هل أصبحت بيوتنا أوكارًا لتقاليد غريبة علينا؟ وتحولت إلى واقع تفرضه الحياة العصرية؟ وهل نحن متخلفون عن العصر إذا رفضنا ما دار فى مسلسل «سابع جار» أو «سابع عار»، كما ذكره البعض؟ أم أن علينا أن نؤمن بحرية الإبداع حتى ولو قدمت لنا الابتذال فى صورة مغلفة بدفء العائلة، ولمن يطالبوننا بذلك نقول إن الإبداع مطلوب ولكن بشرط ألا يضرب ثوابت المجتمع وأن هناك فرقًا بين الدراما فى السينما التى نذهب إليها بإرادتنا ونحن نوافق على محاذيرها سواء بمنع اصطحاب أطفالنا أو مشاهدة مناظر مبتذلة عكس الدراما التليفزيونية التى تقتحم البيوت بدون «تذكرة» مدفوعة مسبقًا. ويأتى مسلسل «سابع جار» على رأس القائمة ويشارك فى بطولته دلال عبد العزيز، وشيرين، وهانى عادل، وأسامة عباس، وهيدى كرم، وسارة عبد الرحمن، ورحمة حسن، ومحمد علاء، ودعاء حجازى، وصفاء جلال.. ومن تأليف وسيناريو وإخراج هبة يسرى، ويشارك فى الإخراج أيضًا أيتن أمين ونادين خان. والمخرجات الثلاثة قيل إنهم من الواعدات فى فن السينما، فهبة يسرى قامت بإخراج وتمثيل وكتابة فيلم «عشق آخر» الذى يحكى قصة حياتها وحصلت به على جائزة لجنة التحكيم بساقية الصاوى وشاركت به فى مهرجان فيينا الدولى كما شاركت فى التمثيل فى فيلم فيلا 69 الذى أخرجته أيتن أمين, أما نادين خان فحصلت من خلال تجربتها الإخراجية «هرج ومرج» عام 2013 على جائزة دبى السينمائية ولكن يبدو أن المخرجات الثلاث قررن اقتحام مجال الدراما التليفزيونية الأسرع انتشارًا وتحقيقًا للأرباح ليتم إنتاج المسلسل من خلال شركة The Producers، ويُعرض بشكل حصرى على شاشة «CBC» التى أعلنت فجأة منذ أيام أنها ستتوقف عن اذاعة باقى الحلقات بسبب احتفالات عيد الميلاد فى حين تردد أنّ الرقابة رفضت السماح بعرض باقى الحلقات، نظرًا لجرأة بعض المشاهد وطرح أفكار مخالفة تصطدم بالمجتمع المصرى، فيما تؤكد الشركة المنتجة أنها قررت استثمار نجاح المسلسل وبدأت تصوير حلقات جديدة، ليصل إلى 60 حلقة وأن عرض باقى الحلقات سيبدأ من 4 فبراير القادم، على شاشة CBC. بعد أن حقق المسلسل أكبر نسبة مشاهدة، حتى أنّ صُنّاعه احتفلوا بوصول عدد المشاهدات على يوتيوب إلى 9 ملايين مشاهدة فى الحلقات الأولى. وبغض النظر عما تردد من وقف المسلسل أو استمرار عرضه أو نسبة مشاهداته المرتفعة فإن حدة الرفض للمسلسل نفسه مستمرة خاصة بعد الكم الكبير من الابتذال الأخلاقى الذى قدمته الحلقات والذى دافع عنه البعض بأنه يمثل صورة حقيقية لما يدور فى بيوت مصرية كثيرة وأن المسلسل قدم أنماطًا مختلفة من الأشخاص، لا يجمعهم سوى سكنهم معًا فى نفس المبنى، فى أحد شوارع ضاحية المعادى. فهناك العائلة التى يعانى فيها الزوج من الاكتئاب المرضى، وعائلة أخرى يعانى فيها الزوجان حالة الملل ووضع كل اهتمامهما بالأبناء، وثالثة كل هدفها أن يتزوج الأبناء ويعيشون بطريقة تشبه الآخرين، وفتاة متحررة، وأخرى لا تعلم ما الهدف من حياتها، ورجل مسن يعيش وحيدًا بعد وفاة زوجته وسفر ابنه، كما ترون أشخاصًا قد نرى أنفسنا فيهم بشكل أو بآخر. وهذه النماذج قد لا نختلف على أنها موجودة فى المجتمع المصرى ولكن هل هى موجودة بنفس السياق الذى قدمه المسلسل والذى قدم لنا الحرية فى كل شىء من أول تفاصيل العلاقات حتى الاقامة لبنت لوحدها فى شقة واجتماع شاب وشابة فى شقة واحدة، مغلقة النوافذ والابواب، دون ان تثور شهوته او شهوتها، ودون ان يكون الشيطان ثالثهما، وهل كل زوج وسيم يترك زوجة جميلة وطفلين ليقيم علاقة كاملة مع امرأة اخرى، بصورة عادية وما بين المشهدين يقدم لنا المسلسل تناول الخمر بكثرة وكأنه عصير برتقال أو ليمون وكأن البيوت المصرية أصبح من ضمن أساسياتها وجود «البار». كذلك التدخين الشره لكل من فى المسلسل رجالًا ونساء، وأعتقد أن هناك قرارًا من وزارة البيئة بمنع التدخين فى المسلسلات لأنه «يدمر الصحة» ولكن المسلسل قدم لنا التدخين بصورة أخرى من خلال الفتاة المدخنة «هبة» سارة عبد الرحمن، الرافضة للحياة الروتينية التى تتمتع بتفكير خاص بها وبعالمها، وتحاول دائمًا البحث عن معيشة تشبهها، وتجربة أشياء جديدة، إلى جانب مظهرها الخاص وقناعتها. صدمنا المسلسل بنموذج الفتاة التى تسعى للزواج من أجل الإنجاب فقط ليجعلنا نتقبل فكرة «السينجل ماذر» ثم يقدم لنا بكل هدوء قصة حمل فتاة دون زواج من شاب متزوج ثم إسقاط الجنين لعدم التوافق بينهما. ولم نفق من الصدمة إلا على أخرى تظهر فى الشاب الذى يرى شقيقته فى سيارة خاصة بمفردها مع شاب ثم يركب معهما لتوصيله، لتسأل نفسك هل هذا يحدث فعلًا فى مصر. وهل وصلنا إلى الحد الذى تترك زوجة بيتها فى منتصف الليل وترحل دون أن تخبر زوجها أنها قررت الارتباط بغيره دون أن يثور الزوج أو يغضب لشرفه.