هو الراحل الشيخ أحمد محمد عامر أحد أجود وعمالقة القراء فى تاريخ الأداء القرآني والتواشيح الدينية فى مصر والعالم الإسلامي، بعد أن أسس لنفسه مدرسة فريدة فى قراءة القرآن الكريم، سلك فيها طريقا خاصا بعيدا عن موجات التقليد فكان بحق امتدادا قويا لجيل عمالقة قراء القرآن الكريم ترتيلا وتجويدا ، لما لا وقد ترك إرثا وكنزا ثمينا فى ترتيل وتجويد القرآن الكريم مازال يسعدنا بحسه المرهف مع قوة فى الأداء، وبراعة فى التنقل بين الآيات بطريقة لم يتفوق فيها عليه احد، مما كتب له القبول والنفاذ إلى القلوب والأذن،وقد ساعده على ذلك أدبه الجم وتعامله مع غيره فى ود وكرم وحب. وُلد الشيخ أحمد محمد عامر في قرية العساكرة بالصالحية مركز فاقوس بمحافظة الشرقية شمال مصر في 3 مايو عام 1927، حفظ القرآن صغيرًا في كتاب القرية ، لينشأ على حب وحفظ وتلاوة القرآن الكريم، وكان والده الشيخ محمد عامر من أهل القرآن ولهذا الحق ابنه بكتاب الشيخ عبد الله بقرية الأخيوة وأتم حفظ القرآن الكريم وعمره لا يتجاوز الحادية عشرة، وبعد جهد ه وتنقله بالقرى والمحافظات المصرية من اجل تعليم وحفظ وتجويد ومعرفة أحكام القرآن ومن ذلك انه أكمل تعلم القراءات على يد الشيخ عبد السلام الشرباصى جد الشيخ محمد خاطر مفتى الديار المصرية الأسبق فى محافظة الدقهلية، وفى الثالثة عشرة، أتم تجويد القرآن الكريم بأحكامه وتعلم القراءات السبع، ليطلق عليه أهل قريته لقب الشيخ ، ذاع صيته فى أنحاء محافظة الشرقية والبلاد والقرى المجاورة، ليتقدم بعد ذلك لاختبارات الإذاعة و ينجح بامتياز عام ويلتحق بالإذاعة عام 1963 ، وخلال عمره المعطاء والمديد فى عالم القرآن والتواشيح سافر إلى معظم الدول الإسلامية قارئًا للقرآن الكريم ومشاركا في لجان التحكيم في بعض المسابقات الدولية ، كانت أولها زيارة للسودان عام 1958 ، وسافر إلى فلسطين عام 1959، وفي 1969 سافر إلى فرنسا ، كما تعددت زياراته للمراكز الإسلامية لإحياء ليالي شهر رمضان ، وسافر إلى أمريكا والبرازيل وإنجلترا، إلى جانب دول الخليج ودول المغرب العربي. وحصل خلال رحلاته الخارجية على العديد من شهادات التقدير كما منحه الملك علي شاه ملك ماليزيا وسام التقدير عام 1970،ومن سفرياته الخارجية الشهيرة سفره إلى السودان فى أول بعثة من وزارة الأوقاف المصرية بصحبة الشيخ الجليل محمد الغزالي و الشيخ محمود عبد الحكم ، وتوالت رحلاته لقراءة القرآن الكريم فى البلاد العربية ، ومنها فلسطين و سوريا والسعودية، ومنها إلى أوروبا و أمريكا و دول آسيا ، حيث طاف بكتاب الله جميع أنحاء العالم والتردد على لندن لما يزيد عن منذ 27 عاما لتلاوة القرآن الكريم وإمتاع الجاليات الإسلامية وبخاصة خلال رمضان، ولهذا فقد حصل الشيخ الراحل على عدد كبير من الأوسمة و الجوائز العالمية ، منها وسام ملك ماليزيا عام 1972 ليرأس لجنة تحكيم القرآن الكريم الدولية فى ماليزيا. ماذا قال الرواد والقراء عن الشيخ أحمد محمد عامر؟ أقر القارئ الطبيب أحمد نعينع بأنه من كبار قراء القرآن في مصر والعالم الإسلامي، وقال إنني برحيله فقدت الأب والأستاذ، حيث كان بمنزلة الأب لي، وأيضا فقدت الأستاذ حيث كنت تلميذا له فى عالم التلاوة، لقد تعلمت منه الكثير والكثير، فهو من الرعيل الأول الذين أتقنوا التلاوة بحب وأمانة دون إفراط أو تفريط، لقد كان حينما يقرأ يخرج القرآن من ثناياه غضا طريا كما أنزله الله سبحانه وتعالى،وأشار إلى أنه ظل برغم تقدمه فى العمر يحتفظ بقوة وجمال وعذوبة صوته الذي لم يتعب، بل كان يزداد حلاوة وجمالا ورونقا وخشوعا، حيث احتفظ بصوته سليما إلى النهاية، وما ذاك إلا انه كان يراعى ويتقى الله فى قراءته للقرآن، فحفظ الله له صوته إلى أن لقي ربه فكان يحب جميع قارئي كتاب الله تعالى ماعدا القراء الذين يتلاعبون بالأحكام فى أثناء التلاوة و كان يغضب لذلك كثيرا ويخشى على تاريخ التلاوة الصحيحة والإرث القرآني ، كما انه يرحمه الله كان يؤدى جميع المقامات الموسيقية بقرارها وجوابها ووسطها، دون إخلال بأحكام تلاوة القرآن، فكان الحكم القرآني يخرج مع النغمة والمقام يدا بيد، ومما يدل على تلاوته النافذة إلى القلوب والآذان، أنه كان يقرأ من أي موضع من مواضع القرآن فى أي وقت ودون تحضير، مما يشير إلى قوة ومتانة حفظه وأيضا ثقة فى نفسه وصوته، رحم الله الشيخ أحمد محمد عامر رحمة واسعة وبوأه من الجنة نزلا ومقعدا. يذكر أن الشيخ رحمه الله كان عضوا في مقرأة مسجد الإمام الحسين التي يرأسها فضيلة الدكتور أحمد عيسى المعصراوي ، وقد توفى الشيخ أحمد محمد عامر فى يوم 11 من جمادى الأولى 1437 ه الموافق 20 فبراير 2016 م الذي يوافق الذكري الثانية علي رحيله اليوم، عن عمر يناهز 89 عاما، حيث نعت النقابة العامة الشيخ الراحل فى بيان لها ، وتم دفنه رحمه الله واسكنه فسيح جناته بمسقط رأسه بالشرقية.