تعتبر المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا واحدة من أعرق المدارس العليا الفرنسية، التي أنشئت من قبل ميشال دوبريه، ومؤسسها الأول هو الرئيس الراحل شارل ديجول الذي أمر عام 1945 بإنشاء أكاديمية وطنية للشباب في فرنسا، بهدف إعطاء الفرصة للكفاءات من كل الفئات والطبقات الاجتماعية تمهيدًا لتمكينهم من شغل المناصب والوظائف العليا فى مؤسسات الدولة وذلك على أساس الكفاءة لا المحسوبية ولهذا فإنها تعتبر مصنع زعماء وأعلام الدولة الفرنسية، وقد أسست تلك المدرسة العريقة بهدف دمقرطة الوصول إلى المناصب المدنية العليا ، وتقوم باختيار وتدريب كبار المسئولين الفرنسيين.،وهي واحدة من المدارس الفرنسية الأكثر نخبوية، وذلك بسبب معدلات القبول، ولأن الغالبية العظمى من مرشحيها يكونوا قد تخرجوا بالفعل من أفضل المدارس العليا في البلاد مثل مدرسة المعلمين العليا، مدرسة الفنون التطبيقية أو HEC باريس. وهكذا تقف ENA باعتبارها واحدة من رموز الجدارة، جنبا إلى جنب مع غيرها من المدارس العليا، وتقديم الخريجين قدرتها على الوصول إلى مناصب عليا في القطاعين العام والخاص، كما أن المدرسة الوطنية للإدارة تخرج حوالي 80 إلي 90 من الخريجين كل عام ، وقد شيدت تلك المدرسة بباريس ولكن مبناها القديم قد أصبح مبني إداري وتاريخي الآن بعد نقل المدرسة الجديدة إلى مقرها الحالي في ستراسبورغ عاصمة مقاطعة الألزاس شرقي فرنسا، مع الإبقاء على الفرع الباريسي الذي تخصص في تنظيم عدد من الدورات الإدارية القصيرة ، كما تتيح الدراسات بالمدرسة الوطنية للإدارة، المعترف بها دوليا، اكتساب رؤية شاملة بشأن عملية تنظيم الإدارة العامة الفرنسية والدولية وسبل تسييرها، إضافة إلى اكتساب خبرة حول مناهج العمل،ومن منطلق حرصها على تنمية تبادل الخبرات بين الموظفين رفيعي المستوى والقضاة من الفرنسيين والمصريين، تسهم سفارة فرنسا في مصر كل عام في اختيار قضاة مصريين من مجلس الدولة للدراسة بالمدرسة، أما الدراسات بالمدرسة الوطنية للقضاء فهي تسمح للقضاة من الشباب بتحسين معارفهم حول دور المؤسسة القضائية الفرنسية والعملية التنظيمية القائمة بها.ومنذ أكثر من 60 عاما، تقوم المدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا باستقبال الطلاب الأجانب القادمين من مختلف القارات وقد قامت بتأهيل أكثر من 3400 طالب أجنبي من 128 دولة. وتتبع المدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا سياسات خاصة لتأهيل كبار الموظفين الفرنسيين والأجانب في الوظيفة العامّة وتعدّهم لتحمل المسئوليات التي تنتظرهم على الصعيد الوطني والأوروبي والدولي ، ومن أبرز خريجي هذه الأكاديمية الكثير من القادة والوزراء وأصحاب المناصب الرفيعة والكوادر بالدولة الفرنسية منهم الرئيس الأسبق فاليردى جيسكار ديستان ، والرئيس الأسبق جاك شيراك، والرئيس السابق فرانسوا هولا ند ، الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون ، والكثير من كبار موظفي الدولة ورؤوس أهم مؤسساتها الإدارية والصناعية والثقافية والعلمية والجامعية، عدا عن البرلمانيين وأقطاب السلطات التشريعية والقضائية والإقليمية والمحلية، وممثلي الدولة في المحافظات، ومستشاري الرئاسة المقربين، وأعضاء السلك الدبلوماسي والهيئات الدولية. إنهم بالمئات، ناهيك عن الخريجين ممن قدِّر لهم تقلد رئاسة مصارف شهيرة ومنهم محافظو البنك المركزي،وقيادة الكثير من الشركات الكبرى من القطاعين العام والخاص، وعالميًا فقد استقبلت الأكاديمية 3575 طالبًا أجنبيًا على مدار السنوات الماضية ومعظمهم شغلوا مناصب عليا فى بلادهم، كما يتطلب الدخول إليها الحصول مسبقاً على شهادة جامعية، من جهة، ومن جهة أخرى خوض امتحانات القبول من خلال إجراء المسابقات الصعبة التي يندر اجتيازها، ورغم ذلك لا يكفي للمتقدم تجاوزها لأنه ينبغي عليه الحصول علي أعلى الدرجات ليتم قبوله ضمن العدد المحدود من الطلاب الناجحين فى المسابقة ، ومن أبرز خريجي هذه الأكاديمية الكثير من القادة والوزراء وأصحاب المناصب الرفيعة والكوادر بالدولة الفرنسية منهم الرئيس الأسبق فاليردى جيسكار ديستان ، والرئيس الأسبق جاك شيراك، والرئيس السابق فرانسوا هولا ند ، الرئيس الفرنسي الحالي عامًا إيمانويل ماكرون، وعالميًا فقد استقبلت الأكاديمية 3575 طالبًا أجنبيًا على مدار السنوات الماضية ومعظمهم شغلوا مناصب عليا فى بلادهم، ومن بين كل الدفعات، تحظى دفعة فولتير التي تخرجت عام 1980، بشهرة استثنائية. والسبب أنها تضم رئيساً للجمهورية هو فرنسوا هولا ند، و«شبه رئيسة» هي سيجلين روايال، رفيقته السابقة وأم أولادهما، وأيضاً رئيس وزراء أسبق هو دومينيك دو فيلبان ، وجرت العادة أن تمنح المدرسة الوطنية للإدارة تسمية لكل دفعة، وتعمل بدقة على اختيارا سم شخصية من الشخصيات التي أسهمت تاريخيا بنجاحات متميزة في مجال العلم والأدب وفى مجال الفنون والسياسة وغيرها. وغالبا ما تختار من أعلام التراث والتاريخ الفرنسي . وأيضا إطلاق اسم بعض الدفعات على بعضا من رموز الشخصيات العالمية التي تركت بصماتها وإبداعاتها للبشرية ولهذا تعتبر المدرسة الوطنية للإدارة هي القمة فى مجال الدراسات العليا المتخصصة بفرنسا. ومجرد التوصل إلى اجتياز مسابقة الدخول إليها يعتبر مدعاة للفخر، كما أن نيل شهادتها يعنى ترقب اعتلاء مكانة مرموقة بالدولة .
وقد زار مصر الأسبوع الماضي السيد باتريك جيرارد مدير المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة ولمدة يومين بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار التعاون مع الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب،وانطلاق التعاون فى تأهيل الشباب مع فرنسا ، وخلال تلك الزيارة التقي السيد باتريك جيرارد مع الرئيس عبد الفتاح السيسى ومع وزيرة التخطيط والمتابعة ، كما عقد رئيس المدرسة الوطنية الفرنسية لقاءً مفتوحاً مع شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة ، وتعتبر تلك الزيارة الأولي له خارج فرنسا منذ تعيينه في هذا المنصب منذ أغسطس الماضي 2017 ،ولأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسئ يؤمن بأهمية دور الشباب فى بناء المستقبل ومدى حرصه على الالتقاء بالشباب والكفاءات من داخل مصر وخارجها ، والعمل على الارتقاء والاهتمام بالمواهب المصرية في شتي المجالات وانفتاحه على تطوير التعليم والبحث العلمي والاستفادة من تجارب الدول، وأهمية تخريج الكفاءات المؤهلة لقيادة وبناء مصر فى الحاضر والمستقبل ، وبدافع من حرصه لتحقيق هذا الهدف أصدر القرار الجمهوري رقم 434 لسنة 2017 بإنشاء الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، وتهدف الأكاديمية إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بكافة قطاعات الدولة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم، ومن المقرر أن تبدأ الأكاديمية عملها اعتبارا من بداية شهر أكتوبر المقبل 2018، وقد جاء قرار سيادته لإنشاء الأكاديمية الوطنية المصرية التي تتبعه مباشرة، كأحد توجيهات المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي عقد في شهر نوفمبر بشرم الشيخ عام 2016 ،ولهذا فقد التقي الرئيس عبد الفتاح السيسى، الأحد الماضي الموافق 17 من فبراير الجاري مع السيد باتريك جيرارد، رئيس المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة ENA ، وذلك بحضور الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري والقائم بأعمال رئيس المخابرات العامة، فضلاً عن السفير الفرنسي بالقاهرة، من اجل الاستفادة من خبرات تلك المدرسة العريقة بهدف تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بكل قطاعات الدولة بمصر والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم، ولحقيق ذلك فان مصر سوف تستعين بعدد من الهيئات والمؤسسات العلمية الدولية التي تخرج فيها عدد من القادة والمسئولين ممن تولوا مناصب رفيعة في كل دول العالم وعلي رأسها التجربة العريقة للمدرسة الفرنسية للإدارة ، وأكد الرئيس السيسى خلال اللقاء بتأكيده علي تطلع مصر للاستفادة من خبرة المدرسة الوطنية الفرنسية عن طريق إنشاء شراكة كاملة مع الأكاديمية المصرية للشباب، لإعداد كوادر إدارية مدربة على أعلى مستوى علمي، بحيث تصبح الأكاديمية المصرية هي المصدر الرئيسي لاختيار القيادات وكبار المسئولين في الدولة بشكل متجرد وفق معايير الكفاءة وتكافؤ الفرص، ولتزويد الجهاز الإداري المصري باحتياجاته من الموارد البشرية المدربة وفق أفضل المناهج العلمية، بما يساهم في إنشاء منظومة متكاملة لإدارة الدولة تتسم بالاستدامة والإدراك العميق لمتطلبات مستقبل التنمية حتى تستعيد مصر تاريخها ومكانتها التي تليق بها وهوا لهدف الذي يؤمن ويعمل على تحقيقه بكل عزم وجدية الرئيس السيسي. وفي حينه أعرب السيد جيرارد عن سعادته بتلك الزيارة مؤكداً بعمله على تدعيم التعاون المشترك لتدريب الشباب المصري لتولي المناصب الإدارية بما يساهم في تقدم ورفعة وطنهم، ومشيراً إلى أهمية التعاون المصري الفرنسي في هذا المجال والذي يأتي في إطار العلاقات المتميزة والروابط التاريخية بين البلدين ، كما عبر عن تقديره للمستوى المتميز للشباب المصري الذين التقي بهم في الأكاديمية المصرية،مشيرا إلي أن تجارب نماذج المحاكاة التي اطلع عليها في إطار تلك البرامج توازي ما يتم تطبيقه في المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة، مما يدل علي نجاح تجربة البرامج الرئاسية لتأهيل الشباب والكوادر الحكومية الجاري تنفيذها وفقا لرؤية الرئيس في الوقت الحالي، إلى أن تجارب نماذج المحاكاة التي اطلع عليها في إطار تلك البرامج توازي ما يتم تطبيقه في المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة وبما يبشر بالمستقبل الباهر والخير الكثير المرتقب لمصر بسواعد وخبرات وعقول شبابها.