سيطر الخلاف طيلة الأسبوع الماضي بين مختلف القوي السياسية علي خلفية إعلان تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، التي تشكلت من 100 عضو من بينهم 50 من أعضاء البرلمان، وجاءت الأغلبية من حزبي الحرية والعدالة والنور، ووصلت هذه الخلافات إلي حد انسحاب عدد من القوي السياسية والشخصيات العامة من هذه اللجنة، وإعلانهم تشكيل جمعية موازية لكتابة دستور جديد أطلقوا عليه 'الدستور الموازي'، مؤكدين أن علي الشعب أن يختار بين الدستور الأصلي أو الموازي.. ولكن كيف سيتم تنفيذ هذا الإجراء من وجهة نظر القوي السياسية المعترضة علي تشكيل الجمعية التأسيسية؟ وما الطرق الشرعية التي يمكن من خلالها إقناع الرأي العام بهذا الأمر؟ عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أشار إلي أن تشكيل الجمعية التأسيسية بالطريقة التي تم بها مرفوض، وأن حزبه لن ينسحب فقط من الجمعية ولكن سيشارك في الجمعية الموازية أو الشعبية، تلك الجمعية ستمثل الشعب المصري وستضع دستورًا يحقق أهداف الثورة ويعبر عن شعاراتها: 'كرامة - حرية - عدالة اجتماعية' ويليق أيضًا بالقرن ال21. وأكد 'شكر' أنه لابد من تضافر جهود القوي السياسية للخروج من هذا المأزق المسئول عنه 'من وجهة نظره' الإخوان والمجلس العسكري، وذلك بوضع دستور لكل المصريين لا يعتمد علي التمييز بين عرق أو جنس أو دين أو طبقة اجتماعية معينة. وأضاف أن الدستور الجديد سيعرض علي الشعب من خلال نشره في وسائل الإعلام المختلفة، وعمل مؤتمرات جماهيرية للإعلان عنه والتعريف به. وأوضح 'شكر' أن هذه اللجنة الموازية هي إحدي وسائل الضغط علي اللجنة الرسمية حيث إن العمل السياسي يحمل في جوهره طرح البدائل علي الشعب، ولهذا قاموا بتشكيل اللجنة الموازية من أجل تقديم بدائل للشعب في شكل عمل سياسي شعبي. أما النائب زياد بهاء الدين رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فأكد انسحاب الحزب من اللجنة التأسيسية مشيرًا إلي أن قرار الانسحاب ليس قرارًا سلبيًا وإنما موقف إيجابي اتخذه الحزب من أجل أن يكتب الشعب المصري بكل أطيافه دستوره، الذي تريد الجمعية التأسيسية الرسمية كتابته بطريقة لا تتلاءم مع التوافق الذي نسعي إليه بعد ثورة 25 يناير. وبالنسبة للجمعية التأسيسية الموازية فهي من وجهة نظره ستشكل ليس فقط من أفضل أساتذة القانون والاقتصاد والاجتماع، ولكن من تيارات المجتمع المصري المختلفة، وبعد تشكيلها ستصبح ممثلة للشعب بأكمله وستضع دستورًا لكل المصريين، وبذلك يكون قرار الانسحاب من أجل ضمان حق كل المصريين في كتابة دستورهم. وأكد الدكتور عاطف مغاوري من حزب التجمع أن الحزب يري اللجنة التأسيسية التي صوت عليها الإخوان في البرلمان محاولة لاحتكار هذا الوطن وتصرفًا آثمًا للإجهاز علي التعايش السلمي في مصر، كما أن هذا يعتبر محاولة لتقسيم الوطن بين معسكري الكفر والإيمان علي ورقة مكتوب بها كلمتان هما: 'نعم' و'لا'، ولهذا السبب فإن الحزب أعلن مقاطعته للجمعية التأسيسية. وأتفق معه نبيل زكي المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع قائلا: المحكمة الدستورية العليا ستقف إلي جانب الحكم الذي أصدرته عام 1994م، بعدم جواز أن تنفرد إحدي السلطات الثلاث: القضائية والتشريعية والتنفيذية بوضع الدستور، لأن الدستور هو الذي ينشئ هذه السلطات وبالتالي ستسقط شرعية البرلمان نفسه الذي وضع دستور الأغلبية وليس دستور الأمة، فالأغلبية متغيرة والدستور يبقي لأجيال، كما أن دور الأقلية لا يقل أهمية عن دور الأغلبية. وأضاف 'زكي' أن انسحاب كل القوي التي لا تنتمي إلي تيار الأغلبية يجعل أي دستور تضعه الأغلبية سيولد ميتًا ولن يعترف به الشعب، وفكرة الجمعية التأسيسية الموازية جاءت من عدم تمثيل الجمعية الرسمية لشباب الثورة أو المرأة أو المسيحيين، إذ تقوم الشخصيات والقوي المنسحبة بعمل جمعية تأسيسية موازية، ستفتح أبوابها أمام جميع الأحزاب والنقابات العمالية والمهنية واتحادات شباب الثورة والمرأة والمسيحيين والفلاحين، ثم ستضع دستورًا موازيًا سيطرح مع الدستور الرسمي وسيتم عمل استفتاء عليه والشعب هو الذي سيختار. واختلف معهم حسين الشربيني مساعد أول رئيس حزب الغد حيث يري أنه يجب إعطاء الفرصة للجمعية التأسيسية لنري ماذا ستفعل ثم نحكم عليها، كما أنه ليس مع فكرة الجمعية التأسيسية الموازية ويعتقد أنه ليس لها فاعلية كما أنها ليست قانونية، وقد تم عمل برلمان مواز من قبل، وحينها قال الرئيس المخلوع 'خليهم يتسلوا'، لذلك يري أن هذه الفكرة ستفشل ولن تجد قبولا شعبيًا، أما بالنسبة لحزب الغد فحتي الآن لم يقرر هل سيشارك في الجمعية الموازية أم لا؟. ومن جانبه قال مجدي زعبل الأمين العام لحزب الكرامة إن من شكلوا الجمعية يحاولون وأد الثورة المصرية، ولهذا السبب انسحب حزب الكرامة من الجمعية، ليس هذا فقط بل سينضم للجمعية الموازية وسيسهم في كتابة الدستور الموازي، وسيتم ذلك باختيار 500 شخصية تمثل الشعب المصري في برلمان الثورة، ثم يتم انتخاب 100 شخص منهم للجمعية الموازية ليقوموا بوضع الدستور الصحيح الذي يخرج بنا من هذه المرحلة الحرجة. وأعرب الفقيه الدستوري محمد نور فرحات عن مخاوفه التي تجد أدلة تؤيدها في الواقع من أن محاولة احتكار كتابة الدستور تهدف للتربص بالدستور المصري، مما يجعل هناك عدة أمور مهددة وهي مدنية الدولة ووضع المرأة والأقليات والحقوق والحريات العامة في الدستور، وكذلك تأمين مبدأ تداول السلطة، مما يدعو لضرورة تشكيل جمعية تأسيسية موازية تنبع من ضمير مصر وتشكل من أساتذة وفقهاء الدستور وممثلي جميع القوي السياسية الذين يختارون علي قدم المساواة وممثلين من جميع الجماعات المهنية ومنظمات المجتمع والمناطق الجغرافية والنساء والأقباط بنسبة وجودهم في المجتمع، ويقوم هؤلاء بوضع الدستور الصحيح الذي يعبر عن كل المصريين.