد من كلا الجانبين فالهند ومصر لديهم الكثير من المقاصد السياحية المتنوعة واردا الاشارة إلي ان طبيعة السياحة الهندية لمصر قد تغيرت بشكل كبير ولم تعد تقتصر علي زيارة الاماكن التاريخية فهناك اهتمام كبير ايضا بالسياحة الدينية والترفيهية في منتجعات البحر الاحمر من جانبنا نعمل علي تقديم المعلومات والعروض وكافة الانشطة الترويجية التي تساهم في ايضاح الصوره عن البرامج السياحية في مصر والهند بوضوح وصراحة منذ جئت مصر من حوالي عامين لم اشعر بالغربة وفي كل مكان ذهبت اليه شعرت بالدفء والتواصل مع ابناء الشعب المصري .. المصريون اخوه لنا تلك رسالة احرص علي ايصالها لكل الهنود لحثهم علي المجيء لمصر للاستمتاع بكل الاجواء والمعالم السياحية والاهم التلاحم مع شعبها المضياف. "تجربة طويلة" * لديكم تنوع كبير في التركيبة السكانية عرقيا ودينيا وتتسم الهند بتجربة رائعة في التعايش .. كيف تم ذلك؟ ** لدينا تجربة طويلة في مجال الاصلاح والديمقراطية وحققنا نتائج جيدة في الارتقاء بالبشر بواسطة التعليم فهو حجر الزاوية في تأهيل وتطوير الشباب وحثهم علي التميز والتنافس والتطلع نحو المستقبل بحسن استغلال التفوق العلمي والاكاديمي في علاج المشكلات التي تواجهنا. وعلي الرغم من تعدد الديانات والأئتلافات لكن الجميع كان لديه ادراك وعي بان هذا البلد ارض للجميع وقد وضعنا دستورنا بانفسنا عام 65 واجرينا عليه عدة تعديلات لدينا ايضا مشاركة فاعلة وحقيقية من منظمات المجتمع المدني تساهم جنبا إلي جنب مع الحكومة في تنمية القدرات وتأهيل البشر خاصة واننا لدينا زيادة سكانية رهيبة فقد وصل عدد السكان 4.1 مليار نسمة وكان هدفنا الا تتحول هذه الزيادة الي عبء علي الدولة فلابد ان نحولها إلي قوة تساهم في تطوير البلاد لان لدينا هدفا مستقبلينا هو تحقيق معدلات تنمية مرتفعة وبرامج اصلاح تتماشي مع النظام العالمي لتحسين حياه الفرد تلك هي فلسفة عمل الحكومة التي وصفت برامج هذه السياسة علي اولوية عملها. "تجربة متفردة" تسعي مصر لأن تكون ضمن اكبر 30 اقتصادا علي مستوي العالم بحلول 2030 كيف نستفيد في مصر من تجربتكم المتفردة في النمو والتنمية؟ * مبكرا ادركنا ان محور التنمية هو التنمية الاقتصادية. والهند اثناء الاستقلال كان بها اعداد كبيرة من الفقراء وكانت مهمة الحكومة والمجتمع المدني هي الخروج بهؤلاء من دائرة الفقر. وحتي الآن مازال لدينا فقراء تبلغ نسبتهم 14% ولكن هناك فارقاً بين الفقر في السابق وفي الوقت الحالي ففي الماضي كان الفقراء يموتون من الجوع. لكنهم الآن لا يجدون عملا لكن ندرك ان الحكومة الهندية تعطي اولوية لهذا الأمر. ومنذ عام 1991 طبقنا اصلاحات اقتصادية واتجهنا الي سياسة التحرر الاقتصادي وآليات السوق الحر. وكان لدينا اقتصاد اشتراكي وكان لدينا نظام تراخيص يعوق نمو الصناعة لذا قمنا باصلاحات لتسهيل انشاء المشروعات وتشغيلها. التحرر الاقتصادي ادي الي تقوية علاقاتنا بالعالم الخارجي وإزالة العوائق التجارية بيننا فبدأت امكانات الهند في الظهور وبدأ الاقتصاد الهندي يجتذب المشروعات وحققنا معدلات نمو بلغت 7% ثم ارتفعت بين 8 و9% سنويا. ليصبح الاقتصاد الهندي من اسرع الاقتصادات نموا. والعام الماضي كانت الهند الاولي في اجتذاب الاستثمار الاجنبي المباشر متفوقة علي الصين في هذا المجال. ومؤخرا واثناء الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي اشادت كريستين لاجارد مديرة الصندوق بالنجاحات الاقتصادية للهند خاصة ما يتعلق بتحقيق معدل نمو 8%. فضلا عن ان الهند تعد اكبر دولة حاليا تقدم دعماً فنياً لصندوق النقد الدولي. "الشعب هو محور التنمية الاقتصادية" يضيف السفير الهندي في مصر مشيرا الي ان تحسين حياة الشعب هو هدف التنمية "وقد استطعنا انتشال نحو 150 مليوناً من دائرة الفقر وهي مهمة شاقة ولكننا فعلناها". مدخل مهم * وما هي اهم الطرق لتحقيق التنمية؟ * مصر دولة ذات حضارة عظيمة ومعدل دخل الفرد في مصر اعلي من معدل الدخل في الهند. ونعتقد ان التعليم يعد من أهم مداخل التنمية الي جانب تبني الوسائل التكنولوجية التي تسهم في احراز تقدم اقتصادي. ايضا تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة عامل مهم في احداث التنمية الاقتصادية فهذه المشروعات تمثل العمود الفقري للصناعة. لابد ان تجد مصر نموذجاً اقتصادياً يناسبها واعتقد ان مصر بقيادتها الحالية قادرة علي تحقيق التنمية الاقتصادية. وعلي الجانب الثنائي لدينا تعاون كبير وحوار مستمر بين المسئولين بالبلدين علي مستوي وزارتي الخارجية وتكنولوجيا المعلومات. وخلال العامين الاخرين كان هناك تعاون مع وزارات المالية والتخطيط والتعاون الدولي لتبادل الخبرات بين البلدين. "المناطق الصناعية" * هل تصبح الهند قريبا الشريك التجاري الاساسي لمصر.. وما السبيل إلي ذلك؟ ** اننا نتطلع لعلاقات اقتصادية قوية من خلال ثلاثة مجالات هي زيادة حجم التجارة بين البلدين. تدفق الاستثمارات المشتركة والتعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا. إلي جانب تطوير المناطق الصناعية الخاصة بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ويمكن لمصر والهند التعاون في هذا المجال من خلال تطوير المهارات. لقد سجلت التجارة بين البلدين طفرة في عام 2012 لتصل إلي 5.5 مليار دولار قبل أن تتراجع إلي 3.3 مليار العام الاخير علي خلفية تباطؤ التجارة العالمية فضلا عن انخفاض الاسعار العالمية للبترول حيث تشكل المنتجات البترولية النسبة الغالبة علي الصادرات المصرية للهند. وأنا غير راض عن حجم التجارة بين البلدين واود زيادتها ولتحقيق ذلك علينا ان نقوم بتنويع سلة الصادرات والتغلب علي العوائق والصعاب التي قد تعترض طريق تنمية التجارة البينية. وبالنسبة للصين فان التجارة بين مصر والهند اكثر توازنا منها مع الصين. فالصين تبيع ولا تشتري في حين ان الهند تشتري الكثير من المنتجات المصرية. رغم ذلك يجب القيام بخطوات كبيرة لزيادة التبادل التجاري بين البلدين. فتجارة الهند مع الدول العربية اكثر من مصر كما أن حجم التجارة بين الهند وافريقيا يتجاوز سقف ال70 مليار دولار وامل ان يشهد العام المقبل زيادة في التجارة بين البلدين. خاصة وان مصر تعتبر بوابة الهند إلي اكثر من 26 دولة افريقية ومن خلال توقيعها علي عدد من الاتفاقيات مع تلك الدول يمكن لمنتجات الشركات الهندية التنقل بسهولة في تلك المنطقة. "زيادة الاستثمارات" * توجد توقعات بتضاعف حجم الاستثمارات الهندية بمصر هل ترون امكانية تحقيق ذلك وما هي اهم الاستثمارات في كل من البلدين؟ * لدينا مستثمرون كبار في مصر فهناك 50 شركة هندية. تبلغ استثماراتها نحو 3 مليارات دولار. كما أن هناك 450 شركة اخري مسجلة في مصر تجلب إلي مصر احدث الوسائل التكنولوجية ويعمل بها نحو 50 الف مصري. والاستثمارات الهندية تمثل اربعة اضعاف الاستثمارات الصينية في مصر. وقد ارتفعت الاستثمارات الهندية في مصر منذ زيارة الرئيس السيسي للهند حيث تم انشاء 8 مشروعات جديدة العام الماضي الي جانب توسع شركتين وتتميز هذه الاستثمارات بانها تأتي لبناء شراكات طويلة وتقوم بتوسيع اعمالها وتضخ استثمارات جديدة. وهناك وفد كبير من الشركات الهندية سوف يقوم بزيارة لمصر خلال الشهر القادم لبحث الفرص الاستثمارية في مصر والتعرف علي امكانات الاقتصاد المصري. ودراسة انشاء مشروعات جديدة. كما يزور وزير تكنولوجيا المعلومات الهندي مصر الشهر المقبل علي رأس وفد أعمال. وأنا سعيد لمشاركة الهند في تقدم مصر وعلي ثقة من أن المنشآت الاقتصادية التي تبنيها مصر سوف تزيد من تقدمها. واهم المجالات التي تعمل بها الشركات الهندية المستثمرة في مصر هي البتروكيماويات والدهانات والدواء والملابس والزراعة والطاقة. وتعد شركة تي سي اي سنمار للكيماويات وشركة اسود الكربون من اكبر الشركات الهندية المستثمرة في مصر. اما الشركات المصرية المستثمرة في الهند فتعمل في مجالات الدهانات والكابلات والمواد العازلة. قصة نجاح ** للهند تجربة ناجحة في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة نود القاء الضوء علي هذه التجربة وكيفية الاستفادة منها؟ * قد يكون من المفيد شرح التجربة لتوضيح الدروس المستفادة فقطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في الهند يضم أكثر من 3 ملايين وحدة صناعية تشارك بنسبة 35% من حجم المنتجات الهندية. ويبلغ معدل النمو السنوي لهذا القطاع 11.3% سنويا وهو معدل يتجاوز بكثير ما حقق قطاع الصناعات الثقيلة في العام الماضي. وتبلغ قوة التوظيف في القطاع حوالي 17 مليون عامل ينتجون ما يعادل 107 مليارات دولار بنسبة 10% من إجمالي الناتج القومي الهندي. نجاح التجربة لم يأت من فراغ. بل استند إلي مجموعة من العوامل التاريخية والطبيعية. إضافة إلي الإمكانات البشرية وحسن إدارة الموارد والتخطيط. ويمكن القول إن قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة كان ومازال بمثابة الإبن المدلل للحكومة الهندية علي اختلاف انواعها وتوجهاتها. ويبدو أن هناك نوعاً من المصالح أو الفوائد المتبادلة بين الطرفين حالت دون الانفصام بينهما. فمن ناحية لا تستطيع تلك الصناعات الصغيرة والمتوسطة التخلي عن الدعم الحكومي في ظل التطورات العالمية وسيادة مبادئ المنافسة وآليات السوق الحرة. ومن ناحية اخري وجدت الحكومة في ذلك القطاع ضالتها المنشودة لتوفير فرص العمل اللازمة لمواجهة البطالة وهو بعد اجتماعي في غاية الأهمية خاصة في ظل استخدام الصناعات الثقيلة للتكنولوجيا قليلة العمالة. فضلا عن تغطية الطلب المحلي علي المنتجات. وتوفير العملة الصعبة والتصدير أيضا. ومن هنا جاء الاهتمام الحكومي بذلك القطاع وتعددت أشكال الدعم الحكومي للقطاع لتشمل أربع قنوات رئيسية تتمثل في الحماية حيث أصدرت الحكومة قراراً بتخصيص 80 سلعة استهلاكية تقوم بإنتاجها الصناعات الصغيرة والمتوسطة فقط. ومن ثم ضمنت لها عدم المنافسة من كيانات أكبر منها وبالتالي الحماية والاستقرار. التمويل بمعني السماح لتلك المشروعات بالحصول علي قروض ائتمان بنسب فائدة منخفضة للغاية. لتلبية احتياجاتها التمويلية وتوفير السيولة اللازمة لها وبآجال مختلفة. توفير البنية الأساسية لتلك المشروعات وفي مقدمتها التدريب وتطوير مهارات الإدارة والتكنولوجيا وإقامة المجمعات الصناعية. فضلا عن المساعدة في عنصر التسويق متكاملة. ولقد اقمنا مركزاً للتدريب المهني بشبرا الخيمة يقوم بتدريب 300 شاب سنويا لديهم فرصة للحصول علي وظائف بالشركات الهندية بعد انتهاء فترة تدريبهم ثم السماح للصناعات الكبيرة بتصنيع السلع المخصصة للصناعات الصغيرة بشرط تصدير 50% من منتجاتها للخارج مما يساهم في تحسين موقف ميزان المدفوعات والميزان التجاري. وتوفير العملة الصعبة والتواجد في الأسواق العالمية مثلما يحدث في صناعة البرمجيات. وإذا كان البعض يشعر أحيانا في دول أخري بأن قطاع الصناعات الصغيرة ينتج المنتجات الرخيصة.. فإن هذا غير صحيح تماماً في التجربة الهندية حيث تمثل نسبة 35% من منتجات الصناعات الصغيرة هناك سلع هندسية فائقة الجودة. "تعزيز العلاقات" * تشهد صناعة الغزل والنسيج الهندية تطورا كبيرا كيف يمكننا التعاون لتطوير هذه الصناعة في مصر؟ * "تتمتع الهند ومصر بتاريخ طويل من العلاقات المتبادلة في قطاع المنسوجات. كما أن الهند علي استعداد للعمل مع مصر من أجل تحقيق أهداف سياستها الجديدة في قطاع المنسوجات سواء فيما يتعلق بالإنتاج أو التجارة والاستثمارات". ومؤخرا شاركت مجموعة من الشركات الهندية من خلال "جناح الهند" بمعرض كايرو فاشون وتكس تحت رعاية مجلس ترويج صادرات المنسوجات الصناعية والريون. الذي يمثل أعلي هيئة لمصنعي ومصدري المنسوجات الصناعية. وبالتنسيق مع اتحاد هيئات التصدير الهندية وبالتعاون مع سفارة الهند بالقاهرة. وقد شهد المعرض اقبالا من جانب رجال الأعمال المصريين. وكان الهدف من المشاركة الهندية في معرض كايرو فاشون وتكس هو تأسيس شراكة بين الشركات الهندية والمصرية من أجل تعزيز علاقات العمل مما يعود بالنفع علي الجانبين في المستقبل القريب. إلي جانب تعزيز التجارة بين البلدين خاصة في مجال المنسوجات الصناعية الذي يشهد معدلات نمو سريعة فخلال عام 2016 بلغت قيمة صادرات الهند من منتجات المنسوجات والأقمشة إلي مصر حوالي 240 مليون دولار أمريكي. وكانت المنسوجات الصناعية أحد أهم المنتجات في سلة الصادرات حيث تقدر قيمتها بحوالي 97 مليون دولار أمريكي إلي جانب القطن "131 مليون دولار امريكي". ** مصر والهند تربطهما اتفاقات ثنائية واقليمية وتسعي مصر للانضمام لاتفاقية البريكس التي تضم عدداً من الدول سريعة النمو. كيف يستفيد البلدان من هذه الاتفاقيات؟ * العلاقات الاقتصادية الثنائية والاقليمية مهمة وتحقق تقدما لاعضائها ونحن اعضاء في اتفاقات اقليمية مع "الاستا" والاتحاد الاوروبي والبريكس ونعلم أن مصر ايضا ترتبط باتفاقات مماثلة مثل الكوميسا واتفاقية التجارة العربية والاتحاد الاوروبي. ويوفر ذلك فرصا كبيرة للتجارة المشتركة بين البلدين.