أكد اللواء محمد ابراهيم عضو المجلس المصري للشئون الخارجية أن مصر وقيادتها السياسية تضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها مهما كانت طبيعة الظروف الداخلية والخارجية المحيطة بمصر. وشدد اللواء محمد ابراهيم في مقال بمجلة الأهرام العربي ، تحت عنوان ، " خطة السلام الفلسطينية الجديدة .. هل تكون الفرصة الأخيرة ؟ " على أن القيادة المصرية لن تقبل مطلقاً بأية حلول للقضية لا يقبلها الفلسطينيون ، وأضاف " إن مصر التي تعاملت مع هذه القضية بكل صدق وجدية طوال عقود طويلة لم ولن تغير مواقفها المعروفة وجهودها الساعية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية ، وتلك هى الحقيقة الثابتة التى لا تقبل الجدل". وقال عضو المجلس المصري للشئون الخارجية " فى الوقت الذى يترقب فيه العالم قيام الإدارة الأمريكية لأول مرة منذ تولى الرئيس دونالد ترمب الحكم بطرح رؤيتها لعملية السلام فى المنطقة وكيفية حل القضية الفلسطينية بعد أن بلورت واشنطن رؤيتها فى أعقاب حوالى عام من الجولات المكوكية لمبعوثيها (جرينبلات وكوشنير) مع القيادات الفلسطينية والإسرائيلية ، قام الرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبو مازن) بخطوة شديدة الأهمية منذ أيام قليلة حيث طرح فى جلسة عقدها مجلس الأمن فى العشرين من فبراير 2018 خطة سلام لحل القضية استناداً على قرارات الشرعية الدولية والرؤية العربية للسلام". وأضاف " ومن الإنصاف أن أقوم بعملية تقييم موضوعى لخطة السلام الفلسطينية إرتباطاً بالظروف الإقليمية والدولية الحالية حتى أقف على مدى ما يمكن أن تمثله من نقطة إنطلاق نحو عملية سلام حقيقية فى المستقبل القريب ، أم أن الأمر سوف ينتهى عند طرح الخطة ثم تسقط تحت قوة أصوات المعارضين لها ، وخاصة من الجانب الإسرائيلى الرافض حتى الآن ليس للخطة فقط ولكن لفكرة السلام نفسها". وتابع " إذا كانت هذه الخطة قد اكتسبت أهميتها من كونها قد تم طرحها أمام مجلس الأمن ، تلك المؤسسة الدولية المنوط بها الحفاظ على الأمن والسلام والإستقرار فى العالم ، فإن الأهمية الأكبر للخطة تكمن فى عاملين أساسيين ، الأول أنها قد طرحت فى مواجهة خطة أمريكية مرتقبة يجمع العالم على تسميتها بصفقة القرن دون أن يعلم عن تفاصيلها التى يتم تسريبها بين الحين والآخر سوى الجانب السلبى لها ، والعامل الثانى أن الخطة اشتملت على تفصيلات متعددة ومطلوبة تراوحت بين مبادئ عامة وثوابت وآليات تفاوض ومرجعيات وهو ما يمنح هذه الخطة أهميتها فى هذه المرحلة". وأردف اللواء محمد ابراهيم " لعل جوهر خطة السلام الفلسطينية فى رأيي تلك الرسالة الحاسمة التى أراد الرئيس أبو مازن أن يوجهها لإسرائيل والولاياتالمتحدة تحديداً ثم للمجتمع الدولى ومفادها أن الشعب الفلسطينى لا يزال يتبنى خيار السلام رغم كل الصعوبات والمعوقات والعقبات التى تضعها التصرفات والإجراءات الإسرائيلية والأمريكية التى تكاد تعصف بأية عملية سلام فى العالم ، وكذا تأكيده على أن الفلسطينيين لازالوا يأملون فى أن يحصلوا على أقل حقوقهم فى إقامة دولتهم عن طريق المفاوضات وتطبيق مقررات الشرعية الدولية". وقال إن المتعمق فى قراءة بنود خطة السلام الفلسطينية يجد أنها لم تتضمن أية مطالب جديدة ، أو بعبارة أكثر وضوحاً لم تشتمل على أية مطالب غير مسبوقة ولم تخرج عن نصوص السلام المسجلة فى كافة الرؤى والمشروعات المطروحة على المستويين الإقليمى والدولى ، بل حرصت الخطة ، حتى تكون منطقية ومقبولة ، على أن تلتزم بكافة الأطر السابقة التى مثلت فى مجملها مقترحات للحل السياسى ووافق عليها المجتمع الدولى فى أكثر من مناسبة. وأضاف إن هذه الخطة تتضمن خطوط حمراء تتمثل في رفض الحلول الجزئية أو الدولة ذات الحدود المؤقتة ورفض أية حلول مفروضة على الشعب الفلسطينى تتناقض مع مقررات الشرعية الدولية ، كما تشتمل على مبادئ وثوابت هي اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 عاصمتها القدسالشرقية ، و حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين على أساس القرار الأممي رقم 194 ، ووفقاً لمبادرة السلام العربية. وتابع أن هذه الخطة تتضمن أيضا مقترحات لتسهيل التفاوض في مقدمتها ضمان أمن الدولتين دون المساس بسيادة واستقلال أى منهما وذلك من خلال وجود طرف ثالث ، وأن القدسالشرقية ستكون مفتوحة أمام أتباع الديانات السماوية الثلاثة (اليهودية والمسيحية والإسلام ) ، والقبول بتبادل طفيف للأراضى بين الدولتين بشرط أن يكون بنفس المثل والقيمة ، عقد اتفاق إقليمى عند التوصل لإتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وأوضح أن الخطة تشمل مطالب ضرورية تتمثل في قيام جميع الأطراف خلال المفاوضات بالتوقف عن اتخاذ أية إجراءات أحادية تؤثر على الوضع النهائى وخاصة سياسة إسرائيل فى مجال الإستيطان ، وتجميد قرار الرئيس ترمب بشأن نقل السفارة الأمريكية للقدس ، وقبول فلسطين دولة كاملة العضوية فى الأممالمتحدة مع الإعتراف المتبادل بينها وبين إسرائيل كأحد مخرجات المؤتمر الدولى المقترح. وتتضمن الخطة ، كآلية تفاوض ، عقد مؤتمر دولى للسلام فى منتصف العام الحالى 2018 ، يستند على قرارات الشرعية وبمشاركة إقليمية ودولية موسعة ، وتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف وبمشاركة الجانبين الرئيسيين فى مفاوضات حل جميع قضايا الوضع النهائى. وقال اللواء محمد ابراهيم إن خطة السلام الفلسطينية المستندة على القرارات الدولية والعربية تهدف فى النهاية الى إقامة الدولة الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة. وتضمنت الخطة وقف سياسة الإستيطان الإسرائيلى المتواصلة التى يتطلب وقفها ضغطاً أمريكياً , وكذا بالنسبة للقرار الأمريكى بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعدم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وأضاف أنه إذا كانت فكرة المؤتمر الدولى أو تشكيل آلية موسعة للتفاوض لن تكون مقبولة إسرائيلياً بشكل قاطع ، وإلى حد ، متعارضة مع الموقف الأمريكى المعلن ، إلا أن هذه الآلية أصبحت مطلوبة حتى ولو نسبياً فى ضوء تحيز الولاياتالمتحدة الواضح لإسرائيل مما يحول بينها وبين كونها الوسيط النزيه أو الشريك الكامل فى المفاوضات ، ولكن من الناحية الواقعية وحتى يمكن تمرير هذه الفكرة ودفع الأطراف للقبول بها فإنى أرى أنه قد يكون من الأفضل أن تتم هذه الآلية فى الإطار التالى : - إطلاق المفاوضات السياسية فى التوقيت الذى تتفق عليه الأطراف وليس متأخراً عن منتصف العام الحالى على أقصى تقدير ، على أن يشهد هذا الانطلاق (الاحتفالى) مشاركة إقليمية ودولية واسعة يتم الاتفاق علي أطرافها. فى أعقاب ذلك ، تبدأ المفاوضات الثنائية المباشرة بين الطرفين الرئيسيين فقط خاصة وأن هناك مفاوضات عديدة سابقة قد تمت من قبل بينهما وشملت كافة قضايا الوضع النهائى ، بل وصلت إلى حلول وسط فى العديد من هذه القضايا مع تحديد إطار زمنى لهذه المفاوضات. تشكيل مرجعية دولية محدودة للغاية وليست موسعة يمكن الرجوع إليها فى حالة تعثر المفاوضات أو الحاجة لمشاورات أوسع من إطار التفاوض الثنائى . إعطاء الولاياتالمتحدة دوراً مميزاً فى مرجعيات التفاوض يتم الإتفاق على طبيعة هذا الدور خاصة فى ظل علاقاتها المتفردة مع إسرائيل والقناعة بعدم إمكانية الوصول لإتفاق سلام دون وجود أمريكى خاص . واختتم اللواء محمد ابراهيم مقاله بالتأكيد على أن الرئيس أبو مازن قد نجح فى التأكيد ، من الناحية العملية ، على مدى تمسك الفلسطينيين بالسلام كخيار إستراتيجى من خلال طرح خطة سلام سيتم بحث بنودها وتفصيلاتها خلال العملية التفاوضية التى سوف تشهد معركة سياسية شديدة الشراسة تستخدم فيها كل كروت القوة التى يمتلكها كل طرف ، ولكن ما يمكن قوله فى هذا الشأن أن هذه الخطة تعد صالحة تماماً لأن تكون نقطة إنطلاق لمفاوضات جديدة وجادة ومثمرة حتى يكون عام 2018 عام إقامة الدولة الفلسطينية. وأضاف " إن المطلوب الآن يتمثل فى ضرورة إسراع الدول العربية بتبنى هذه الخطة ومحاولة تسويقها قدر المستطاع كمدخل لإستئناف المفاوضات وحل القضية الفلسطينية وذلك حتى لا تكون الخطة مجرد خطاب تم إلقاؤه فى مجلس الأمن وحاز على ردود فعل إيجابية أو غير ذلك ، وأعتقد أن منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة سيكون هو المدخل الصحيح والوحيد إذا ما أرادت إسرائيل أن تحظى بالسلام الكامل مع الدول العربية كلها ".