يوم الأربعاء الماضى، وقع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مرسوما بنقل سفارة بلاده لدى إسرائيل إلى مدينة القدسالمحتلة، وهذا القرار يؤكد من جديد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية دولة مارقة على القانون الدولى، وتضرب عرض الحائط بكل المواثيق والقرارات الدولية. فقد جاء قرار ترامب المشئوم الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال وتفنيده لمزاعم دينية مغلوطة وحديثة عن تاريخ القدس وبناء أجداد وآباء اليهود للقدس وزعمه بوجود الهيكل أسفل المسجد الأقصى وأحقية الكيان الصهيوني بالقدس، كل هذا يؤكد تبنيه للخطاب الديني اليهودي بشأن مزاعم الحقوق التاريخية في القدس، وهو ما يؤشر الى أن ترامب قد حول دفة الصراع من صراع سياسي الي صراع ديني محاولا تجسيد مزاعم الحق الديني، ويؤكد هامشية القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقات المبرمة والموقعة لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية. والقدس لم تكن يهودية على الاطلاق وعروبتها تضرب في أعماق التاريخ لأكثر من ستين قرنا حيث بناها العرب البيوسيون في الألف الرابع قبل الميلاد أي قبل عصر أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام بواحد وعشرين قرنا وقبل ظهور اليهودية التي هي شريعة موسى عليه السلام بسبعة وعشرين قرنا، إذا كان تاريخ القدس قد شهد العديد من الغزوات والغزاة فإن عبرة التاريخ تؤكد دائما أن كل الغزاة قد عملوا على احتكار هذه المدينة ونسبتها لأنفسهم دون الآخرين، صنع ذلك البابليون والإغريق والرومان وكذلك الصليبيون، ثم الصهاينة الذين يسيرون على طريق هؤلاء الغزاة ويعملون الآن على تهويدها واحتكارها. ما فعله ترامب إنما يمثل خرقا للاتفاقيات والقوانين والأعراف الدولية التي تحرم وتجرم أي تغيير لطبيعة الارض والسكان والهوية في الأراضي المحتلة ومن ثم فإن تهويد القدس فاقد للشرعية القانونية فضلا عن مخالفته لحقائق التاريخ التي تعلن عروبة القدس. القدس ليست فقط مجرد أرض محتلة وإنما هي قبل ذلك وبعده حرم إسلامي مسيحي مقدس، وقضيتها ليست فقط قضية وطنية فلسطيينية أو عربية، بل هي قضية عقائدية تؤجج مشاعر ملايين المسلمين والمسيحيين على السواء في ربوع العالم، هذا القرار لم يكن حدث عادى لكنه حدث استثنائى وفارق فى تاريخ القضية الفلسطيينية حيث انتقل العدوان من احتلال الأرض إلى طمس الهوية والذاكرة والتاريخ .